-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

تبّون والحَراك.. الحوار مع من؟!

حسين لقرع
  • 1479
  • 7
تبّون والحَراك.. الحوار مع من؟!
ح.م

بنجاح السلطة في تنظيم الرئاسيات وإقناع قرابة 10 ملايين جزائري بالمشاركة فيها، تكون قد كسبت ثاني أخطر امتحانٍ وجودي بعد الامتحان الذي تعرّضت له عقب انتخابات 26 ديسمبر 1991، في حين تعرّض الحَراك لنكسةٍ كبيرة قد تدفعه إلى مراجعة حساباته ومطالبه.

الحراك فوّت على نفسه فرصة ذهبية حينما اكتفى بالتظاهر كل جمعة وثلاثاء، ورفض تعيينَ قيادةٍ له ينبثق عنها مرشحٌ له في رئاسيات 12 ديسمبر، كبوشاشي أو بن بيتور… وبذلك ترك المجالَ واسعا لرجال السلطة للترشُّح لهذا الموعد المصيري بلا منافسين حقيقيين. وأكثر من ذلك، سقط رهانُ الحَراك على مقاطعة قياسية للانتخابات، بعد أن أحسنت السلطة استغلال لائحة البرلمان الأوربي لتجنيد ملايين الجزائريين الرافضين لأي تدخّل أجنبي في شؤون بلادهم، ثم جاءت الضربة القاضية بعد لجوء مجموعات من الحراكيين المتطرّفين في المهجر إلى ممارسة عنفٍ جسدي ولفظي جارح ضدّ شيوخ ونساء وعائلات خلال العملية الانتخابية، ما استفزّ الكثير من المتردّدين في الداخل ودفعهم إلى الانتخاب نكاية في هذه الأقلية التي تريد فرض عنفها واستبدادها على الجزائريين.

إجراءُ الانتخابات ووصول تبُّون إلى قصر الرئاسة خلفا لبوتفليقة كما توقّعنا في أواخر أفريل الماضي، يعني نجاح السلطة في ترجيحِ كفة الحلّ الدستوري على الحلّ السياسي القائم على مرحلةٍ انتقالية ومجلس تأسيسي.. اليوم لم يعُد واقعيا رفع المطلب نفسه، ما يعني ببساطة أنّ الحَراك قد دخل في ورطةٍ كبرى ليس له مخرجٌ منها سوى قبول دعوة الرئيس تبون إلى الحوار وقبول “يده الممدودة” إليه.

غير أنّ المعضلة التي سيواجهها الرئيس هي عدم وجود ممثلين لهذا الحَراك منذ 10 أشهر كاملة، فمع من يتحاور إذن؟ وكيف؟ وفضلا عن ذلك، سمعنا جزائريين متطرّفين بالخارج يدعون إلى الرفض القاطع لدعوة تبُّون إلى الحوار لأنها تعني الاعتراف به رئيسا، والاعتراف بانتخابات السلطة والقبول بتجديد نفسها، وتتمسَّك هذه الأصواتُ المتطرّفة بضرورة استمرار الحراك إلى غاية تحقيق أهدافه وأهمها الذهاب إلى المرحلة الانتقالية والمجلس التأسيسي..

وإذا نجحت هذه الأصوات المتعصّبة في نسف الحوار قبل أن يبدأ، فلن يكون أمام الرئيس الجديد إلا المراهنة على عامل الوقت والشروع في تنفيذ إصلاحاته ووعوده للجزائريين بالتغيير وتجسيد التزاماته الانتخابية الـ54، وفي مقدِّمتها إجراء تغيير عميق للدستور، ومراجعة قانون الانتخابات، وحل المجالس المنتخَبة والذهاب إلى انتخابات تشريعية ومحلية مسبقة، وفتح المجال واسعا للشباب لتبوئ المسؤوليات في الدولة، ومواصلة مكافحة الفساد، وإصلاح الوضع الاقتصادي والاجتماعي… وفي الوقت نفسه، يُرجَّح أن ينتظر الرئيس صدورَ أحكامٍ قضائية نهائية بحق مسجوني الحراك ثم يستعمل حقه في العفو الرئاسي لإطلاق سراحهم، قصد تهدئة الخواطر والنفوس.

ومن المفارقات أنّ حراك 22 فبراير قد أسقط بوتفليقة وكان سببا في وصول تبُّون إلى قصر الرئاسة، لذلك وصفه بـ”المبارَك”، لكن أكبر ضربة مُني بها هي قيام أقلية فرنكو علمانية بركوبه بعد أسابيع من انطلاقه، وتحويل وِجهته برفع مطالب غير واقعية أثارت مخاوف ملايين الجزائريين ودفعتهم إلى الانفضاض عنه في شتى مدن الوطن، وإذا بقي الحراك على تصلّبه ورفضه لكل المبادرات والحلول التوافقية، فقد يقود نفسه بعد أشهر إلى طريق مسدود.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
7
  • أحرار الجزائر

    هذا الذي يسمى حراكا ، حاليا ، هم أنصار العصابة القابعة في السجن ، يسعون جاهدين لإطلاق صراح أعضاء العصابة ، وهم يتقضون في كل خرجة أموالا طائلة مقابل عملهم هذا. فالخروج إلى الشارع يوميا صار عملا يدر أموالا طائلة من خزينة المال الفاسد. و البعض من هؤلاء الحركيين ممثلهم الوحيد و الأوحد هي فرنسا ، حيث يرون وجوب التحاور معها.

  • Karim

    على الإخوة المخلصين في الحراك ألا يتعصبوا لرأيهم و أن بسحبوا البساط من تحت أولائك الذين ركبوا الحراك من أجل أهداف ضيقة و الدليل القاطع موقف فرنسا .
    فإن كانت فرنسا و أذنابها يكنون خيرا للجزائر فنحن كلنا مع الحراك.

  • أعمكر الشاوي

    يا سبحان الله إلى اليوم و لم تفهموا بعد ؟ قلنالمكم أن الحراك غير مرتبط بشخصيات و لا بمواعيد إنتخابية .الحراك حامل مشروع تغيير و هو يحاو السلطة كل ثلثاء و كل جمعة مباشرة الملايين تخرج بكلمة شخص واحد رافعين مطالب واضحة و كلها تصموا إلى التغيير الفعلي للنظام لكن بعد توفر شرطين أساسيين هما إطلاق سراح مسجوني الحراك و نزع من تبقى من رموز النظام . و لا حوار مع الموالاة من الأفلان و الأرندي و تاج..., . كل شيء واضح فلماذا المراوغة ؟

  • HOCINE HECHAICHI

    1. الحراك الشعبي الذي قادته الطبقة الوسطى ( التي تقود الشعوب في جمع الأزمان والأوطان) ( عندنا طلاب سنوات 70 و 80) انتهى(قبل الجمعة 20 ) بعد أن بلغ الرسالة : ضرورة إحياء "المشروع الوطني" (المتوقف منذ نهاية سنوات 80 بسبب الإرهاب ): دولة وطنية عصرية.
    2. حاليا لم يبق في المسيرات إلا فلول FIS (لإحياء المشروع التيوقراطي الظلامي ) وأزلام MAK الانفصالي وأزلام الأحزاب الجهوية FFS ,RCD,PT, RAJ (لفرض "حكم طائفي" على الطريقة اللبنانية )

  • HOCINE HECHAICHI

    1. الحراك الشعبي الذي قادته الطبقة الوسطى ( التي تقود الشعوب في جمع الأزمان والأوطان) ( عندنا طلاب سنوات 70 و 80) انتهى(قبل الجمعة 20 ) بعد أن بلغ الرسالة : ضرورة إحياء "المشروع الوطني" (المتوقف منذ نهاية سنوات 80 بسبب الإرهاب ): دولة وطنية عصرية.
    2. حاليا لم يبق في المسيرات إلا فلول FIS (لإحياء المشروع التيوقراطي الظلامي ) وأزلام MAK الانفصالي والاحزاب الجهوية FFS ,RCD,PT, RAJ (لفرض "حكم طائفي" على الطريقة اللبنانية ).

  • Aek d'adieu

    الحراك في بدايته كان من أجل إسقاط العصابة ، فكان بذلك حراكا مباركا.
    أما حراك اليوم فهو من أجل المساومة لإنقاذ العصابة .
    بعد سقوط العصابة و انتخاب الرئيس لم يعد هناك مبرر لمثل هذا الحراك الذي أصبح مقرفا و مقززا.

  • محمد عربي

    على الرغم من موافقتي على أغلب ما جاء في مقالك، أجدني مظطرا لأن اقول لك: أنت" نية " يا أخي. تذكر أنه بمجرد تردد اسم أحمد طالب الإبراهيمي كمرشح محتمل للحراك ترضى عنه غالبية الشعب الجزائري حتى تكالب عليه منظرو الحراك من أصحاب اتجاه ايديولوجي معين ( فرانكوفونيون و بربريست و شيوعيون ) بأقبح الأكاذيب و الإدعاءات فهو في نظرهم إسلامي ، محافظ ، معرب، عمل تحت سلطة بومدين الديكتاتوري ، عدو الأمازيغية...... إلى غير ذلك من ادعاءاتهم المقيتة. و كان سيحدث نفس الشيء لو تجرأ أحمد بن بيتور أو غيره للترشح ألا إذا كان من شاكلة سعيد سعدي و كريم طابو.