-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

ترامب والبترول!

ترامب والبترول!

منذ أن اعتلى الرئيس الأمريكي المثير للجدل دونالد ترامب، مقاليد البيت الأبيض، في 20 جانفي 2017، وسعر النفط يسترجع عافيته ضمن معادلة “مصائب قوم عند قوم فوائد”.
الرجل تحدّى الأعراف والأخلاق، بنيّته في نقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس الشريف، فأحدث أولى رجّات النفط التي ولّدت أسعارا مرتفعة، وأخرجت الاقتصاد الجزائري من عنق الزجاجة، ثم واصل خرجاته بالدوس على الاتفاق النووي الذي أبرمه سالفه مع إيران، فدقّ بعنف طبول الدمار في الخليج العربي، فقارب سعر النفط الثمانين دولارا، وهو رقمٌ لم يبلغه سعر النفط منذ أكثر من أربع سنوات، وقد يعود ليُلهب الشرق الأوسط في 14 ماي الجاري عندما يعلن رسميا مأساة تحويل سفارة بلاده إلى مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم، مانحا مزيدا من أرباح أسواق النفط، التي قد تُخرج الجزائر من أزمتها الاقتصادية وتوقف نزيف احتياطي الصرف الذي دخل مرحلة العد التنازلي نحو الصفر، منذ أن نزل سعر النفط إلى ما دون الخمسين دولارا.
المفارقة التي تؤكد أن للآخرين برامج لا تزول بزوال الرجال، ولا تهتم بالتقلبات الآنية للأسعار، إيمانا منها بأن الإنسان هو من يصنع المال وليس العكس، وليس لنا في المقابل أي برامج، هي أن الرئيس الأمريكي لم يهمُّه اقتصاد أوروبا ولا سياستها وهو يرمي الاتفاق الأمني مع إيران ويُلهب أسعار النفط، بينما نعجز بعد أربع سنوات من دخول نفق الأزمة عن إيجاد أي حل اقتصادي بعيدا عن ريع النفط، إلى درجة أننا صرنا ننتظر مزيدا من “شطحات” أو “جنون” ترامب، لأجل ارتفاع أسعار النفط الذي تأكد مع مرور السنوات بأنه المصدر الوحيد لقوت الجزائريين.
مجرد رحلة تاريخية في الاقتصاد الجزائري وسنوات البحبوحة منذ الاستقلال، تؤكد بأن الهزات الخارجية هي وحدها من تتحكم فيه، فلم يحدث أبدا أن شهدت الجزائر انتعاشا اقتصاديا أو سِلما اجتماعيا كاملا أو رفاهية بسبب برامج اقتصادية محلية أو مشروع أمة، فقد ارتفع سعر النفط في حرب 1973 فاستفادت الجزائر ماليا وباشرت مشاريع ضخمة تتجلى في الفنادق والملاعب والقاعات الرياضية وثورات الصناعة والزراعة التي عرفتها البلاد في زمن هواري بومدين، ثم ارتفع سعر النفط مرة أخرى في أواخر سبعينات القرن الماضي بعد الثورة الإيرانية، فكانت فرصة سانحة للجزائر لتُنجز مقام الشهيد ورياض الفتح وبعض المشاريع في زمن الشاذلي بن جديد، وأعاد التاريخ نفسه في أواخر تسعينات القرن الماضي، وقد يعيده مرة أخرى، إذا اشتدَّ الصراع الأمريكي والإيراني بسبب الملف النووي.
ما يحدث في العالم وما يقوم به الرئيس الأمريكي، لا يزيد عن أن يكون مجرد أخبار سياسية تثير الجدل الإعلامي، وحتى تأثيراتها على البورصات والاقتصاد العالمي تبقى ظرفية ومن دون أن تزلزل هذا البلد أو ذاك، بينما تضرب عندنا في الصميم، لأننا بالمختصر المفيد نعيش من ريع البترول… عفوا من البترول فقط.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
2
  • ellopo

    نحن وبعدنا الطوفان ....وفقط

  • محمد

    الذي يحدد سعر برميل البترول هي المضاربة وليس الأخبار بالدرجة الأولى..والمضاربون من يملك القدرة على تحريك أسواق كل شيء معروفون ..وهم صهاينة وول ستريت ممن يملكون البنوك الكبرى وشركات السلاح والنفط والإعلام معا.
    كل الدول النفطية مجتمعة لاتصل لقدرة بضعة شركات نفط تملكها هاته العائلات النفطية ضمن كارتل إحتكاري منها إكسون موبيل وبي بي ودوتش روايال شال وشفرون وغيرها . لذا تملك القدرة على تحديد سعر النفط بما يناسب أجندتها السياسية.
    ثانيا ، أكثر مدخولات الجزائر تأتي من الغاز وليس من البترول وسعره يتحدد مسبقا في عقود مدتها سنوات.
    أما إن كان التفريط في فلسطين وسوريا ينقذنا فالأولى بنا أن نجوع.