-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الوعي الاستراتيجي بسنة 2022

الوعي الاستراتيجي بسنة 2022
ح.م

في الوقت الذي نحن في أمس الحاجة فيه إلى جَمْع كل ما بقي لدينا من قوة والتصرف بحكمة فيما بقي لدينا من احتياطي صرف، وعدم تضييع الوقت لتحريك عجلة الاقتصاد الوطني التي تكلَّست منذ سنوات.. في الوقت الذي نحن في أمس الحاجة إلى البحث فيما يجمعنا لا فيما يفرقنا في الجانبين السياسي والثقافي لننطلق انطلاقة مشتركة نحو إعادة بناء البلاد في كافة القطاعات، مازال البعض متمسكا بأجندة أقلّ ما يقال عنها إن فيها تفتيتا للطاقات وتوزيعا للجهود على مسائل لا نراها أولوية اليوم بأي شكل من الأشكال، كتلك المتعلقة بالهوية أو الدين أو شكل نظام الحكم بين رئاسي أو شبه رئاسي أو كيفية تقاسم السلطة بين الأحزاب المسماة مُحافظة أو إسلامية أو علمانية…

إن البلد كما نَبَّه إلى ذلك كافة الاقتصاديين الوطنيين على شفا انهيار اقتصادي حقيقي، إذا لم يجد حلولا حقيقية لمشكلاته، من هنا إلى بداية سنة 2022، عندما ينتهي آخر مليار دولار من احتياطي الصرف، وأنه لا وقت لنا نضيعه لتجاوز هذا الموعد بسلام.
فهل من الحكمة أن نبقى متخاصمين باحثين عما يفرِّقنا إلى غاية سقوط سقف الدار علينا جميعا؟

هل من الوطنية الاستمرار في إحياء نعرة الخلافات السياسية والثقافية والجهوية التي طالما استخدمت لتعطيل انطلاقنا نحو المستقبل؟

هل سألنا أنفسنا لمصلحة مَن هذا التعطيل؟ ما هي القوى التي يهمُّها بقاء بلدنا مضطربا إلى غاية نفاد آخر دولار في احتياطي الصرف؟

مَن سَيخسَر من إطالة عمر الأزمة؟ هل قِوى النظام السياسي القائم أم البائد أم القوى الشعبية البسيطة التي لا تكاد تجد ما تُكمِل به نهاية شهرها اليوم في كلا النظامين؟ وماذا يعني ذلك؟

ليقرأ الجميع ذلك الخطاب الراديكالي الذي يريد إبقاء الوضع على حاله إلى غاية 2022 يوم ينفد ما بقي لنا من رصيد لشراء الغذاء والدواء، ونحن لاهون في خصومات كانت ومازالت وستبقى محل نقاش الفكر السياسي إلى يوم الدين في مسائل مثل طبيعة الدولة وأولوياتها ونظام الحكم فيها بين المدنية والدينية والعسكرية والوطنية والجمهورية والدستورية والملكية الدستورية والبرلمانية والرئاسية وشبه الرئاسية والفدرالية الكونفدرالية ودولة حكومة الجمعية…! فما بالك بتلك النقاشات المتعلقة بالهوية والتاريخ والأصل والفصل والإثنيات والجهات وحرية العبادة في دولة الإسلام وأي علاقة بين القانون الوضعي والشريعة الإسلامية فيما يتعلق بالحريات والأحوال الشخصية ومكانة المرأة…!

ماذا يعني التركيز اليوم على مثل هذه الملفات؟ هل تمكن علماء الفكر السياسي والفلاسفة بانتماءاتهم المختلفة من حسمها ليحسمها عامة الناس؟
ماذا يعني، إذن إذكاؤها اليوم ونحن على شفا انهيار اقتصادي قادم؟

يبدو لي أنّ علينا تذكير أنفسنا بمثل هذه المخاطر، رغم ما في الجوانب الفكرية والفلسفية والقانونية من أهمية. والأهم من ذلك أن نتفق مهما كانت الظروف لتجاوز هذا الموعد الخطير. وأن نحتاط له من الآن بالوعي الاستراتيجي التام.. لأننا إذا وصلنا ذلك الموعد واجتمع عندنا الخلافُ السياسي والثقافي والفكري مع الجوع والفقر فلن يبقى أمامنا سوى طريق واحد: الاحتكام إلى القوة! إن كانت محلية أو دولية بكل ما يعني ذلك من دخول في دوامة عنف جديد لا قدّر الله.

هل نفعل بأنفسنا ما فعل غيرُنا بأنفسهم؟ أم نكون أكثر حرصا على تفعيل وعينا الاستراتيجي أكثر من غيرنا؟ ذلك هو السؤال. ونوعية الإجابة، إما تحمِل اليأس المطبق أو الأمل الفسيح.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
3
  • عبدالله FreeThink

    المشكل أن هناك فئة أرمز لها بحرف Z، لاتريد للجزائر أن تنجح إقتصاديا إن لم تكن في الحكم. لأن ذلك يعري ممارساتها السابقة ودورها في البقاء العمدي للجزائر في دائرة التخلف..إذن مهما كان كلامك منطقيا يا أستاذ، وذلك ما نريده جميعا ، أن يركز الجميع على خدمة الوطن دون أن يلتفت للأمور الأخرى ، لكن بالنسبة لأولئك يفضلون ان تهوي الجزائر في الهاوية، بدل أن يحكمها غيرهم نجح او فشل.
    بالنسبة لهم ولاؤهم ليس للوطن، لأنهم يصنفون أنفسهم حسب تصنيف آخر، ويدعون كما أدعى إبليس من قبل أنهم "خير" من الآخرين، وكما إدعى من إدعى أنه "شعب الله المختار" وأنه صاحب الأرض بينما البقية محتلين. على وزن ماحدث في فلسطين.

  • ياسين

    هناك من يتحرك و يدرك تماما لصالح من يتحرك كما يدرك تماما الهدف من وراء تحركه؟ و هذا خطر...و الأخطر منه أنه هناك من يُحرك و لا يدري من يحركه و لا الهدف الذي يُحرك من أجله؟؟؟ ...بين هذين الصنفين من الناس تكمن مشكلتنا الحالية و المستقبلية؟؟؟... إنها مرتبطة بشكل كبير بالصراع الفكري الذي يجهل طبيعته الناس بشكل فظيع؟؟؟

  • جزائري حر

    الوعي تتحصل بالتعليم الراقي وليس بالهدرة على صفحات الجراد لأن الكلام يبقى كلام والعمل هو الدليل