الوشايا العشر

التخوُّفات من تضاعف انتشار عدد الإصابات خلال أيام العيد، تخوفات في محلها قياسا لما لوحظ من تهاون وتراخ إلى حد متدن في احترام الإجراءات الوقائية خلال شهر رمضان، رغم أن المجلس الأعلى للأمن قد أوصى بالإبقاء على نفس الإجراءات القائمة خلال رمضان، ربما رفقا بالعائلات ورحمة بها من جرّاء عناء طول أمد الحجر.

نمت على هذا التخوف من “المغافرة” يوم العيد، لأجد نفسي يوم العيد وقد صليت بعائلتي ركعتي العيد بلا خطبة، لكني عوّضت الخطبة باجتماع طارئ، ورحت أوزع الوصايا العشر: أولا: الكمامات إجبارية حتى ولو أننا لا نملك كمامات. ثانيا: التباعد: متر بين كل واحد والآخر خارج البيت عند الزيارات والمعايدة. ثالثا: لا للمصافحات. رابعا: لا للعناق والتسلام… خامسا: لا للأكل الجماعي لدى أيِّ عائلة نزورها. سادسا: تعقيم اليدين في كل حين. سابعا: العائلات التي نزورها هم عائلتان فقط: نسابي والوالدين. ثامنا: العائلات التي نمرّ عليها وقوفا دون أن ندخل أو نسلم، ومن بعيد على بُعد 3 أمتار للمعايدة هم ثلاثة: أختي الكبرى، أخي، وعمتي. تاسعا: لا لمعايدة أيٍّ كان في الخارج، أو الجيران، إلا بالكلام وعلى بُعد 10 أمتار ومن وراء الكمامات. عاشرا: التطهُّر والدوش بعد العودة إلى البيت مباشرة قبل لمس أي شيء، على أن لا تستغرق المعايدة أكثر من ساعتين غير قابلتين للتجديد ولا للتمديد وفي المدينة الواحدة ولا خروج خارج المدينة.

بعد هذه الوصايا، لاحظ أبنائي الثلاثة أني أعِدُّ “عدة البحر”: “ماصك الغطس” للأطفال، “شامبراير” لكل واحد منا: 3 صغار “نتاع ريتمو” للأطفال، وواحدة نتاع عجلتي “تراكتور” الخلفية، لي، وأخرى نتاع “سيمي رومورك” لأمِّهم. جاءني الفضولي الأكبر: بابا.. رايحين للبحر؟ راك تحوَّس على الباراصول؟ ها هو ها هو هنا، قلت له: كيفاه؟ راني نحوس على الباراصول؟ راني نحوّس على “البعرة.. صول”.. عفّط علي، هذا ما باقي لي غير الباراصول. من الصبح وأنا نوصي: 10 وصايا.. ما فهمتوش؟ أنتم اللي خرج منكم السامري.

المسكين لم يفهم، ضرب النح وسكت. في الواقع، حتى واحد ما فهم فيهم.. حتى أنا.. لكن في الأخير فهموا ولكنهم “ما بغاوش يفهموا”.. فهموا أنه علينا عندما نخرج مشيا على الأقدام عدّة كيلومترات قصد المعايدة، سنكون لابسين “الشامبرايار” لتعطينا مسافة أمان مع المشاة الراجلين.. نساءً ورجالا وأطفالا، لأنّ عدد الناس سيكون مرتفعا للتباهي بلباس العيد كالعادة رغم أنه عيدٌ غير عادي، لكن أقنعة الغطس لماذا؟ قلت لهم: ما عندناش كمَّامات، أنتم الأطفال ألبسوا “ليماصك” نتاع البحر وما تقعلوهمش وإلا نقلع لكم الجلد، راكم لابسين ألبسة العيد نتاع السنة الماضية، قصار عليكم على بالي، بصح الله غالب.. راها السخانة اعتبروا السراويل التي قصرت “برميدا” (نطقت أمهم: تمرميمدة هذه مش برميدا).. شفت فيها بالعودي ورحت أهدر: … والناس يحسبوا راكم رايحين للبحر. وما يعرفوكمش على كل حال. أنا سألبس “كاصك نتاع لاموطو”.. مبلّع من جهة.. نتاع “ليببيلوت MIG21..

نطقت زوجتي: وأنا؟ واش نلبس؟ قلت لها: البسي الماسك نتاع هذا اللي جبتله لخليدة بنتي من فرنسا.. يجي عليك.. راه كبير. قالت لي: واش راك تقول؟ نتاع هذاك القرد؟ أنا شادي؟ قلت لها: وعلاه لا؟ خايفة إذا يعرفوك؟ أنا نقول لهم: يا ودي هذا غير وجهها الحقيقي مش ماصك.. هههه.

المهم، هذا ما حدث.. لما عُدنا إلى البيت كنّا قد تركنا خلفنا عدة حوادث: من سقط بالخلعة مغشيّا عليه أو عليها، ومن أغمي عليه بالضحك.. لكن أكيد ما جبناش معنا كورونا.

وأفيق وأنا أضحك…