-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الهادي المحيط!

الهادي المحيط!

إلى فضيلة الشيخ الأستاذ الهادي الحسني بمناسبة بلوغه السبعين
ترنُّ رسالةّ على هاتفي فإذا الدكتور الفاضل مالك بوعمرة يستعجلني أن أكتب كلمةً في حق إمام البيان المعاصر في الجزائر، الأستاذِ المجدّد الهادي الحسني حفظه الله، بمناسبة حفل يكرّم فيه ويجمع ما يقال عنه في كتاب، وأجد نفسي مرتبكاً مضطرباً في وضع لا يحسدني عليه إلا من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد!
ذلك أن المغامرة نحو الأستاذ الهادي الحسني ولو بكلمة واحدة أمْرٌ غير مضمون العواقب، بل هو أشبه بالمغامرة صوب “المحيط الهادي” الذي يملأ ثلث مساحة الكرة الأرضية!
فالرجل يغمر مساحات القراءة فينا جمالاً ومتعةً ودرراً يغرفها من بحر لا قرار له، بحرِ القرآن الكريم الذي لا تُعرفُ له ضفةٌ ولا يحُدُّه شاطئ، ومن يعرف الأستاذ الهادي ويجالسه ويسامره ويخالطه يدرك أنه في العربية “المحيط الهادي” بثماره ومكنوناته ودرره، وبجبروته وعواصفه وقوته!
ومثلما تَجنَّبَ المستكشفون الأوائل العجلة في سبر أغوار “المحيط الهادي” عند مطلع القرن السادس عشر، فقد وجدتُّني حَرِياًّ أن أتجنَّبَ استعجال الدكتور الفاضل مالك بوعمرة لي في الكتابة عن رجل في مقام هذا المحيط الهادر!
لقد أجرى المولى عز وجل القرآن الكريم على لسان الأستاذ الهادي كما أجرى الدم في العروق، فلا تخلو له جملة ولا عبارة من تضمين لطائف من كتاب الله تتنزَّل على لسانه مثل الوحي، حتى لكأني بالرجل يحيا مع القرآن ويعيش معه مرافقاً له آناء الليل وأطراف النهار، ثم حباه جلّ وعلا ببداهة فطرية عفوية تجعله يوشّحُ عباراته بخيوطٍ من حرير البيان لا مثيل لها، فاجتمع لديه ما يجتمع في المحيط من درر ونفائس!
والحقيقة أنه مَا مِنْ رجلٍ ـ بعد الإمام البشير الابراهيمي ـ قيّضه الله ليُحْيِيَ لغة القرآن الكريم في الجزائر ويعيدَ إليها رونقها ويُلبِسَها لَبُوسَ العصر غير الأستاذ الحسني، فقد قبض قبضةً من أثر الإمام بوأتهُ مقاماً علياًّ في البيان القرآني الخالد ينبغي أن يَحْتَذِيَ به كل من يريد أن يستقيم لسانه، لاسيّما وأن الله تعالى زاده ـ بالإضافة لما تقدّم ـ بسطةً في الروح لا تقلّ شأواً عن بسطة العلم والجسم التي خصّ الله تعالى بها طالوت، فلا يكاد يخلو له حديثٌ من دعابة أو طرفة أو مُلحة أو نكتة!
سألتُ الأستاذ الهادي مرةّ: لماذا لا يخلو لك مقالٌ من قدحٍ في فرنسا وشتمٍ لها وذمٍّ في أصلها وثلْبٍ في فصلها فأجاب: لاشك ـ وأنت الرجل الحصيف ـ تتمنى لو يغفر الله لك ما تقدم من ذنبك، قلت: نعم، فقال: إذا أردت أن تحقق هذه الأمنية التي لم تتحقق لأحد فاتَّخذْ لنفسك وِرْداً يومياًّ قل فيه: (ناعل دين فرنسا 100 مرة) وثق أن الله ـ حسبما ثبت عن الشيخ عبد الحليم بن سماية ـ سيغفر لك ما تقدم من ذنبك، أما ما تأخر منه فإن دوام قراءة مقالاتي المتواضعة في كشف جرائم فرنسا في حقّنا وفي تاريخنا وفي أسمائنا وفي ألقابنا كفيلٌ بذلك!
وبعد …
فإنني أشكو إليك يا دكتور بوعمرة (وأنت تستعجلني في الكتابة عن الأستاذ الهادي) ضعف قوتي وقلة حيلتي في الاستمرار بالتقدم صوب هذا (الهادي المحيط) الذي يتطلّب الإبحار فيه “سفينة نوح”، وأنا رجل صحراويٌّ لا يحسن السباحة على ضفة نهر فكيف بالعوم في عمق محيط.. واللي خاف سلم!!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!