-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الهفّ… وراك موقـّف!

جمال لعلامي
  • 634
  • 0
الهفّ… وراك موقـّف!
أرشيف

ذكـّرني أحد المراقبين المخضرمين، بوال ووزير سابقين، كانا يمارسان “الزعرطة” الإعلامية والشعبوية أمام كاميرات التلفزيون العمومي خلال التسعينيات، فكلما خرجا في نشاط رسمي، أو زيارة عمل وتفقد و”تفتيش فجائية”، سمع المشاهدون والحضور كلمة “راك موقـّف”، في أمرية كان يتلفظ بها الوالي أو الوزير، لمسؤولين ومنتخبين، بتهمة سوء التسيير و”الحقرة” والإهمال والتسيّب واللامبالاة و”الهفّ”!

عقلية أو “خطة” أو استراتيجية “راك موقف”، عادت مؤخرا بقوة، في ظل انتشار وتأثير الفايسبوك واليوتوب وكاميرات القنوات الخاصة، وقد تفطن بعض المسؤولين، منهم ولاة ووزراء، إلى هذا الاختراع التكنولوجي، الذي يُمكنه أن يكون في خدمتهم وتحت تصرّفهم، بدل أن يستغله “خصومهم” في التحريض ضدهم وتأليب الرأي العام!

لكن، مثلما يقول المثل: إذا زاد الشيء عن حدّه انقلب إلى ضدّه، فعملية اللوم والتوبيخ، تحوّلت في أغلب الحالات، إلى استعراضات فلكلورية وتمثيلية، من طرف مسؤولين، أصبحوا يبرعون في إهانة الأقلّ منهم رتبة، والإساءة إليهم، بكلمات جارحة وأصوات مزعجة، باسم الدفاع عن المواطنين، لكن هذا الدفاع ربما يكون أمام الكاميرات والهواتف الذكية فقط!

من المفروض، أن يقول المسؤول الكبير للمسؤول الصغير، ما يُريد، لكن في مكتب مغلق، وخلال الاجتماعات الرسمية، وفي إطار الاحترام المتبادل، وما تفرضه القوانين في مثل هكذا مواقف، أمّا أن تتحول عملية “التأديب” والمحاسبة، إلى شطحات استعراضية “الرجلين ما يقّدولها”، ففي الأمر إنّ وأخواتها، وقد تفقد المحاولة معناها ولن تحقّق هدفها!

لو كان رئيس البلدية، فعلا رئيسا لبلدية، وممثلا وحيدا لمواطنيها، ومنتخبا فوق العادة بقوة الصندوق، هل يتطاول عليه وال أو يتحامل ضده رئيس دائرة، أو حتى وزير؟ ويبقى هو صامتا وكأنه متهم أو مشبوه لا يحقّ له الكلام ولا الدفاع عن نفسه وكرامته، راضيا بالبهدلة ومرضيا بالدور التعيس الذي أريد له أن يلبسه ويظهر به في فيديو هزلي!

هذا لا يعني بأيّ شكل من الأشكال، ولا بأيّ حال من الأحوال، أن المير أو أيّ مسؤول آخر، مُعفى من التأنيب وحتى “التعذيب” عندما “يعميها” أو “يخليها” أو “يدّيها للواد”، لكن للحساب أعراف وللعقاب أخلاق، والأكيد أن المواطن لن يتضامن أو يتعاطف مع من عاث فيها فسادا!

المطلوب الآن، الابتعاد عن خرق القانون في تطبيق القانون، ومحاسبة المسؤول للمسؤول، لا تكون أمام الكاميرات وفي “محكمة” الفايسبوك، وإنّما تكون بما ينبغي أن يكون العتاب والحساب والعقاب، ضمن مجموعة من الضوابط البعيدة كلّ البُعد عن الخدع السينمائية!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!