-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

“الهفّ” لن يوقف العنف!

جمال لعلامي
  • 598
  • 0
“الهفّ” لن يوقف العنف!
أرشيف

للأسف، تطوّرت ظاهرة العنف في الملاعب، من العدوى إلى الوباء، فلا تقلّ خطورة عن الكوليرا أو الطاعون، ولكم أن تتصوّروا كيف تحوّلت الملاعب إلى “خطر على النظام العام”، بمجرّد أن تنطق صافرة الحكم، تندلع شرارة المواجهات بين المناصرين، وقد خرجت هذه الاشتباكات “المسلحة” من شبابيك وقضبان الملاعب، إلى الشوارع والطرقات، وأخطر ما في الحكاية، أن النهاية أحيانا تكون مأساوية بسقوط جرحى وحتى قتلى !
أين هو المشكل والخلل؟ هل هو في “الفاف”؟ في وزارة الشباب والرياضة؟ في الحكّام؟ في اللاعبين؟ في مسيّري ورؤساء الأندية؟ في المناصرين؟ أم في منظومة كروية مريضة؟
المصيبة، أن كلّ طرف “يمسح الموس” في الآخر، وبين المتخاصمين والمتحاربين، تسيل دماء الأبرياء، بسبب جلدة منفوخة تتقاذفها الأرجل 90 دقيقة، قد تنقص وقد تزيد، لتذرف في نهاية المطاف عائلات “محايدة” دموع الحسرة والأسى، وتحلّ لعنة الأحقاد والانتقام والفتن، محلّ روح رياضية يبدو أنها تعرضت للوأد دون أن يتفطن إليها أحد !
عندما تصبح مجرّد لعبة، مصدرا لصناعة الترهيب والهلع والقلق، فإنه الأولى على القائمين على شؤون هذه الكرة المجنونة، أن يوقفوا المباريات والبطولات والمنافسات، إلى أن يستقيم هؤلاء وأولئك، وتمتثل كلّ الأطراف المتحاربة إلى قوانين الرياضة التي تقتضي الأخلاق والتربية وتقبّل الهزيمة، والاحتفال بالنصر من دون عنف ولا تطرّف ولا استفزاز !
ينبغي دقّ ناقوس الخطر، ووقف المواجهة، لأن وقودها وحطبها هم شبان ومراهقون وقصّر وأحيانا أطفال، يعتقدون أنهم يناصرون فريقهم، ولذلك يرخصون لأنفسهم استعمال كلّ الوسائل، الأمر الذي يُوصلهم في كثير من الأحيان إلى طريق مسدود، يهدد حياتهم ويضرّ بسلامتهم، في وقت ينشغل فيه “الكبار”، من مسؤولي النوادي واللاعبين، بعمليات البيع والشراء، وطلب الملايير، والبحث عن الامتيازات ولو كانت فوق الجثث !
صحيح، أن ما يحدث في ملاعبنا خلال السنوات الأخيرة، يجب أن يبقى في خانة الفعل المعزول والفردي، ولا ينبغي تعميمه وصبّ البنزين على النار، لكن الصحيح أيضا أن الانحرافات والانزلاقات والتجاوزات والمواجهات الدامية التي تعصف بهذه الميادين، تتطلب وعيا أكبر وخطة عاجلة لمحاصرة “المرض”، وإن كان البعض يعتقد أن ما يحصل هو بمثابة “التنفيس” عن شرائح واسعة من المجتمع، تـُفرع شحنة غضبها ومكبوتاتها الاجتماعية هناك !
ربما ما يحدث في الملاعب وبالملاعب وباسم الملاعب، هو تحصيل حاصل لجيل وُلد وترعرع خلال عشرية المأساة الوطنية، والضغط الاجتماعي والأسري والاقتصادي والمهني، فأين أنتم أيها الوزراء والخبراء و”العلماء” والنزهاء لوقف النزيف والتوقّف عن التزييف؟

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!