-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

المواجهة القادمة مع جغرافية “فرانس ـ آفريك”

حبيب راشدين
  • 1124
  • 2
المواجهة القادمة مع جغرافية “فرانس ـ آفريك”
ح.م

من جريدة “لوموند” إلى “جون آفريك” مروراً بالمواقع والصحف المغربية، نُقل الخبر بنبرة فيها كثيرٌ من التهويل حول “استدعاء” الجارة مالي لسفيرها وقنصلها بالجزائر “احتجاجا” على ما قيل على لسان وزير الخارجية المالي أنها معاملاتٌ جزائرية غير مقبولة للمهاجرين الماليين المرحَّلين، وتداول صور وفيديوهات لأعمال الشغب التي تعرضت لها السفارة الجزائرية بباماكو الاثنين الماضي.
وبالعودة إلى الحادث المرتبط بتبعات تعاظم حركة عبور المهاجرين الأفارقة عبر مالي والنيجر، فإن نفس القنوات الإعلامية المرتبطة بفرنسا والمغرب، لم تتوقف عن الترويج لما تصفه بـ”المعاملات السيئة؟!” التي يتعرض لها المهاجرون الأفارقة بالجزائر، ذهبت إلى حد اتهام الجزائر دولة وشعبا بـ”العنصرية؟!”، تندرج جميعها في سياق الضغط الفرنسي على الحكومة الجزائرية، ومحاولة الزج بالجيش الوطني الشعبي في المستنقع الذي صنعه التدخلُ العسكري الفرنسي في مالي.
في مكان ما، لا يمكن للجزائر أن تتعامل مع هذه الحملة بعدم جدّية، بالنظر إلى رهانات أصحابها، وعلى رأسهم فرنسا والمغرب، على عوائد شيْطَنة الجزائر داخل إفريقيا، بتقديمها كبلد مشاكس لجيرانه، غير متعاون في ما يُسمى بـ”الحرب على الإرهاب” متربص بالجار المغربي عبر “تشجيع البوليساريو على استفزاز المملكة”، فيما تتزامن الحملة مع التصعيد الخطير في لهجة ملك المغرب في آخر رسالةٍ له من باريس إلى الأمين العام للأمم المتحدة تحمل خطاب تهديد خطير، لم يسبق له ولا لوالده الاقترابُ منه حتى في زمن الاشتباك المسلح في أمغالة، أو طوال الحرب والاقتتال مع جبهة البوليساريو.
التصعيد الإعلامي السياسي والعسكري بلغ أوجه في الأشهر الثلاثة التي قضاها ملك المغرب في باريس، وقد سبقت استحقاق تداول مجلس الأمن هذا الشهر ملفَّ الصحراء الغربية، كما يأتي متزامنا مع تردي العلاقات الجزائرية الفرنسية، وفشل زيارة ماكرون في استدراك أخطائه وأخطاء سلفه في التعامل المتوازن مع دول المغرب العربي، واستماتة فرنسا في الدفاع دبلوماسيا وسياسيا عن الأطروحة المغربية، بلغت إلى حد إدخال الاتحاد الأوروبي في مخالفةٍ صريحة مع قرارات المحكمة الأوروبية.
شواهد كثيرة تفيد أن فرنسا هي من يقف خلف التصعيد، بعد أن أيقنت استحالة استمالة الجزائر في الملفين الليبي والمالي، وفشل فرنسا في تغيير الموقف الأمريكي من النزاع في الصحراء، وفي صرف حلفائها عن الاهتمام بالسوق الجزائرية، التي تآكلت فيها حصة فرنسا لصالح الصين وإيطاليا وإسبانيا وألمانيا، والإفصاح عن مشاريع طاقوية إيطالية ضخمة بالجزائر من شأنها تعزيز موقع الجزائر التقليدي كمموِّل آمن لأوروبا لعقود قادمة.
على خلاف التصريحات الأخيرة للسيد أويحيى الذي هوَّن من الموقف الفرنسي والمغربي في أعقاب حادث سقوط الطائرة العسكرية، ربّما يحسن بالجزائر أن تعتمد ضمن خياراتها الأمنية والاستراتجية حقيقة أن الجزائر هي على تماسٍّ جغرافي عسكري وأمني مع فرنسا، عبر ما يُسمى بفضاء “فرانس أفريك” الذي يشمل أغلب دول غرب إفريقيا، يضاف إلى الموقع الذي احتفظت به فرنسا في المغرب عبر “اتفاقية إيكس ليبان” التي نقلت المغرب من الوصاية إلى الاستقلال المشروط بالترابط “anceinterdepend”، وأن هذا الموقع يفرض على الجزائر أن تتدبَّر أوضاعها الأمنية غربا وجنوبا مع وجوب افتراض الاشتباك الدائم مع فرنسا في آخر فضائها الحيوي في المنطقة كقوة متراجعة، قد لا يتردد حكامُها في ارتكاب حماقات مثل التي ارتكبها ماكرون مؤخرا في سورية.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
2
  • عبدالحفيظ

    zouhair
    معاهدة اكس ليبان من شروطها بقاء المملكة المغربية تحت وصاية فرنسا مع تواجد عسكري الى يومنا هدا الشيء الدي يدفع فرنسا للدفاع عن امير المؤمنين قدس الله سره كما قال سفير فرنسا في امريكا و هو بدوره يقوم بالمهمات القدرة لها و للصهاينة مع امريكا
    ادا الحاصول هو ان لا نثق ابدا فيه لان تاريخه حافل بالغدر
    شكرا

  • zouhair

    نعم إستقلال مشروط بترك فرنسا تستغل الصحراء بعد الإستقلال في تجاربها النووية المدمرة للبيئة لألاف السنيين بإشعاعات نووية خطيرة أكيد تفهم على من أتحدث . و من إستقلاله مشروط بكارثة بيئية لا تغتفر