-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الهائج والرائج في “من أين لك هذا”؟

جمال لعلامي
  • 1044
  • 1
الهائج والرائج في “من أين لك هذا”؟

حكاية إحصاء “أثرياء الجزائر” وتحديد هوياتهم وممتلكاتهم، تثير الشهية، وتسيل اللعاب، لرسم سلسلة من علامات الاستفهام والتعجّب، أهمّها: من سيحصي من؟ هل ستكون وزارة المالية أو غيرها من الوزارات “أمينة وسيّدة ومنصفة” في كشف الأسماء؟ ما هي مقاييس الثراء؟ من هم الأغنياء؟ هل هناك رقم معيّن يحدّد الغني من الثريّ، والثري من البورجوازي؟
الأكيد، أن “أثرياء الأزمة” هم الذين سيمسكون بطونهم من شدّة الرعب والهلع والخوف و”الخلعة”، فهذا النوع من البورجوازيين الجُدد، هم الذين يجب استفسارهم بسؤال: “من أين لك هذا”؟ لكن السؤال الأولى بالطرح: هل سيُجيب هؤلاء عن من أين لهم هذا وذاك؟
أضحكني أحد المواطنين البسطاء عندما سمعته في الشارع بالصدفة، يردّ على مرافقه، بعد ما سأله وهو ينظر إلى بناية فخمة: “منين راهم أيجيبو في الدراهم؟”، فردّ عليه الثاني بسرعة: “هذا إمّا مرتش أو سارق أو ياكل الحلوف من ذيلو”(..)، ليردّ الآخر: “إذا كان بالحلال ربي يعطينا منين أعطالو، وإذا كان بالحرام الله يبعّد بلادو على بلادنا”!
هذه المقاربة أو المحادثة، تنطبق على عديد النماذج والعيّنات، التي ترسم فعلا علامات استغراب أمام صعود نوع من “المزلوطين” في رمشة عين، رغم أنهم إمّا موظفين أو تجار صغار أو حتى “بطالين”، أو في أحسن الحالات سماسرة أو “بزناسية” معروفون باحتراف تجارة “الشنطة” أو تهريب بضاعة “ممنوعة” عبر “الكابة” في المطار أو الميناء أو الحدود!
بعض الأنشطة “المشبوهة” أصبحت خلال السنوات الأخيرة، تثير الكثير من الشكّ والريبة، في مقدمتها تجارة المخدرات و”الدوفيز” والعقارات، وكلها ميادين يرى عارفون ومختصون بأنها وجه من أوجه تبييض الأموال وفرض التمويه، لتجنب “من أين لك هذا؟”، وتضليل مصالح الرقابة وتغليط أجهزة المراقبة والمحاسبة، وأيضا لإبعاد العين والحسد!
نعم، خمسة في عين الحسّاد، لكن ألا ينبغي فتح النقاش بطريقة جدية ومجدية حول أموال “الشكارة” والاستثمارات الغريبة التي غالبا ما تنتهي بتهريب الملايير أو استعمالها في الممنوعات؟ وما هي حقيقة تضاعف أعداد المستثمرين ورجال المال والأعمال والمستوردين وتجار الجملة وحتى “المهرّبين” الذين حولوا هذا التخصّص إلى نشاط رائج وهائج؟
لن ينجح مسعى إحصاء الأثرياء، ما لم تـُفرض الضرائب على الجميع، وتـُؤمّم الملايير المخزنة والمخبّأة في “الوسادات” وتـُسترجع الأموال النائمة في الأسواق الموازية و”الطراباندو”، ويتمّ استحداث البديل القانوني لبورصة “السكوار”، وتتوقف السجلات النشطة بأسماء الموتى والمجانين، فمن هذا الذي يُمكنه أن يُوقف النزيف ولو عن طريق الكيّ؟

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • mehdi

    من أين لك هذا ؟
    سؤال يطرح يوميا في البلدان التي تحترم نفسها.
    و لهذا اقتنع الكل أن بالعمل و العمل فقط يستطيع المرء تحقيق طموحاته.
    أما عندنا فهذا السؤال لا يطرح كليا و إن طرح فهو مجرد زوبعة في فنجان.
    إن كانوا فعلا جدين فما عليهم إلا محاسبة الجميع، أقول الجميع.
    من برهن و أن ممتلكاته شرعية فألف مبروك له.
    و من لم يستطيع ذلك فما على الدولة العادلة إلا أن تؤمم ممتلكاته و معاقبته.
    بهذه الطريقة فقط نستطيع بناء دولة القانون و العدل.
    المؤسف جدا هو أنآنا بعيدين كل البعد على تحقيق هذا الحلم.