-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
خروج الرئيس يضع الموالاة في مهبّ الفُرقة

“تعالُف” المغانم ولّى.. فهل يظهر تحالف المغارم؟

الشروق أونلاين
  • 7146
  • 0
“تعالُف” المغانم ولّى.. فهل يظهر تحالف المغارم؟
ح.م

ظلّت الجزائر منذ استقلالها وإلى صيف 1990، مع أول انتخابات محليّة تعدديّة، محكومة باسم الحزب الواحد، ولا يكون التنافس الانتخابي إلا ضمن مرشّحيه، فلم تعرف الحكومات المتعاقبة وقتها إلا هويّة حزبيّة واحدة وإن تباينت ألوانه الإيديولوجيّة ومشاربه الفكريّة في مراحل معيّنة، بحكم التحولات التي عرفتها البلاد.

لكن بعد توقيف المسار الانتخابي في جانفي 1992، اضطرت السلطة السياسيّة آنذاك إلى توسيع قاعدة المشاركة التمثيلية في مؤسسات المرحلة الانتقالية، لإضفاء نوع من الشرعيّة على وجودها الذي تشكّل خارج بنود الدستور المعطّل بفعل حالة الطوارئ، وإن ظهر ذلك الحضور التعدّدي محتشمًا في المجلس الاستشاري ما بين عاميْ 1992 و1994، فإنه كان بارزا بداية من نهاية جانفي 1994 بتأسيس المجلس الوطني الانتقالي، الذي دخله الإسلاميون، ممثلين في حركة المجتمع الإسلامي (حماس).

هذا الدخول التشاركي في مؤسسات المرحلة الانتقالية سيتطور لاحقًا إلى “ائتلاف حكومي” مع أول حكومة شكّلها الجنرال ليامين زروال بعدما صار رئيسا للجمهوريّة نهاية 1995، بتكليف عبد القادر حميتو، كوزير للمؤسسات الصغيرة والمتوسّطة، وبوقرة سلطاني، بصفته كاتب دولة للصيد البحري تخت غطاء حماس، أما قبلها فقد كان زروال رئيسًا للدولة، وعرفت حكوماته مشاركة بعض الشخصيّات الحزبية المنشقة عن جبهتي “الإنقاذ” المحلة و”الأفافاس” بصفتهم الفرديّة.

وعقب تشريعيات جوان 1997، توسّع “الائتلاف الحكومي” كمّا ونوعًا ليشمل التجمع الوطني الديمقراطي وجبهة التحرير الوطني وحركة المجتمع الإسلامي، ثم انضمت حركة النهضة والتجمّع من أجل الثقافة والديمقراطية والتحالف الوطني الجمهوري وحزب التجديد الجزائري دفعة واحدة إلى المجموعة في أول حكومة شكلها الرئيس بوتفليقة برئاسة أحمد بن بيتور نهاية عام 1999.

غير أنّ تطوّر الأحداث السياسيّة ضمن الاستقطاب السياسي الحادّ في خضمّ الاستحقاق الرئاسي 2004، فرض تشكّل “تحالف سياسي حكومي ثلاثي” بين “الأفلان” و”الأرندي” و”حركة مجتمع السلم” لمساندة المترشح بوتفليقة ضد رئيس حكومته علي بن فليس، والذي استمرّ لاحقا إلى غاية تشريعيات 2012، والتي جاءت في سياق “الربيع العربي”، ما دفع “حمس” لفكّ الارتباط ثمّ الانسحاب نهائيّا من الحكومة.

هذا المعطى الطارئ، أفضى بمرور الوقت إلى تشكلّ تحالف رئاسي جديد لتوفير قاعدة سياسية تسند برنامج بوتفليقة منذ 2014، تشكّل قوامه من “الأفلان” و”الأرندي” و”تاج” و”الحركة الشعبيّة”، غير أنّ الفضاء البديل اتّسم بضعف الثقة بين مكوّناته، وطغى عليه التنافس البيْني، بل وصل الأمر في بعض المنعرجات إلى حدّ التنابز بالألقاب والتراشق السياسي وحتّى الضرب تحت الحزام، ما جعله تحالفًا هشّا صوريّا، لا تجمعه الأفكار ولا البرامج ولا الرجال، ولا توحّده فعليّا الخيارات والقرارات، بقدر ما تحفّزه المغانم والمواقع ومزايا الولاء، لضمان البقاء في محيط السلطة الدافئ، ومثل هذه الوضعيّات الشاذّة في عرف السياسة والحكم، تُفضي حتمًا إلى السقوط والتفكّك إذا لاحت لحظة المغارم، والتي لا يصمد أمامها الانتهازيّون، فهم ينتقلون في مواقفهم من النقيض إلى النقيض دون حرج ولا حياء، والسياسة عندهم لا تعدو أن تكون تموقعًا نفعيّا في الوقت المناسب.

اليوم، يبدو أن ملامح الخارطة السياسيّة برمتها ستتغير في البلاد إذا ما صارت الإصلاحات وفق ما نادى به الشعب والتزم به رئيس الجمهوريّة، والذي أعلن مغادرة الحكم بعد الانتخابات الرئاسية المؤجلة إلى إشعار آخر.

وفي غضون ذلك، ستتبدّد بكل تأكيد جميع “التعالفات” التقليديّة التي التفت حول مركز السلطة ومنافعها، لتنشأ بدلها تحالفات واقعيّة جديدة بين النخب والتشكيلات السياسيّة التي ستفرزها نتائج وتطوّرات الحراك الشعبي، خاصّة أنّ الانفتاح الفعلي يؤدّي في الغالب إلى تقاسم تناسبي للحكم بين التيارات التمثيليّة، إذ أنّ الانتخابات المفتوحة تكون مخرجاتها عادة موزّعة بين الأحزاب الكبرى بميزان الإرادة الشعبيّة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!