-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

انتفاضة العراق لم تبلغ مبتغاها!

انتفاضة العراق لم تبلغ مبتغاها!
ح.م

من رأى المشهد العراقي في أوج انتفاضته، التي يتساقط فيها قتيلٌ تلو قتيل، وجريح تلو جريح، وهي تتصاعد إلى ما يشبه حرب إبادة تديرها فرق موت مختصة في ساحات مفتوحة، يتابع العالم وقائعها بصمت، يبات الليل معتقدا أن صباح يوم جديد، سيرى نظاما سقط، وقد تشكل نظامٌ بديل فوق أنقاضه.

خاضت الانتفاضة أعنف المواجهات، قبل أن تقدم السلطات الحكومية على عزل العراق عن العالم، ومنع وسائل الإعلام من القيام بدورها في نقل الحقيقة، دون أن يتحرك المجتمع الدولي، أو تهتز مشاعر الأنظمة العربية التي التزمت الصمت، ولم تكلف الأمانة العامة لجامعة الدول العربية نفسها بإصدار حتى بيان يحذر من خطورة ما يجري في العراق.

عاد العراقيون إلى هدوئهم الحذر، بعد أن دفنوا قتلاهم، وفضُّوا مجالس العزاء، وأمَّنوا جلسات العلاج لجرحاهم في مستشفيات، كان يربض في بناية مقابلة لها قناصٌ لا يخطئ هدفه، رافضين حزمة إصلاحات أطلقها رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، وتعويضا ماليا،  يدركون أنه لا يملك صلاحيات صرفه، ولا تؤهِّله مناصبه لتنفيذ أي وعد إصلاحي لأبسط مواقع الخلل في دولة احتلت المرتبة الأولى في قائمة الفساد العالمي، وتقترب ميزانيتها من الإفلاس.

وقبلت وسائل الإعلام بكل أصنافها، محلية كانت أم خارجية بهزيمتها خوفا من غدر ميليشيات طائفية تحكم العراق دون رادع يلجم انفلاتها الهمجي، لا تحترم حصانتها المهنية، وهي تحرق مكاتبها وتهدد حياة العاملين فيها، فاضطرت لتكميم “ميكروفوناتها” وغلق عدسات آلات تصويرها، تاركة فِرق الموت تحصد حياة البشر دون رقيب إعلامي.

أما الأمم المتحدة فقد مارست دورها التضليلي للعالم عبر تقارير ممثلتها في بغداد هينيس جينيس بلاسخارت، التي حجبت حقيقة الإبادة التي تعرض لها المنتفضون في مدن العراق، لتحمي حكومة عادل عبد المهدي وحاضنته الإيرانية من أيِّ مساءلة قانونية وفق الميثاق العالمي  لمبادئ حقوق الإنسان، وقوانين محكمة العدل الدولية.

نجحت حكومة عادل عبد المهدي وحاضنتها الإقليمية بطهران في حجب أنظار العالم عما يجري في العراق من إبادة بشرية كفيلة بتقديم مرتكبيها لمحكمة العدل الدولية، وحيّدت المجتمع الدولي، قبل أن تضمن قدرة احتواء الانتفاضة في ظل ظرف عربي وعالمي مرتبك.

جاء احتواء الانتفاضة التي رسمت أهدافها في القضاء على الوجود الإيراني في العراق، في ظل غياب قيادة لها برامج وآليات تنظيمية قادرة على توظيف الغضب الشعبي في كسب تأييد عربي وعالمي لها، ومجتمع دولي لم يضع العراق الآن في أولويات اهتمامه، ولم يقرر بعد مواجهة المشروع الإيراني في مناطق نفوذه، رغم دخوله في حرب اقتصادية مع طهران، بغية إضعافها، وأنظمة عربية غارقة في مشاكلها الداخلية، لا تفكر بما هو أبعد من تأمين أوضاعها الداخلية، فتتحاشى الدخول في أزمات سياسية تؤثر على علاقاتها الإقليمية والدولية، ومستقبل تحالفاتها الخارجية.

استثمرت إيران كل تلك المعطيات لصالحها، وألقت بكل ثقلها العسكري والسياسي لإنقاذ نفوذها في العراق من سيل انتفاضة عارمة، تركها العالمُ غارقة بدمائها، كانت كفيلة بإسقاط مشروعها الإقليمي وزعزعة أركان نظام ولاية الفقيه.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!