-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

تكوين عادة القراءة…

حسن خليفة
  • 302
  • 0
تكوين عادة القراءة…
ح.م

أستطيع الجزم بأن أحد أهم الإنجازات الكبيرة التي ينبغي أن نعمل ـ جميعا ـ على تحقيقها وبلوغ أهدافها النبيلة، إنما هو سعينا الجاد في سبيل “تكوين عادة القراءة” في أفراد شعبنا، بدءا من نخبه السياسية، مرورا بنخبته الجامعية من مئات آلاف الطلاب والطالبات الذين يكاد الكتاب يكون أعدى أعدائهم، على حد تعبير أحد أساتذتنا الأفاضل، وصولا إلى أبنائنا من “المتمدرسين” في مختلف الأطوار التعليمية.

 ثمة عزوف كلي مشهود عن القراءة، وهناك جفاء كبير بيننا وبين الكتاب بكل أنواعه (المطبوع، الإلكتروني المصوّر، المسموع.. إلخ). والخسارة كبيرة من هذا العزوف، والخسارة أكبر للمجتمع برمّته الذي لا يعتني بغرس العادات الحضارية القويمة في أبنائه، التي ستتجلى ـ بعد حين ـ في أمية حقيقية كاسحة تجعلنا على هامش الجغرافيا وهامش الأحداث، في عصر لا يعترف بالجاهل ولا بالأمي ولا بصاحب اللغة الواحدة…

لننخرط في مقترحات عملية، لعل ذلك أفضل من تعميق التنظير:

لا مرية في أن هذا الأمر ينبغي أن ينطلق من المنزل.. من الأسرة…من المحضن الأول للإنسان، كما يقول الدكتور عبد الكريم بكار “البدايات التربوية الجيدة تبدأ دائما في المنزل، والآباء هم المربّون الطبيعيون، ولذا كان اهتمامهم بالعلم عاملا حاسما في تطوّر الموقف النفسي لأطفالهم تجاه قضية التعليم، وتكوين عادة القراءة لديهم، فهم قادرون ـ إن أرادوا ـ على تكوين حس الملاحظة والإصغاء والانتباه وتنمية الملكات في أبنائهم.

وينبغي أن ينتقل هذا الاهتمام إلى المؤسسات التربوية بعد ذلك في شكل سلس، برعاية ما بدأه الأولياء وتنميته وتعزيزه… فالمدارس ـ عندما تكون مدارس حقيقية ـ في إمكانها أن تغرس هذه الفضيلة في التلاميذ بطرق ذكية شتى، وتعزز لديهم حبّ القراءة والمطالعة وما يتبع من خطوات تتصل بالشغف القرائي، إذا صح التعبير.

ثم يأتي بعد ذلك أو ربما بالموازاة دور المؤسسات الثقافية المختلفة من مكتبات عامة ومكتبات بلدية ومكتبات متخصصة لدعم هذا الجهد التعليمي الرائد والرائع، باستحداث طرق مختلفة كالمسابقات والمنافسات بجوائز تحفيزية مهمة… لدفع الشباب وعموم القرّاء إلى الانخراط في القراءة النافعة المفيدة.

لا ريب هنا أن المؤسسات المجتمعية المختلفة بما فيها المؤسسات الإدارية كالولاية والبلدية ومديريات التربية والثقافية والشباب لها نصيب وافر في مجال تعزيز فعل القراءة ودفع الناس إليه دفعا مغريا باستحداث فضاءات للقراءة، بصيغ تحفيزية.

الجامعات بدورها والمراكز العلمية والبحثية (وأساس قيامها هو القراءة والبحث) لها دورها الكبير أيضا في بناء منظومة قويّة بناءة متينة في مجال القراءة والبحث والتخليص، على نحو يجعل الطلبة يقبلون إقبالا نوعيا على القراءة بكل أشكالها.

ثم لا ننسى بعد كل هذا الإعلام بوسائله المختلفة، ودوره لا ينكر في إمكانية دعم الانخراط المجتمعي في تكوين عادة القراءة ببرامج، ومسابقات، وتعريف بالجيد والنافع من الكتب وبأشكال لا تنتهي من العرض والتحفيز.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!