تذكر مارسيليا للاعبها بن بلة التفاتة حضارية من فريق يشجعه المغتربون

تجلى في الآونة الأخيرة تقارب نادي مارسيليا الفرنسي العريق مع كل ما هو جزائري، ولم يبق سوى ضم لاعبين أو على الأقل لاعب من الخضر للنادي المنافس حاليا على لقب الدوري الفرنسي، لأجل أن يصطبغ أصحاب الأبيض والأزرق باللونين الأخضر والأبيض للعلم الجزائري، والحديث حاليا يدور حول إمكانية ضم إسلام سليماني في الميركاتو الشتوي، وحتى المدافع فوزي غلام إن سارت الأمور على أكمل وجه، لأن زمن الطلاق بين مارسيليا واللاعبين الجزائريين قد طال.

تذكر النادي الجنوبي للاعب عابر دحرج الكرة في ناديها منذ قرابة قرن وهو الرئيس الجزائري الأسبق أحمد بن بلة شرف للنادي وللجزائريين، فبن بلة لعب مع فريق الجنوب قبل أن تبدأ منافسة كأس العالم ولم تكن للكرة نفس الشعبية الطاغية حاليا، ومع ذلك تذكروا عيد ميلاده واحتفلوا به ولو رمزيا وهذا أمر يُحسب لفريق مارسيليا الذي خرج مؤخرا من دور المجموعات من رابطة أبطال أوربا ولم يعد يشغله سوى رتبة جيدة في الدوري الفرنسي ولم لا مزاحمة باريس سان جيرمان على اللقب. يعتبر أحمد بن بلة من أشد المحبين للعبة كرة القدم من كل الرؤساء الثمانية الذين حكموا الجزائر، فقد مارسها لاعبا وتابعها مشجعا فلم تمر سنة من الاستقلال حتى دعا منتخب ألمانيا لمواجهة الخضر في ملعب العناصر أو 20 أوت حاليا وكان في المدرجات يتابع فوز رفقاء زيتوني بهدفين نظيفين، كما كان معجبا بالظاهرة بيلي دعاه مع منتخب بلاده إلى الجزائر، وهو ما جعل الراحل هواري بومدين يستغل هوس بن بلة الرئيس بالكرة، فينقلب على حكمه في الوقت الذي كان بن بلة في وهران في 18 جوان 1965 يتابع مباراة من بين نجومها بيلي، وعاد أسطورة كرة القدم البرازيلي بيلي لزيارة الجزائر في مارس من سنة 2013 في زمن عبد العزيز بوتفليقة بعد زيارتين سابقتين في عهدي الراحلين أحمد بن بلة وهواري بومدين فكان في الأولى بحضور بن بلة وفي الثانية في سجنه وفي الثالثة بعد سنة من رحيله.

وكان أحمد بن بلة اللاعب السابق في نادي مارسيليا وعاشق الكرة، قد تمكن من استدراج المنتخب البرازيلي حامل لقب كأس العالم في الشيلي عام 1962 لأجل اللعب بكل نجومه في الملعب البلدي أو زبانة حاليا في وهران في الثامن عشر من شهر جوان 1965، حيث فازت البرازيل على زملاء الراحل ماتام بثلاثية نظيفة، سجل منها بيلي هدفا وحيدا، وفي الوقت الذي أخذ بن بلة الذي حضر المباراة صورة بين الأسطورتين غارينشا وبيلي، كان بومدين قد خطط للانقلاب الذي أخرج بن بلة من الحكم في اليوم الموالي، وهي آخر صورة فوتوغرافية لبن بلة قبل أن يوضع في السجن عقب الانقلاب، وفي عام 1969 كان هواري بومدين يطمح لأجل تأهل الجزائر إلى مونديال 1970 بالمكسيك، فاستدعى نادي سانتوس البرازيلي الذي كان يلعب له بيلي الذي بلغ حينها سن التاسعة والعشرين، ونقل المباراة إلى وهران أيضا في شهر فيفري من عام 1969 ولكن من دون حضور بومدين، حيث كان بيلي في أوج عطائه قبل سنة من تتويجه بالمونديال المكسيكي، وزار بيلي الجزائر في ربيع 2013 قبل سنة من احتضان بلاده المونديال الذي شهد بلوغ الخضر الدور الثاني. عندما فاز الخضر في الصائفة قبل الماضية بلقب أمم إفريقيا، أقام مناصرو مارسيليا تيفو بديع وكتبوه باللغة العربية تهنئة للجزائريين، ثم قامت أسرة النادي بتكريم خاص لجمال بلماضي الذي حمل قميص مارسيليا في مسيرته كلاعب، وها هو النادي الآن يتذكر أحد أكبر المقاومين للاستعمار الفرنسي، والسياسي وأول رئيس للجزائر أحمد بن بلة لأنه تقمص ألوان الفريق الفرنسي الكبير والوحيد في فرنسا الذي فاز بلقب رابطة أبطال أوربا. لكل الأندية الأوروبية الكبيرة مواقع أشبه بالكتاب المليء بالأخبار والفيديوهات والتاريخ أيضا، ففي الوقت الذي تنسى فيه فرق جزائرية نجومها الذين منحوها الالقاب والفرحة، يتذكر مارسيليا لاعبا لم يحقق معها أي لقب كما تذكرت منذ بضعة أشهر جمال بلماضي وهو أيضا لم يحقق معها أي لقب، ليس إلا لكونه حمل قميصها.
ب.ع