تقليص وكالات الجوية وتخفيض أجور موظفيها بالخارج
ألحق رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، شركة الخطوط الجوية الجزائرية بمشروع الإصلاح الذي أطلقه مع الشركة الوطنية للمحروقات “سوناطراك”، فبعد أن طالب وزير الطاقة بمراجعة تسيير سوناطراك ووقف تبذيرها بتقليص مكاتبها بالخارج، جاء الدور على الجوية الجزائرية التي أمر الرئيس وزير النقل بإعادة النظر في عمل وكالاتها وتقييم مردوديتها وتقليص عددها لخفض كلفة تسيير الشركة خاصة ما تعلق بالعملة الصعبة على اعتبار أن العاملين بهذه الوكالات يتقاضون أجورا تتراوح بين 1500 و2500 أورو.
الخطوط الجوية الجزائرية، أو الشركة الوطنية الوحيدة التي تتربع على عرش النقل الجوي في الجزائر منذ الاستقلال دون منافسة لا عمومية ولا خاصة والتي أمر الرئيس صراحة خلال مجلس الوزراء بإعادة النظر في جانب من جوانب تسييرها والمتعلق بانتشار وكالاتها بالخارج، تملك نحو 35 وكالة في الخارج، يعود نشاطها لأكثر من عشرين عاما يحكم انتشارها الطلب على النقل الجوي في الدول التي تختار لاستحداث الوكالات التي تنحصر مهامها في عمليات بيع التذاكر وتنظيم الرحلات بين الشركة الأم والشركات الناشطة في مطارات الدولة الأجنبية التي تقع فيها الوكالة، عبر ما يعرف بـ”الرحلات المركبة”، وهي المهام التي تحولت إلى عمليات إلكترونية.
وإن كان يبدو أن هذه المعطيات هي مبرر الرئيس تبون في الإصلاح الذي طالب بإدراجه من خلال عملية جراحية على الجوية الجزائرية، إلا أن معطيات أخرى فرضت التحرك ومن بينها ما يعرف عن المحاباة والمحسوبية التي كانت تعبد طريق الكثيرين إلى هذه الوكالات والذين كان أغلبهم من أبناء المسؤولين في وقت سابق، وهذه التعيينات التي أثارت في العديد من المناسبات حروبا داخل الجوية الجزائرية ليس من أجل العمل طبعا، وإنما بسبب تأثير ضخامة الأجور والامتيازات، إذ تعتمد الجوية الجزائرية نظاما خاصا للأجور يتماشى مع أجور الدول المستقبلة لهذه الوكالات وهو الأمر الذي يجعل أدنى أجر يصل إلى 1500 أورو بالنسبة للمستخدمين وأعلى أجر يتجاوز 2500 أورو يتقاضاه مدير الوكالة وتوظف كل وكالة ما بين 3 إلى 5 موظفين، الأمر الذي يجعل كلفة تسيير كل وكالة يصل إلى 10 آلاف أورو شهريا، وتعتبر كلفة كبيرة بالنظر إلى أن الخدمات التي تقدمها في غالبيتها أصبحت خدمات إلكترونية تقدم عن بعد.
وبحسب خريطة انتشار وكالات الجوية الجزائرية، فالشركة تحصي 6 من هذه الوكالات تنتشر في فرنسا وهي أكبر سوق للجوية الجزائرية على الإطلاق بجالية جزائرية يفوق عددها الخمسة ملايين ووكالة واحدة في بريطانيا وأخرى في بلجيكا، ووكالة في سويسرا وأخرى في روسيا الفدرالية، كما توجد وكالة بكندا التي تضم جالية جزائرية مهمة أيضا إلى جانب وكالة أخرى في تركيا التي عرفت مؤخرا ارتفاعا في الوافدين إليها من تجار وسياح جزائريين.
خريطة انتشار الوكالات تضم كذلك وكالة في دولة الإمارات وواحدة في السعودية على خلفية الحج والعمرة و5 وكالات للجوية الجزائرية موزعة على القارة الإفريقية واحدة منها بالمملكة المغربية وأخرى بتونس وواحدة بمصر ووكالة واحدة بمالي ومثيلتها بالسنغال.
هذه الأسباب وغيرها من التقارير التي وصلت الرئيس كانت وراء قراره إصلاح الجوية الجزائرية من خلال تقليص وكالاتها وترشيد تسييرها لوقف نزيف العملة الصعبة، شأنها في ذلك شأن القرارات التي اتخذها بخصوص تسيير سوناطراك، ذلك لأن الرئيس سبق له أن ألزم الحكومة بتخفيض ميزانية التسيير بنسبة 60 بالمائة دون المساس بتخصيصات التحويلات الاجتماعية والأجور، فهل سيفقد ترشيد التسيير جاذبية واستقطاب سوناطراك والجوية الجزائرية للتوظيف ضمنها؟