-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

باب الريح، أغلقه واسترح

عمار يزلي
  • 1242
  • 2
باب الريح، أغلقه واسترح

يقال عن أسلوب طه حسين في الكتابة “السهل الممتنع”، أما عندنا فيمكن أن نقول أنه عندنا “المنع هو السهل”، وهي ثقافة صارت متجذرة فينا، وهي تتواجد غالبا في الحضارات والثقافات الهشة الفوضوية العاجزة وغير المنظمة عقلانيا.
المنع هو السهل. نمنع الغش والتسريب ليس عن طريق فرض حراسة مشددة من طرف أعوان وحراس الوزارة الوصية التي أوكلت لها مهمة إجراء هذا الامتحان، لأن ذلك من مهامها أساسا، وإنما عن طريق معاقبة الجميع، مواطنين، مؤسسات وخواص، بحجب المواقع وقطع الانترنت وافتعال التذبذب وتخفيض التدفق وما إلى ذلك من الحلول السهلة حتى نسهل الأمور على الوزارة. هذه صارت عندنا ثقافة وممارسة نلمسها في كل مكان. إنها طريقة بيروقراطية في التسيير: عرقلة سير العمل العمومي لأجل تسهيل عمل خصوصي. نقطع طرقا وشوارع لساعات، ونحمل المواطنين وأصحاب السيارات الانتظار ومشي الحلزون لساعات، فقط لأن وزيرا أو وفدا أو شخصية إياها، تمر بعد ساعة، فافسحوا لها الطريق وأضيعوا أنتم وقتكم ومصالحهم وأعصابكم في الانتظار، حتى يمر أخوتكم بسلام آمنين. نشاهد هذه الظواهر يوميا حتى أنها صارت تبدو لنا “نورمال”. في الغرب، هل نقطع الأنترت على مستوى القطر فقط لكي نضمن عدم الغش؟ هل الدولة ككل تتحمل وزر وزارة بأن تشل العمل في كل القطاعات؟ وزارة كانت قادرة بمفردها داخل المؤسسات التربوية أن تجند حراسا أكثر في القسم الواحد وأن تفرض انضباطا صارما ضد الغش والتسريب. هل هذا صعب على وزارة حتى تتدخل عدة وزارات لمحاربة الغش معها؟ إنها ثقافة “المنع هو السهل” وليس “السهل الممتنع”. في الشوارع، ولدواع أمنية مثلا، نمنع ركن السيارات عند كل مؤسسة مالية أو.. نيجرية. عند كل مؤسسة تربوية، عند كل مؤسسة دبلوماسية وتعليمية وإدارية، وتعالى أنت أبحث لك عن مكان لركن سيارتك أيها المواطن بلا عقل. عليك أن تركنها في بيتك أو على بعد كيلومترات إن وجدت مكانا. كل هذا لتأمين محيط مراكز إدارية وتربوية تعليمية واقتصادية ومالية ومش عارف أيضا، مع أننا ننعم بالأمن والأمان، لكن السهل بالمنع يقضي بأن نقطع الشارع أو نمنع التوقف ونخلق اختناقا في المدن والشوارع بقدر لا يطيقه المواطن. هذه الفلسفة العبثية عندنا، تضيع منا وقتا وجهودا كبرى في التمنية، لأن المواطن متوتر الأعصاب بسبب توقف أو ثقل التدفق والسلاسة في النقل في الشوارع، والمؤسسة التي نحملها انقطاع أو ثقل في تدفق شريان حيوي للاقتصاد الوطني والخدمات العلمية والثقافية والخدماتية والتي تحتل الحيز الأكبر في النشاط الانساني عندنا، هو مواطن ومؤسسة معاقبة ومصابة بالروماتيزم الذي يربك العملية التنموية برمتها ويضيع منا سنين في سنة واحدة، لكن كل هذا، عوض أن نحله بعمل صارم وتعب وجهد واجتهاد ومثابرة للمسئولين ووقوفهم وتحديد أولويات راحة المواطن على حساب راحة المسئول، نفرض هذه المعادلة ذات المجهول الواحد هذه إلى هذه المعادلة المجهولة المجاهل: “الباب إذا جاءك منه الريح، أغلقه واسترح”. سهل على نفسك المهمة تحت شعار: “ما نتعبش راسي” أو “تخطي راسي وتفوت”. هذا ليس في الباك فقط أو في الاقتصاد، بل حتى في “الـ foot”. ولهذا ليس غريبا أن نضرب المثل عن هذه العبثية بقولنا “فلان ضاربها بطالون”، إذ يبدو أنه حتى صاحب “الطالون الذهبي”، ولتسهيل المهام على نفسه وتصعيبها على الآخرين.. “راها ضاربها بطالون”..

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
2
  • عادل 2018

    الحل هو الغاء نهائي لامتحان البكالوريا الذي اصبح مسخرة شعبية في الجزائر

  • Ayache

    أخي عمار: اليك هذه الأسئلة التي سمعتها في منامي
    - أذكر السلالة البشرية التي تعتبر العلم و العمل عدو فتحذره,
    - ماهي المرتبة التي تحتلها في قطع الطريق بكل أنواعه ؟
    - هل غش الكبار (تزوير في الانتخابات , في البيت, في المسجد,,,,,)أسبق أم UNIV (بجميع مستوياتها),و .. BAC,BEM ؟
    تفسيري أنا شخصيا أن بوادر القيامة متوفرة لدى هذه السلالة, ما رأيك في تفسيري؟ هيا نضحك أم نبكي,,,,,,,,,,,,,,,,,,