-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

بين الماء.. والنساء!

بين الماء.. والنساء!
الأرشيف

من الخطإ اختصار خطر الهجرة غير الشرعية، في مصير المغامر الآني، ما بين أمواج البحر أو انقلاب القارب في عُباب البحر المتوسط، الذي صارت أسماكه تتغذى من أجساد المهاجرين، وإلهاب حُرقة الفراق في قلوب الأمهات خوفا على أبنائهن من مصير الهلاك، ومن الخطإ أن لا نلتفت لمن نجحوا في اجتياز البحر واحتضنتهم القارة العجوز بعجائزها اللائي وجدن شبابا قادمين من الجزائر، مستعدين لأي تنازل معنوي بعد التنازل الجسدي من أجل الحصول على “رتبة” مقيم في أي بلد في القارة الأوروبية مهما تلطخت هذه “الرتبة المزعومة” بالإهانات.

الرقم الذي صدمتنا به الاتحادية العامة للجزائريين في المهجر عن عدد الجزائريين الذين تزوجوا من أوروبيات من أجل تسوية وضعيتهم والذي فاق الخمسة آلاف، من المفروض أن يدق ناقوس الخطر الاجتماعي، لأن الأمر لا يخص الرجال من المهاجرين، وإنما النساء أيضا، وهذا من دون الحديث عن هوية النساء اللائي تزوجن من الشباب الجزائري.

فعندما يضع الشاب حياته بين كفي أمواج البحر، ويضع مستقبله بين كفي سيدة لا يعرف ماضي ولا حاضرا ولا مستقبلا لها، ويقتنع بأن كل هذه التنازلات أحسن من العيش في البلاد، فمعنى ذلك أننا بلغنا درجة من اليأس لا تختلف عن الموت بعينه.

تعلّم الجزائري أو علّموه منذ الصغر، بأن يعيش من أجل هدفين في الحياة، وهما العمل والسكن، لأجل بناء أسرة صغيرة يكمل بها نصف دينه، وما عاد يفكر في أمر آخر إلا في هذا الثالوث، الذي اختصر حياته وسجنه، وعندما يصطدم بصعوبة الحصول على العمل والسكن، يرى بأن الحياة قد فلتت من يديه، فيباشر البحث عنها في أماكن أخرى، ولا يراها سوى ما وراء البحر، الذي يستقبله بأمواجه العاتية، فيسلمه بطواعية روحه، وينهيه بين أحضان سيدة يتنازل أمامها عن بقية الكرامة والعزة والنخوة، التي ظننا بأنها جزء من كروموزوماتنا.

لا أفهم كيف تتهاطل بعض الأرقام المرعبة عن الانهيار الاجتماعي الذي يهز البنيان الجزائري، ولا تجرف سيوله الحكومات والرجالات الذين يتغنون بالإنجازات الكبرى التي حققتها الجزائر، ولا أفهم لماذا لا تُعلن حالة الطوارئ الاجتماعية من أجل عقد مصالحة تاريخية وعاجلة بين الجزائري وذاته، لأن طبيعة الأرقام في مثل هذه الحالات، أنها تتكاثر بنسب المتتاليات الحسابية والهندسية، إذا لم تدخل قاعة العمليات الجراحية بشكل استعجالي، وتولّى المداواة أهل الاختصاص من أصحاب الكفاءة والوطنية.

الصمت عن حالة اليأس التي بلغها بعض الشباب والشابات، ولّد مغامرين ومغامرات ما صار يشغل بالهن غير ركوب البحر، أو ربما غير ترك البلاد نهائيا، والصمت عن انتشار ظاهرة الهجرة غير الشرعية، ولّد مغامرين اجتماعيين ومغامرات ما عاد يهمهم مع أي شخص يكملون ويُكملن نصف “دينهن”، والصمت عن ظاهرة زواج الوثائق، سيولّد شعبا في الخارج معجونا بالبحر .. وبالنساء.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • هشيمالهاشمي

    وهذا دليل على أن البلد بخير وعافية وما هؤلاء الا شباب يهوى المغامرة فالنتركه يغامر حتى يتعلم "شمر على ذرعيك تاكل "لكروفات" ولي يحب الحوت يشمر على ساقيه " ولي خاف ما ركب " حنا هكذا كنا اه هاهاهتا