-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

اليوم الوطني للصحافة.. ذكرى في الميعاد ومهنة في المزاد

اليوم الوطني للصحافة.. ذكرى في الميعاد ومهنة في المزاد
أرشيف

يطل علينا مجددا اليوم الوطني للصحافة وهذه الأخيرة تتلمس طريقها في محيط إعلامي عالمي تتحكم فيه الدول الكبرى في زمام الإعلام ومصادر المعلومة وتوجه السياسة العالمية كيفما شاءت وكأنها جعلت وصيا على الأغلبية الساحقة من دول وشعوب العالم الثالث التي لا تملك وفق هذه القسمة الضيزى إلا أن تذعن لمعادلة الغاب الإعلامي وتسلم بمقولة: “إذا قالت حذام فصدقوها فإن القول ما قالت حذام”.
ويطل علينا اليوم الوطني للصحافة وهذه الأخيرة تخوض معركة الشرف مع خصومها التقليديين وغير التقليديين الذين يرمونها بالعجز عن مواكبة العصر وببقائها رهينة الماضي ويمعنون في إهانتها واتهامها بالإفلاس، ويتداعون على رجالاتها كما تداعى الأكلة إلى قصعتها.
ويطل علينا اليوم الوطني للصحافة وقد كثر المتربصون والمرجفون الذين يريدون أن يقلبوا لنا الأمور ويصوروا لنا الدين والوطنية على أنها أزلام جاهلية ويصوروا لنا في المقابل معاداة الدين والوطن على أنها قمة التمدن والتحرر الإنساني.
ويطل علينا اليوم الوطني للصحافة وقد تكالب على وطننا الشواذ دينيا وفكريا الذين يريدون أن يزهِّدوا الأمة الجزائرية في تعاليم أبي القاسم صلى الله عليه وسلم ومن سار على هديه من أئمتنا الجزائريين المصلحين ويحببوا إليها من العفن والوثن العقدي ما يخالف مرجعيتها.
ويطل علينا اليوم الوطني للصحافة ونحن نعيش مشهدا إعلاميا باهتا يميزه على وجه الخصوص الإعلام الخبري الذي ينقل الأخبار كما وردت ولا يعرضها على محك الفحص والتمحيص ليميز صحيحها من سقيمها ويقدم في النهاية رؤية إعلامية بأبعادها الثلاثة: البُعد الخبري والبعد الواقعي والبعد الاستشرافي.
ويطل علينا اليوم الوطني للصحافة وقد اشتعلت حرب داحس والغبراء بين الإعلاميين الفرقاء الذين يجرّ فيها كل واحد النار إلى قرصه ويباهي بأنه الأصل وما عداه تقليد.
ويطل علينا اليوم الوطني للصحافة وصحافتنا لما تتخلص من النظرة السطحية للأحداث وكأن القائمين عليها جلهم أو بعضهم على الأقل لا يدركون بأنهم لسان الأمة وترجمانها وبأنها من دونهم أشبه بالتائه الذي انقطعت به الأسباب وتفرقت به السبل.
ويطل علينا اليوم الوطني للصحافة وقد امتلأت صحفنا بأخبار وأفكار لا تسمن ولا تغني من جوع وقد وجد فيها بعض مفسري الأحلام ضالتهم وكأننا نعيش أزمة أحلام ونريد لهذه الأحلام أن تكبر لتبعدنا عن واقعنا وتزهدنا في أمهات القضايا والأحداث من حولنا.
ويطل علينا اليوم الوطني للصحافة وهناك من يرضى أن يكون من جماعة “حمالة الحطب” في نسج الترهات ونشر الوشايات وإفساد العلاقة بين الحاكم والمحكوم وبين السلطة وعموم الأمة وكأنهما ضدان لا يلتقيان ثم يسمي هذا احترافا إعلاميا وهو في الحقيقة انحراف إعلامي.
ويطل علينا اليوم الوطني للصحافة وقد ظهرت في مجتمعنا بوادر إعلام جديد قادر على التكيُّف مع طبيعة المرحلة وقادر على القيام بدوره الإعلامي التنويري في عصر العولمة.
ويطل علينا اليوم الوطني للصحافة وقد تعززت منظومتنا الإعلامية بأرمادة من القوانين في مجال حرية التعبير لا ندعي أنها مثالية أو غير مسبوقة ولكنها إنجاز لا ينكر وحدث لا يكفر.
ويطل علينا اليوم الوطني للصحافة وهناك نقائص كثيرة في مسيرتنا الإعلامية يجب أن تتدارك واعوجاجات كثيرة يجب أن تقوم وأخطاء كثيرة يجب أن تصحح.
ويطل علينا اليوم الوطني للصحافة وقد حققنا الكثير ولكن ينتظرنا الكثير أيضا لأننا يجب أن نعي حقيقة وهي أنه بقدر ما نبني فهناك في جانب آخر وفي مكان ما من يتربص بهذا البناء “فمتى يبلغ البنيان تمامه إذا كنت تبنيه وغيرك يهدم؟”.
ويطل علينا اليوم الوطني للصحافة وهناك من يتربص بالصحافة ويعرضها على المزاد وكأنها أضحت مهنة كاسدة فاسدة وفاقدة للفاعلية، وكأنها أعلنت إفلاسها ولم يعد هناك من سبيل إلا التخلص منها بأي الطرق.
ويطل علينا اليوم الوطني للصحافة ونحن تائهون شاردون عن تسللٍ أحمديٍ على حين غفلة منا يريد أن يمتد في فراغنا ولا تعطيه صحافتنا الوطنية من الأهمية إلا بحجم خبر عاجل في شريط الأخبار الذي لا يتفطن له كثير من الناس، ولا يدرك صحافيونا الحقيقة إلا بعد أن يطوق الأمن المتسللين ويردهم على أدبارهم خاسرين.
ويطل علينا اليوم الوطني للصحافة ونحن نعطي للتسلية مجالا أوسع من التربية ونعطي للرياضة مجالا أوسع من الرياضيات مع أن منطق توازن الأشياء يقتضي أن نعطي لكل ذي حق حقه.
ويطل علينا اليوم الوطني للصحافة وقد كثرت مشاهد العراك السياسي أبطالها محللون سياسيون هواة لا همَّ لهم إلا تعرية الآخر بأي الطرق والخوض فيما يحسنون وفيما لا يحسنون من قضايا عالم الدين والسياسة والاقتصاد وهلم جرا.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!