-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

المُهرولون الجدد!

قادة بن عمار
  • 2986
  • 5
المُهرولون الجدد!
أسوشيتد برس
مبنى بلدية تل أبيب يضيء بألوان العلم الإماراتي احتفالاً بالإعلان عن إقامة علاقات كاملة بين أبو ظبي والاحتلال الإسرائيلي يوم الخميس 13 أوت 2020

اسوأ من اتفاق التطبيع الإماراتي – الإسرائيلي الذي حصل، محاولة تبريره بأنه جاء لإنقاذ الأراضي الفلسطينية من عملية الضمّ، والواقع أن الضمّ الوحيد الذي تمّ فعلا، هو ضمّ الإمارات رسميا إلى نادي المطبّلين والمطبّعين العرب!

نقول هذا الكلام، وكلّنا خيبة وأسف، لأنّ الواقع المرير الذي نعيشه كأمة، أخطر من أيّ وصف أو تشخيص، أخطر حتّى من تبادل التهم بالخيانة والعمالة، وبيع القضية، أو بالتخلي عن الشرف، وقد تم ذلك فعلا، وأكثر من مرة، بدءاً من احتلال فلسطين ووصولا إلى سقوط بغداد.

خطة الضمّ التي تقول أبو ظبي إن إلغاءها، شكّل ثمن الاتفاق، أعلن نتنياهو عن تجميدها فقط وليس عن وقفها، أي عكس ما يقوله الإماراتيون تماما، فظهر وقحا جدّا في تعامله مع حلفائه الجدد بالمنطقة.. نتن ياهو وقحٌ ومجرم صحيح، لكنه صادقٌ في كلامه وإن كان كذوبا، صادقٌ مع نفسه وضميره، صادقٌ مع شعبه الذي يثور ضدّه في الأراضي المحتلة منذ فترة، ويطالب بطرده من منصبه، بل وبمحاكمته على فضائح فساد، قبل أن تأتيه الهدية الخليجية مجانا، فتحرِّره من عزلته، ليخرج فورا وهو يقول بفخر شديد: إنه حقق انتصارا أفضل من سلفيه بيغن ورابين، فالأول تنازل لمصر من أجل كامب ديفيد، والثاني فعل الأمر ذاته مع الأردن من أجل توقيع اتفاقية وادي عربة، أما هو فحصل على ما يريد دون أن يتنازل عن أيّ شيء!

هذا عن وقاحة العدو، أما عن الجهل المزمن لدى بعض العرب، فقد طال مؤخرا حديثَهم عن خارطة الأعداء، وعن ضرورة إعادة صياغتها مجددا، بشكل لم يعد للصهيوني فيها مكان، بعد ما بات حليفا ونصيرا، أما الأعداء الجدد، فهم ثلاثة بالأساس: إيران وأردوغان وتنظيم الإخوان، وإن سلّمنا فرضا بهذه القائمة، وقلنا إن الأنظمة حرّة في اختيار أعدائها، ولها في ذلك حسابات خاصة وقراءة ثانية، فهل يبرِّر هذا الهرولة للتطبيع مع الكيان المحتل والتحالف معه؟ طبعا لا، فهو تصرّفٌ مرفوض شكلا ومضمونا، ليس من طرف الشعوب فحسب، بل من طرف الأنظمة الرسمية أيضا، وبينها الإمارات، التي وقَّعت على مبادرة السلام العربية في القمة العربية ببيروت سنة 2002، والتي تشترط انسحاب الاحتلال إلى حدود 1967 مقابل التطبيع الشامل.

الغريب أن أبو ظبي التي تتصالح مع حكومة نتنياهو اليوم، تقاطع الفلسطينيين منذ 2014، فلا تبعث لهم أيّ معونات، بل وترفض دعوتهم لأي احتفال رسمي أو نشاط دبلوماسي، فماذا فعل الفلسطينيون ليستحقوا كل هذا؟ وماذا فعل نتنياهو ومعه ترامب لتلقي كلّ هذه الهدايا المجانية؟ هل كانت الإمارات في حالة حرب مثلا مع هذا الكيان الغاصب حتى تعقد صفقة سلام معه؟ هل الخوف من إيران يبرِّر الانخراط في صفقة القرن التي يريدها ترامب عاجلا وليس آجلا؟

محزنٌ جدا ما حدث، ومحزنٌ أيضا إطلاق بعض المحللين ألسنتهم عبر الشاشات المؤيدة لأبو ظبي في محاولة منهم لإقناع الرأي العام بأن العالم قد تغيَّر، وبأن الثوابت سقطت والمبادئ اختلفت، ففلسطين اليوم لم تعُد قضية العرب والمسلمين الأولى، والأقصى لم يعُد رمزا مقدَّسا، بل مجرَّد معبدٍ كبقية المعابد، أما القدس فليست سوى عاصمة ككل العواصم!

العالم اختلف على الجميع، إلا على العدوِّ الصهيوني وعلى أمريكا التي ترعى الاحتلال والاستبداد في المنطقة، فتدعم الأول في خطته بضمّ المزيد من الأراضي، وتدعم الثاني في مسعاه للبقاء أطول مدة ممكنة في السلطة.

رحم الله الشاعر السوري الكبير نزار قباني فقد كتب قصيدته “المهرولون” وضمّنها رؤية استشرافية لما حدث وسيحدث، حين قال في مقدِّمتها: “سقطت آخرُ جدران الحياء.. ففرحنا ورقصنا.. وتباركنا بتوقيع سلام الجبناء.. لم يعُد يُرعبنا شيء، ولا يخجلنا شيء.. فقد يبست فينا عروق الكبرياء”!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
5
  • ali

    مادامت الشعوب الاسلامية مغلوبة على امرها و لا تقرر مصيرها بيدها وتنتخب حكاما شرعيين يحسبون الف حساب لاي سياسة لان الشعب سوف يعاقبهم ... فلا جدوي لاي كلام. كل امتنا من المحيط الى الخليج انتقلت من الاستعمار الخارجي المباشر الى استعمار بالوكالة من طرف عصابات تعمل للقوي الخارجية مقابل حمايتها. وكل القوي الخارجية والقوي الفاسدة الداخلية تعمل ليلا ونهارا وعلنا وسريا على ان هذه الشعوب لن تتحرر وتقرر مصيرها بيدها .... لهذا لا نهضة الينا ولا امل لنا الا بعدما نقضي علي كل قوي الشر الداخلية التي تقف امام تحرير شعوبنا.

  • جزائري.

    النتن ياهو إتفق مع ترامب وليس مع الخائن ابن زايد فبن زايد لايساوي شيء بالنسبة للنتن ياهو , هو مجرد كراكوز... ...لقد بلغ السيل الزبى وانشاء الله اقتربت نهايتهم.

  • elarabi ahmed

    البحث عن مكان تحث الشمس بالأمس قامت دور عربية واسلامية بتأييد الأتحاد السوفياتى عند غزوه لأفغنستان
    والآن نلوم الأمارات على التطبع مع اسرائيل . لم أقرأ مقالا أو تحليل ل أسباب ودوافع الأمارات فى الأقدام على دالك . كل الكتابات شعبوية قطرية . انتهى زمن تضخيم الآنى والتكبر .نحن نعيش زمن التكتلات .ليس مع اسرائيل فقط بل مع من يسكن الفضاء ايضا .

  • نمام

    هل هذا الاتفاق اي وجود الامارات واسرائيل سيكون سدا دون هيمنة كما يزعمون ايران هذه الاتفاقات التي تخرج اهل الحق اي الفلسطنيون وهنا هم من يقرر السلام ودعمهم لكفاحهم من استعادة ارضهم دولة البترو الدولار الناشئة تريد ارضاء غرورها كقوة اقليمية بتدخلها في فضايا عالمية و اقليمية منها مواجهة ايران و التراك حضارات يشهد لها التاريخ وما زاد غرورها تراجع السعودية واصبحت تتدعي انها طرفا عسكريا ولكن ستتحمل اكبر المخاطر من اسرائيل و الولايات المتحدة وتدفع بالعنف من حيث لا تدري لان هناك تفهمات و توازن تاريخي لم تكن موجودة فيه كدولمة وانما هودج على ظهر بعير وهل تتصور بان اسرايل حمل والتطبيع ينهي الاحتلال

  • لمبارك

    ضم الاراضي العربية مؤجل فققط قاليهود لا يعترفون بالعرب علي الاطلاق
    العرب لا قيمة لهم في هذا العالم فقد زالت هيبتهم بسبب ملوك ورؤساء خونة جبناء مرغوا انف الرعية في التراب من اجل عروشهم ومصالحهم الشخصية
    نتنياهو سيواصل عملية الضم واحتلال لمزيد من الاراضي العربية كغور الاردن والضفة الغربية وجنوب لبنان وسيناء لان نتنياهو عنده مشروع وطني يعمل من اجله اما العرب رفلا مشروع ولا ايي شيء
    نتنياهو لا يبالي بالعرب اطلاقا ويفعل ممع ترامب ما يحلو له
    الامارات بتطبييعها هذا اعطت الضوء الاحمر لليهود لاحتلال اراضي عربية جديدة واستباحة الدم العربي
    انه انتحار عربي