-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
حملته وهنًا على وهنٍ طيلة 10 أشهر

بعد مخاض عسير.. الجزائر تنتصر!

بعد مخاض عسير.. الجزائر تنتصر!
الشروق أونلاين

بعبور محطة 12 ديسمبر بسلام ونجاح، تكون الجزائر قد طوت صفحة حرجة من مسار الأزمة السياسية والمؤسساتية التي دخلتها برحيل الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، في أعقاب اندلاع حراك 22 فيفري، وتأجيل الانتخابات الرئاسية مرتين.

لم يكن الأمر سهلا في أجواء مشحونة بين مؤيدين ورافضين للمسار، فقد جاء ميلاد الرئيس الجديد بعد مخاض عسير من حمل مؤلم دام 10 شهور.

بدأ تسلسل الأحداث، التي ستغير مجرى التاريخ في البلاد، بإعلان عبد العزيز بوتفليقة يوم 10 فيفري 2019 نيّته في الترشح لعهدة رئاسية جديدة، بحجة استكمال الإصلاحات الكبرى، معرضا عن كل دعوات الرفض السياسية والشعبية.

شرارة الانفجار الشعبي

لم يمهل الشارع السلطة سوى أيام لينفجر في وجهها ذات جمعة من 22 فيفري الماضي، معلنا بذلك ثورة سلمية ضدّ العهد البائد، غير أنّ محيط بوتفليقة المتغطرس لم يفهم الرسالة وأصرّ على إيداع ملفّ ترشّح الرئيس رسميّا لدى المجلس الدستوري يوم 3 مارس.

شكّل ذلك التعنت استفزازًا صارخًا لمشاعر شعب ثائر، فتدفقت الحشود مثل الطوفان على كل شوارع البلاد ومدنها، ليتحوّل الثامن من مارس الفائت من يوم المرأة العالمي إلى عنوان الحرية والكرامة في الجزائر، وهو ما اضطرّ بوتفليقة أو المتصرفين باسمه لاتخاذ قرارهم يوم 11 مارس بتأجيل الاستحقاق الرئاسي الأول الذي كان مُزمعًا تنظيمه في 18 أفريل 2018، وحلّ الحكومة مع هيئة مراقبة الانتخابات، والتعهد بتسليم السلطة لرئيس منتخب، زيادة على تكليف نور الدين بدوي بتشكيل فريق وزاري جديد خلفا لمجموعة أحمد أويحيى.

وبينما كانت “العصابة” تظنّ أن خطوتها ستستوعب موجة الغضب، فإذا بها تزيد الشارع ثقة ويقينًا بالنصر المبين، فجاءت جمعة 15 مارس أكثر إصرارا على رحيل آل بوتفليقة والحاشية، حتّى نطق الفريق قايد صالح في الوقت المناسب يوم 26 مارس، مؤكدا أن تصوّر المؤسسة العسكريّة للحل يكمن في تطبيق المادة 102 من الدستور، أي الشغور بمقتضى الاستقالة أو العجز الطبي ولا خيار غير ذلك.

ملاحقة العصابة… وبوتفليقة يرمي المنشفة

تسارعت الأحداث لاحقا بشكل دراماتيكي بتدشين فصل ملاحقة رموز الفساد السياسي والأمني والمالي، حيث تمّ ليلة 31 مارس توقيف رجل الأعمال علي حداد، وهو يحاول العبور إلى الأراضي التونسية عبر المعبر البري لأم الطبول في ولاية الطارف، عند الساعة الثالثة صباحا، قبل إيداعه سجن الحراش، وما هي سوى أيام، حتى لحق به يسعد ربراب والإخوة كونيناف ومحيي طحكوت وآخرون.

وفي مساء نفس اليوم يكشف عبد العزيز بوتفليقة نيته الاستقالة من منصبه قبل نهاية ولايته في 28 أفريل الماضي، غير أنّ قيادة الجيش اجتمعت مجدّدا يوم الثاني أفريل، لتشدد على “ضرورة التطبيق الفوري للحل الدستوري”، للخروج من الأزمة و”للمباشرة في المسار الذي يضمن تسيير الدولة”، قبل أن يظهر الرئيس في وقت متأخر من نفس الليلة على شاشة التلفزيون العمومي، وهو يقدم رسالة الاستقالة إلى رجل ثقته الطيب بلعيز.

بموجب ذلك تولى رئيس مجلس الأمة  عبد القادر بن صالح يوم الثلاثاء 09 أفريل مهامه كرئيس مؤقت للدولة، طبقا لأحكام المادة 102 من الدستور، لمدة أقصاها 90 يوما، كان يفترض خلالها تنظيم انتخابات رئاسية في حدود 04 جويلية.

ثم تطورت الوقائع في منحى آخر يوم 04 ماي بتوقيف الأجهزة الأمنية لكل من المستشار السابق للرئيس، وهو شقيقه سعيد بوتفليقة، رفقة الجنرال توفيق الرئيس الأسبق لجهاز الاستعلامات، بالإضافة إلى اللواء بشير طرطاق خلفه في المنصب، قبل أن تكمل لويزة حنون تعداد الفريق الرباعي.

الحراك يسقط رئاسيات 4 جويلية ويطيح برؤوس الفساد

في مطلع شهر ماي الماضي، دعا عبد القادر بن صالح إلى الحوار الشامل لوضع الترتيبات اللازمة لتنظيم الانتخابات بهدف “تجنيب البلاد الفراغ الدستوري وإفشال مخططات معادية”.

غير أنّ المجلس الدستوري أفتى قانونا، يوم الأحد 02 جوان الفائت، باستدعاء رئيس الدولة الهيئة الانتخابية من جديد لاستكمال المسار الانتخابي حتى انتخاب رئيس للجمهورية وأدائه اليمين الدستورية، وذلك بعد قرار استحالة إجرائها يوم 4 جويلية.

وفي 12 جوان، أمر قاضي التحقيق لدى المحكمة العليا بإيداع الوزير الأول السابق أحمد أويحيى الحبس المؤقت بسجن الحراش، وهي المرة الأولى في تاريخ الجزائر التي يودع فيها مسؤول سام سابق الحبس، ثم تبعه عبد المالك سلال وعمارة بن يونس وعمار غول جمال ولد عباس وسعيد بركات وآخرون.

نهاية جويلية أعلنت رئاسة الدولة تشكيل لجنة سداسية لقيادة حوار وطني بتنسيق كريم يونس، وعضوية فتيحة عبو، وإسماعيل لالماس، وبوزيد لزهاري، وعبد الوهاب بن جلول وعز الدين بن عيسى.

وفي 17 أوت كشفت “هيئة الوساطة والحوار” عن تشكيل لجنتها الاستشارية، التي تضم 41 من الشخصيات الوطنية، بينهم وزراء سابقون وأساتذة جامعيون وخبراء ونشطاء بالحراك الشعبي، مؤكدة أنها ستعمل على إيجاد نهج توافقي للخروج من المأزق السياسي الذي شهدته البلاد.

الجيش يختار الحسم ويقطع الطريق على المناورين

وبدا أنّ الأمور والإجراءات تُسيّر بسرعة لطيّ الأزمة بأخف الأضرار، في ظل استمرار الحراك الشعبي ومحاولات أطراف عديدة عرقلة كل المساعي نحو الحلول الآمنة، ولذلك صرّح الفريق أحمد قايد صالح، مطلع سبتمبر، أنه من الأجدر استدعاء الهيئة الناخبة يوم 15 من نفس الشهر، داعيا إلى تنصيب الهيئة المستقلة لمراقبة الانتخابات فورًا.

وهو ما حرصت هيئة الحوار الوطني على تسهيله بتسيلمها يوم 08 سبتمبر تقريرها النهائي إلى رئيس الدولة، عبد القادر بن صالح، والذي تضمن مخرجات الحوار ومشروع قانون إنشاء هيئة مستقلة للانتخابات، وتعديلا جزئيا لقانون الانتخابات بعدما أجرت مشاورات مع 23 حزبا سياسيا، وما يقارب الستة آلاف جهة، بين جمعية وحزب وشخصيات مستقلة، لإقناعها بالحوار السياسي والاستماع إلى رؤاها بشأن ترتيبات الانتخابات الرئاسية.

وفي منتصف الشهر بالتمام يستدعى رئيس الدولة الهيئة الناخبة للانتخابات الرئاسية التي حدد تاريخ تنظيمها يوم الخميس 12 ديسمبر الجاري.

وبالموازاة يتمّ الإعلان عن تشكيل أول سلطة عليا للانتخابات برئاسة الوزير السابق للعدل، محمد شرفي، مع صدور القانونين العضويين المتعلقين بإنشائها وبنظام الانتخابات في الجريدة الرسمية.

في 25 سبتمبر، تنطق المحكمة العسكرية بالبليدة بالسجن النافذ 15 سنة ضد أربعة متهمين بالتآمر ضد سلطة الدولة والجيش، وهم السعيد بوتفليقة ولويزة حنون والفريق المتقاعد محمد مدين، واللواء المتقاعد بشير طرطاق، كما قضت بالسجن النافذ، 20 سنة غيابيا، ضد وزير الدفاع الأسبق اللواء المتقاعد خالد نزار.

في المنعرج الخطير… الجزائر تنتصر بسلام

وبمنتصف ليلة السبت 26 أكتوبر انقضت آجال إيداع ملفات الترشح للانتخابات، حيث بلغ عدد الراغبين في دخول السباق 23 شخصية، قبل أن يعلن المجلس الدستوري يوم 09 نوفمبر الماضي، وبعد الفصل في الطعون، عن القائمة النهائية للمتسابقين، والتي ضمت خمسة أسماء فقط، وهي كل من رئيس جبهة المستقبل عبد العزيز بلعيد، مرشح حزب طلائع الحريات، علي بن فليس، رئيس حركة البناء الوطني عبد القادر بن قرينة، الوزير الأول الأسبق عبد المجيد تبون، والأمين العام بالنيابة للتجمع الوطني الديمقراطي عز الدين ميهوبي.

وخاض الفرسان الخمسة حملتهم الانتخابية بدءا من 17 نوفمبر الماضي، حيث عرضوا على الجزائريين أبرز المحاور الكبرى لبرامجهم الانتخابية.

في غضون ذلك، وتحديدا يوم 10 ديسمبر، قضت المحكمة الجزائية الابتدائية لسيدي أمحمد بالعاصمة بحكم غيابي بـ20 سنة حبسا نافذا ضد وزير الصناعة السابق عبد السلام بوشوارب مع أمر بالقبض الدولي، وأدان القاضي الوزير الأول أحمد أويحيى بـ15 سنة حبسا نافذا، وعبد المالك سلال بـ12 سنة حبسا نافذا، فيما أدان بدة محجوب بـ10 سنوات حبسا نافذا، ومثله يوسف يوسفي، أما يمينة زرهوني فقد أدينت بـ5  سنوات حبسا نافذا.

وحكمت العدالة بنفس الملفات القضائية على علي حداد بـ7 سنوات حبسا نافذا، وبايري محمد بـ8 سنوات حبسا مع حجز الممتلكات.

فيما أدين سلال فارس بـ5 سنوات حبسا نافذا، وشايد محمود 2 سنتين حبسا نافذا، ومدير ديوان وزير الصناعة بـ5 سنوات حبسًا .

وفي محطة الختام والسلام، فاز المترشح الحر عبد المجيد تبون بالانتخابات الرئاسية بنسبة 58.15 بالمائة، حسب النتائج الأولية من مجموع 8 ملايين و500 ألف جزائري شاركوا في الاقتراع، لتدخل الجزائر مرحلة جديدة من الشرعية الانتخابية النظيفة رغم العلل والنقائص والاحتجاجات، تحمل في طياتها الكثير من الرهانات الوطنية والتحديات في كافة المجالات.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
15
  • kamel

    L’Algérie n'a rien gagné
    Au contraire ,10 mois pour qu'on se retrouve avec un 5éme mandat Bis
    .que du temps perdu.
    un président sans légitimité,sans adhésions populaires ,sans pouvoir réel ne pourra rien faire
    .Mon pays est triste

  • Djamel k

    كان بالامكان افضل مما كان.
    يجب الاقرار بان هذه الانتخابات لم يشارك فيها كل الشعب الجزائري افرادا اواحزابا وبالتالي فالامر متعلق بما سيحدث في الاشهر القادمة حتى نحكم هل الجزائر انتصرت ام لا.

  • هواري بومدين

    ..هزمكم القايد وشعبه وجيشه
    عاش القايد العملاق في الثورة وفي الإستقلال ابن الأورس الشامخ .

  • خالد- الجلفة

    لا فضل لاحد في انتصارها وكل الفضل يعود الى الجيش الوطني الشعبي وقيادته الحكيمة وعلى رأسها المجاهد القايد احمد حفظه الله ورعاه فقد عمل على تجنيب البلاد الدخول في نفق مظلم ليس لنا منه مخرج وافشل غطط فرنسا وعملائها بحكمة وذكاء

  • كمال شلفي

    لا تنخدعو ايها الشعب و تقوم بتحطيم بلدك .هناك شرذمة خبيثة لها اطماع من وراء الحراك .فكونوا اذكياء حتى لا يركبو على ظهوركم وتكونوا اداة في ايديهم .لا تنخدعو بالديمقراطية مزيفة .حق اريد به باطل . تحيا جيشنا .

  • HOCINE HECHAICHI

    للأسف الانتصار الوحيد هو اجراء الانتخابات في موعدها وفي ظروف عادية
    والباقي عبارة عن صورة طبق الأصل لعهدات "فخامته" وستر ون بعد أيام ولد عباس جديد وهلم جرا ...

  • الى الأمام

    رئيس العصابة 2........ وتقولون إنتصار ؟؟؟؟؟؟
    إنتصار العصابة 2 على العصابة 1 هذا ما تريدون قوله.

  • سمير dz

    تبون يعني العهدة الخامسة ....

  • Abdelhamid Montréal

    المولود مشوه بالتزوير و لن يعيش طويلا.

  • دحمان

    لا حول ولا قوة...عن أي انتصا تتحدثون ...انتخابات هذه المرة استفتاء بين مؤيد ومعارض والنتائج واضحة 39% مع الانتخابات 61% ضضدها ....رغم ما شابه من تزوير وتتحدثون عن الأغلبية....؟؟؟

  • بوليفه

    لحد الساعه الحراك لم يحقق اي هدف للشعب الحر بري حقق نجاحا للعصابه رقم2 التي اطاحت بالعصابه رقم01 بفضل الحراك عند بدايته وبالتالي من الواجب استمرار الحراك بمنهجيه اخري ودائما في الاطار السلمي وهكدا سنغير النظام من الجدور لان الحراك لم ياتي لرسكله النظام بتغير زيد بعمر والله يمهل ولايهمل

  • hiraq

    اكثر من 15 مليون جزائري لم ينخدعوا بانتخابات العصابات مقابل 8 ملايين (طبعا مع التضخيم)... هذا يكفي لاختزال المشهد السياسي و نسف كل خزعبلات "الشرعية" و كل التدليس.

  • mariah

    Le peuple est sorti pour un 5eme mandat justement

  • عمر

    لم يتحقق شيئ مزال نظام بوتفليقة يحكم

  • amine oran

    بالطبع الجزائر تنتصر لان ليس الاقلية تامر الاغلبية بان لا تنتخب ونحن مع جيشنا و نطلب من جيشنا ان يقوم بمهمتين حراسة الحدود وحراسة اموال الشعب فقط اما السياسة فهي للسياسيين ونتمنى لرئسنا الجديد الفصل السياسة عن المال كما قالها في خطاباته