-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الوزراء يُسجنون أيضا!

جمال لعلامي
  • 562
  • 1
الوزراء يُسجنون أيضا!
ح.م

التدافع والطوابير التي حصلت أمام محكمة سيدي امحمد، الاثنين المنصرم، وقد تتكرّر اليوم، هي مؤشر واضح على الوجع الذي يسكن دواخل الجزائريين ممّن يقفون قلبا وقالبا مع محاربة الفساد والمفسدين، وقد رفعوا في حراكهم شعار: “اكليتو البلاد يا السراقين”!

والحال، أن الأغلبية الساحقة من المواطنين، لم تكن تظن أن “الحوت الكبير” سيجد نفسه في يوم من الأيام وراء القضبان، ولذلك “لم يصدّق البعض” اصطياده، فهمّ نحو المحكمة ليشاهدهم بأمّ عينيه بعيدا عن الوسائط و”الأخبار العاجلة” وكفاهم شرّ القتال!

المواطنون الذين تدافعوا عند باب محكمة عبان رمضان، ويرجح أن يتدافعوا اليوم أيضا، يريدون حضور “محاكمة القرن”، ومتابعة فصولها، وردود المتهمين من “كبار القوم” الذين كانوا يشاهدونهم على شاشات التلفزيون، ضمن نشاطات وزارية، أو في اجتماعات مجلسي الوزراء أو الحكومة، أو خلال عرض برامج الحكومة ومشاريع القطاعات الوزارية بالبرلمان!

الموجودون اليوم في قفص الاتهام، ليسوا من العاديين، فقد كانوا إلى وقت قريب جدّا، من المقرّرين والمنفذين، وتحوّلوا بالنسبة للمعذبين والمزلوطين و”المهرودين” إلى “مكروهين” ومنبوذين ومغضوب عليه، خاصة فيما يتعلق بالقرارات غير الشعبية التي تلاحقهم، أو فضائح الفساد الملاحقين بها أمام العدالة، أو الخطابات الاستفزازية التي ألبست الناس القنطة واليأس!

رغبة الجمهور في متابعة “محاكمة القرن”، لها دون شك خلفياتها ومبرراتها وأسبابها، فهي واحدة من نتائج و”مكاسب” الحراك الشعبي السلمي، وواحدة من مؤشرات “التغيير”، وعلامة من علامات الانتقال من مرحلة إلى مرحلة أخرى، ولون من ألوان “الجزائر الجديدة” التي أسقطت الحماية والحصانة وحقّ الفيتو عن مسؤولين ونافذين ومقرّرين ومؤثرين ومستفيدين، كان من المستحيل خلال العشرين سنة الأخيرة، ذكر أسمائهم، فما بالك بالتحقيق معهم وسجنهم؟

طبعا، القاعدة القانونية تقول بأن المتهم بريء حتى تثبت إدانته، لكن وصول الحساب إلى هؤلاء، في انتظار كلمة الفصل من العدالة، أعاد جزءا من الطمأنينة إلى البسطاء الذين كانوا شاهدين على “الحقرة” والانتقائية والتمييز والمفاضلة عندما يتعلق الأمر بالعقاب والمطاردة القضائية، إلى أن ساد الاعتقاد، بأن أولئك “الكبار” فوق القانون الذي سنّوه ليُطبّق على الفقراء فقط!

مثلما كبر الأوّلون على فيلم قديم روّج لفكرة “الفقراء لا يدخلون الجنة”، انتشرت بين فئات المجتمع أن “الأغنياء والوزراء لا يدخلون السجن”، لكن هبت رياح الحراك بما لا يشتهيه أولئك، ولذلك يريد “المتفرّجون” أن يشاهدوا المحاكمة على المباشر، حتى تطمئن قلوبهم، ويقتنعوا بأن الله يمهل ولا يهمل، وأن الشعب إذا أراد رفع رأسه لا يمكن لأيّ كان أن يرغمه على الطأطأة!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • نمام

    لا نضمن لك نهارا قد يعطيك ما اخذته ليلا