-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
في غياب ثقافة المدن التي لا تنام

بلديات تفضل فرض الحجر الطوعي على نفسها وتجميد الحركة في الليل

سمير مخربش
  • 1182
  • 4
بلديات تفضل فرض الحجر الطوعي على نفسها وتجميد الحركة في الليل
أرشيف

تفضل معظم بلديات الوطن تطبيق الحجر على نفسها حتى في غياب القرار، وتميل إلى النوم باكرا مع تجميد معظم النشاطات في الليل الذي لم يعد يصلح في بلادنا إلا للخلود الى الفراش باكرا، وتكريس ظاهرة غياب المدن الليلية في الجزائر.

رغم رفع الحظر على معظم الولايات إلا أن أوجه الإفراج ورفع هذا القرار لازالت غائبة في معظم المدن الجزائرية التي تتباطأ فيها الحركة قبل المغرب وتتجمد إذا عسعس الليل وأرخى سدوله، عكس ما هو عليه الحال بعديد الدول المعروفة بالمدن التي لا تنام.

وكعينة عن ظاهر المدن التي تنام باكرا نحط الرحال بمدينة سطيف المعروفة كمدينة كبيرة، وتتميز بحيوية تجارية واقتصادية ولها نمط معماري متميز، وشوارع شاسعة فيها بعض ملامح التحضر، لكن يبدو أن الوجه المشرق للمدينة له توقيت محدد، ويغيب حتى قبل أن تغيب الشمس. فجذوة الحركة التجارية تخمد في الساعات الأولى من الأمسية، والحيوية التي تملأ الشوارع في الصبيحة لا تحافظ على نفس الوتيرة طيلة اليوم وتنطفئ في الليل. وإذا كان طريق قسنطينة هو الوجه البارز للمدينة فإن السكون يخيم في هذا المسلك في الأمسية، وأغلبية المحلات تغلق أبوابها، بما فيها محلات المواد الغذائية التي يحتاجها الناس في كل الأوقات. وحتى الفضاء المحيط بعين الفوارة يتحوّل في الليل إلى مكان موحش تنعدم فيه معالم المدينة الحية، ويظهر ذلك من خلال الأبواب الموصدة، والإنارة العمومية الضعيفة والمنعدمة في العديد من الشوارع والأحياء. والحركة تكاد تقتصر على عابري السبيل، والمتأخرين عن منازلهم والمتشردين والسكارى.

فالجولة الخفيفة بوسط المدينة تكشف الفرق بين فرض الحجر ورفعه، بل هناك حظر طوعي فرضه الناس على أنفسهم في مدينة لا تحفز إلا على الخلود الى الفراش. وتأصل هذا المبدأ بعد أشهر من الحجر المنزلي الذي زاد في منسوب الرغبة التي تحث على إطفاء الأضواء باكرا وتأجيل إي نشاط بعد طلوع الشمس. والذي يبحث عن اقتناء حاجيات بعد السادسة مساء يقتنع تلقائيا بأنه لن يحصل عليها، وله أن يؤجل عمل الليل إلى الغد. وأما باقي الشوارع البعيدة عن وسط المدينة، فعادة ما تتحول إلى مناطق خاوية على عروشها لا تدب فيها الحياة، ولا تسمع فيها إلا همسا. والملفت للانتباه في سطيف إذا بحثت عن الخبز بعد الساعة الرابعة مساء فلن تجد له أثرا ولا رائحة، ولا ترهق نفسك في التنقل بين المخابز، ومحلات المواد الغذائية لأن هذه المادة الحيوية تنقضي قبل هذا التوقيت ولا توجد فترات مناوبة ليلية.

والوضع لا يختلف كثيرا بمدينة العلمة المعروفة وطنيا بسوق دبي، وبحيويتها التجارية الكبيرة، فبمجرد أن تحل الساعة الثالثة بعد الزوال تصفد أبواب الشارع التجاري، وتتحوّل دبي الى حي خاو تنعدم فيه الحركة، وتتراجع الحيوية التجارية مع انعدام أي نشاط يدفع الناس إلى الخروج. وأما باقي البلديات فلا علاقة لها أصلا بتسمية المدينة، وهي خاوية في كل الأوقات ومظلمة حتى في وضح النهار والحجر فيها على مدار العام.

النهضة الاقتصادية ينبغي أن تُقرن أيضا بمدن لا تنام، ففي السبعينيات والثمانينيات كانت شعلة المدن الساهرة لها نورها في عدد من المناطق كالجزائر العاصمة ووهران وعنابة على سبيل المثال، لكن هذه الشعلة انطفأت اليوم ولا علاقة لذلك بالوباء الذي قضى على ما تبقى من رماد الحركة في الليل، فغابت الحيوية الليلية حتى في المدن الساحلية والسياحية، وهي قضية ثقافة وذهنيات أزاحت الرغبة في إحياء الليل في المدن الجزائرية التي فقدت الكثير من تسمية المدينة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
4
  • نوار

    و الله و الله انا لم افهم من المقال قط
    كيف بكم ان تصوروا ان حياة الليل هي الافضل و ان ما اختارته هذه البلديات شيء دنيء او ما شابها ذالك
    الليل جعله الله سبات و الخلود الى النوم قبل العاشرة ليلا من احسن الامور و لا يجب اتباع الدول الاخرى التي يدمن شعوبها على السهر و كلهم يحملون بذور السرطانات و العياذ بالله من تلك الامراض
    الراسمالية التي يطمح اليها شعوب دول العالم الثالث ، ما هي الا احلام مدمرة كونها غير مثقفة لا تعلم كفاح الاروبيين الى العودة الى حياة السكينة كما في الماضي

  • نورين الحاج

    السلام عليكم..اريد رقم الصحفي المتألق سمير مخربش ضروري ضروري رجاءا

  • من بلادي

    غلق المطاعم والمقاهي والمحلات ......أبوابها وتوقف وسائل النقل عن العمل ................ على الرابعة مساءا لا يحدث الا في الجزائر ... ثم يحلم الجزائريين بأن يأتيهم السواح الاروبيين خاصة الذين حياتهم الليلية أهم من حياتهم النهارية التي كلها جد وعمل .فنحن مثلا نستعمل مصطلح ليلة سعيدة بداية من 6 مساءا لكن هؤلاء يستعملون مصطلح أمسية سعيدة ولا يستعملون : ليلة سعيدة الا بعد منتصف الليل .

  • tadaz tabraz

    الجزائر هو البلد الوحيد في العالم الذي يدوم ليله حوالي 15 ساعة وخاصة شتاءا ( من حوالي الساعة 17 الى اليوم الموالي الساعة 8 صباحا ) وهذا منذ أحداث التسعينيات في وقت ليالي الدول الأخرى تستمر الى ما بعد منتصف الليل