-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

انتخاباتٌ لشعب اللوزوتو!

الشروق أونلاين
  • 262
  • 0
انتخاباتٌ لشعب اللوزوتو!
ح.م

مرّ نحو شهرين ونصف على الهبّة الشعبية دون أن يحقق الجزائريون نتائجَ كبيرة غير إفشال العهدة الخامسة واستقالة الرئيس بوتفليقة وفتح بعض ملفات الفساد لمسؤولين ورجال مال، وبطريقةٍ أثارت الكثير من التشكيك والجدل.

عدا ذلك، لا تزال باقي مطالب الشعب بلا استجابة؛ فرئيس الدولة عبد القادر بن صالح ورئيس الحكومة نور الدين بدوي لا يزالان في منصبيهما، والسلطة ترفض بعناد أيّ حل آخر خارج الدستور والمادة 102 تحديدا، مع أن المادتين 7 و8 تفتحان آفاقا واسعة لحلّ دستوري – سياسي توافقي يُخرِج البلد من الأزمة، وهي مُصرّة – فيما يبدو- على تنظيم الانتخابات الرئاسية في موعدها المقرّر في 4 جويلية القادم، بمن حضر من المرشحين. وفي ظروفٍ استثنائية مثل هذه سيفوز مرشحُها ليخلف بوتفليقة ويمكِّن النظام من تجديد نفسه، ولو لم يشارك في هذه الانتخابات أحدٌ، وكأنها موجّهة لشعبٍ آخر غير الجزائريين!

وإزاء هذا التعنّت، يبدو أن البلاد تسير نحو انسدادٍ سياسي خطير سيُدخِلها على الأرجح في أزمة أخطر بكثير من الأزمة التي عرفتها في 11 جانفي 1992، السلطة اليوم وجدت نفسها في مواجهة 43 مليون جزائري وليس فقط أنصار حزبٍ معيّن فاز بالانتخابات، والفرق واضحٌ جدا، اليوم هناك هبَّة شعبية سلمية وحّدت الجزائريين بشتى أطيافهم وإيديولوجياتهم حول هدف واحد وهو التغيير العميق للنظام، وبناء جمهوريةٍ جديدة قوامها الديمقراطية الحقيقية والحريات والتداول على الحكم، ولذلك فإن الإصرار على تجاهل مطالب الشعب وحاجته المُلحّة إلى التغيير، وفرض انتخاباتٍ رئاسية شكلية عليه تُفضي إلى فوز مرشّح النظام بالتزوير، لن يحلّ الأزمة ولن يدفع الجزائريين إلى العودة إلى بيوتهم وقبول الأمر الواقع.. مثل هذه الممارسات البالية لن تنفع هذه المرة، لأنه لن يكون هناك ناخبون يوم الاقتراع عدا مئات آلافٍ ينتمون إلى الأسلاك النظامية وربّما بعض العجائز و”مناضلي” أحزاب الموالاة، إن بقي هناك “مناضلون” للموالاة، ولن يكفي ذلك لتغطية الفضيحة أمام العالم، ثم ماذا لو نفّذ الجزائريون تهديدهم بتنظيم مسيرات مليونية يوم الخميس 4 جويلية لإفساد الانتخابات كما تداعُوا إلى ذلك في مسيرات الجمعة الـ11؟ كيف تتصرّف السلطة حينها؟ وإذا فُرض عليهم رئيسٌ بانتخاباتٍ تشبه المهزلة، فماذا لو رفضه الجزائريون وواصلوا مسيراتهم للمطالبة برحيله؟

تخطئ السلطة إذا اعتقدت أنها بغلق الطرقات السريعة كل يوم جمعة، والمراهنة على رمضان والصيف، وإدارة الظهر لمطالب الجزائريين، ستتمكن من تيئيسهم بمرور الوقت وإفشال حراكهم وفرض حلّ عقيم عليهم، فقد أثبتت الوقائع أنه كلما رفضت السلطة تلبية مطالب ملايين المتظاهرين، قاموا برفع سقفها، ثم إن مبيت آلاف المتظاهرين بساحات العاصمة وصبرهم ساعاتٍ أمام الحواجز الأمنية المشدّدة وسير بعضهم كيلومترات عديدة على الأقدام للالتحاق بالمسيرات، يعني أنّ الشعب غير مستعدٍّ بتاتا للعودة إلى مرحلة ما قبل 22 فبراير برئيسٍ جديد تفرضه عليه السلطة، وسيواصل مسيراته مهما طال الزمن وكثُرت المعوقات، وقد سُئلت سيدة خلال إحدى المسيرات عما إذا كانت تتوقّع تراجع المتظاهرين بسبب حلول رمضان والصيف وعدم استجابة السلطة لمطالبهم؟ فأجابت “حتى فرنسا لم تستجب للجزائريين في 1954، ولكنها رضخت بعد سبع سنوات ونصف”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!