-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

بالأمس لورانس العرب واليوم ليفي العرب!

بالأمس لورانس العرب واليوم ليفي العرب!
ح.م

ليس فقط في الجزائر، إنما أيضا في ليبيا ولبنان والعراق وسوريا واليمن ومصر والسعودية، وكافة البلاد العربية… هل من الصدفة أن تنتقل الاضطرابات من تونس إلى مصر إلى سوريا إلى البقية في وقتٍ واحد؟ هل من الصدفة أن نعيش اليوم نفس الحالة بنفس الإخراج في بيروت وبغداد والخرطوم والجزائر؟ هل من الصدفة أن تتوقف الاضطرابات فجأة في السودان بعد أن مكَّنتهم المرحلة الانتقالية من ربط علاقات مع الكيان الصهيوني؟ هل من الصدفة أن تتم شيْطنة المملكة العربية السعودية اليوم ويزورها الصهيوني “برنار هنري ليفي” بعدما عاث فسادا في ليبيا وشمال العراق، وبعد أن نصَّب نفسه عَرَّابًا للثورات العربية، وهو الذي كان مؤيِّدا للاستئصاليين في الجزائر أثناء العشرية السوداء؟

ألا يكفي هذا لنعرف أن المخطط واحد وأن المستهدَف واحد، وأن الفاعل واحد وأن المستفيد واحد؟
ألسنا بصدد تكرار ذات الخطإ الذي ارتكبته الثورة العربية الكبرى أثناء الحرب العالمية الأولى وكانت نتيجتها ضياع القدس وجزء من فلسطين ثم كل فلسطين؟

ألا يرمز “هنري ليفي” اليوم إلى ذات الرمز الذي أدار تلك الثورة الأولى وأنهاها لصالح الصهاينة المتربِّصين بفلسطين والقدس المعروف باسم “لورانس العرب”؟ ألا تَعرف منطقتُنا اليوم العشرات من أمثال “لورانس العرب” يشجعون الثورات ويرسمون لها الخطط لترسُو عند الأهداف التي حُدِّدَت لها سلفا؟

ليس هذا استخداما كاريكاتوريا لنظرية المؤامرة لتفسير ما يجري من أحداث عندنا أو حولنا، إنما هو قراءة أولية لمقولة التاريخ يعيد نفسه.

بالأمس “لورانس العرب”، واليوم “برنار هنري ليفي” والعشرات من أمثاله يجوبون بلادنا طولا وعرضا ونحن في غفلة من أمرنا، نعتقد أن زمام الأمور بين أيدينا وما هو كذلك… نعتقد أن ثوراتنا ستنتصر للعدالة والحرية وللقدس كما اعتقد أسلافُنا بالانتصار في ثوراتهم الأولى، ونحن كل يوم نخسر العدالة والحرية والقدس، وما صفقة القرن التي تُبرَم ونحن ثائرون إلا دليلٌ على ذلك!

ألا يوجد بيننا من يعود قرنا إلى الوراء ويتذكَّر ما حدث لتلك الأمة التي كانت تقودها خلافةٌ إسلامية واحدة؟ ألا يوجد مَن يطرح السؤال: لِمَ هم اللائكيون، و”المتحررون” والانفصاليون والذين كانوا بالأمس أعداء الدِّين والوطن في مقدِّمة من يُصِرُّون على هذه الثورات الجديدة التي يريدونها من دون فكرة ولا تأصيل تاريخي أو حضاري سوى كونها ضد الأنظمة الدكتاتورية، كما كان القوميون العرب يصفون ثوراتهم القومية بالأمس، بأنها ضدُّ الأتراك المتسلطين والخلافة الإسلامية؟

هي بعض الأسئلة التي أطرحها للتدبُّر اليوم، لنرى ما علينا فعله من منظورٍ يرفض الفصل بين الصراع السياسي والفكري والتاريخي والحضاري والسياسي، ولكي لا نُكرِّر خطأ ثورة شريفية وما بعدها من ثورات، جنى ثمارَها “لورانس” العرب، مع ثورات شعبية يريد أن يجني ثمارها اليوم “ليفي” العرب وتضيع معها القدس، كما ضاعت لأول مرة مع “لورانس” ووقف الجنرال “اللينبي” عند بابها منتصرا يوم 9 ديسمبر 1917 قائلا: اليوم انتهت الحروب الصليبية!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
3
  • محب الجزائر

    السلام عليكم، ماذا تقصد بقولك : وهو الذي كان مؤيِّدا للاستئصاليين في الجزائر أثناء العشرية السوداء؟ من هم الاستئصاليين في الجزائر، حتى نعرفهم استاذنا الفاضل، يمكنك ان تتكلم لا خوف اليوم.

  • محمد قذيفه

    بارك الله فيك ، هذا ناتج عن قلة الوعي والنأي بالنفس عن السياسة ولوكان هناك اعلام حر لنتج عن ذلك مجتمع حر

  • redha

    ليس مجاملة، لكن مقالاتك متميزة دائما وتنم عن وعي كبير وجد متقدم مقارنة بزملاءك في الشروق. تحياتنا استاذ.