-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الوحدة شرط الانتصار

صالح عوض
  • 341
  • 0
الوحدة شرط الانتصار
أرشيف

عندما يسيل الدم وتحتدم المعركة تخرس لغة التلاوم والتنابز والاتهامات المتبادلة.. هذه أبجدية العقل والحكمة، ولا يضر قوما في معركة كما يضرهم الاختلاف والتنازع.. إنهم حينذاك يسلمون مفاتيح حصونهم لأعدائهم على طبق من عار وخسة.
هكذا فهم أبطال مسيرة العودة في غزة، وهكذا كانوا صفا واحدا، حيث اندفع أبناء الشعب الفلسطيني في واحدة من أروع تجليات الكفاح الفلسطيني لإعادة الرواية الفلسطينية إلى أصلها وسطرها الأول، فكانت وحدة الحال سببا لا يمكن تجاوزه لوحدة الأداء والصف.. ومن هنا أصبح الحديث عن المصالحة والتمكين ثقافة لمرحلة فائتة، فلقد انزوت كل الرايات من الميدان وارتفعت راية فلسطين فقط وتساقطت كل المقولات والأطروحات والتنازلات في واد سحيق ولم يعد لها أي اعتبار.. ولم تبق إلا مقولة فلسطين الواحدة من رأس الناقورة إلى رفح.
وحدة الصف الفلسطيني مرافق ملتحم بالكفاح وحين يصاب الكفاح بتشظي على تأويلات واجتهادات تتفسخ وحدة الصف ويتوزع الناس على اتجاهات السير فيها يزيدهم تيها وشقاء.. والوحدة ليست عملية نظرية ولا تحتاج إلى مبررات ثقافية أو اجتهادات في صياغات واتفاقيات وتعاهدات.. إن الوحدة تحتاج قضية حقيقية كبيرة ومبادرة بحجم القضية تختصر الجدل وتتجاوز الفتنة.
إن كل الثورات المنتصرة الظافرة لم تحقق غايتها دونما وحدة الصف ولكن هنا لابد من التأكيد على نقطة ارتكاز في هذا الشأن.. إن وحدة الصف لا يمكن أن تتحقق دونما فعل كبير لا يخضع للضباب والتنازل.. فالشعوب التي تؤمن في جدية الوسيلة وجدواها تندفع للالتفاف حولها وتحميها، وعندما تصبح الوسيلة مضيعة وقت ومدعاة للفساد والترف والدعة ينفضُّ الناس إلى اتجاهات عديدة محبطين وقد بلغ منهم اليأس مبلغه.
إنه من غير المنطقي أن ينتظر الشعب تفاهم أحزاب عُرفت بالاختلاف حول التقاسم والتحاصص فيما هو يرى كيف يستفيد العدو من الوقت المختطف في تعميق تغيير الأمر الواقع في القدس والضفة الغربية وإرجاع ملف العودة إلى أرشيف المنظمة الدولية.. هنا جدد الشعب عهده وأبرز يقينه وهتف بالعودة حلا وحيدا لكل مآسيه ونكباته.
كفى عبثا.. هي لسان حال الأبطال المندفعين نحو الحدود الزائلة حول قطاع غزة.. “كفى عبثا” كبيرة تصفع بها مقولات التفسيخ والانقسام ومبرراته.. ولقد سار الشباب في طريق العودة نحو فلسطين لا شيء مقدَّم عندهم على المواجهة والإقدام ولا رأي له كرامة عندهم على حساب فلسطين الواحدة.
مرحلة بكاملها تجيء بشعب ملّ فذلكات أضاعت الوقت ومنحت العدو فرصا إضافية؛ مرحلة تجيء بثوار فدائيين قد عقدوا العزم على العودة.. وهم سائرون إليها صفا واحدا وقد اعتصموا بالكفاح لأنه حبل الله المتين.. وهنا بمقدار تماسك الشعب وشبابه في المواجهات نكون قد حققنا شرطا لا يمكن تحقيق الانتصار من دونه.. “ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!