-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

تونس أكبر من الفوز بمغانم سياسية

تونس أكبر من الفوز بمغانم سياسية
ح.م

أزمة تشكيل الحكومة في تونس استفحلت، الرغبة في جني الغنائم هي من أشعل فتيلها، والراغبون في مغانم سياسية، تواقون لاحتواء السلطة وفرض خياراتهم الأحادية، أو اقتسام حقائبها مع حليف أقوى.

لعبة ديمقراطية بموازين مختلة، في غياب الأغلبية المطلقة لأي كتلة برلمانية، أضحت طموحاتها أكبر من قدراتها في إدارة دواليب الدولة المحاصرة بأزمتي الاقتصاد والمال.

التوافق الوطني أبعد ما يكون ما بين اليسار واليمين، والعلماني والأصولي، ولو صب في إطار تحالف تكتيكي، سرعان ما يتفكك أمام انعدام القواسم المشتركة بين تيارات ومذاهب لا تملك أكثر من هدف مرحلي يكمن في الصراع على حمل أكبر قدر من حقائب وزارية .

وأزمة تونس لا يكمن حلها في طيف سياسي يتزين به رئيس وزراء قادم على مركبة برلمانية يدفعها التكتل الأقوى، أو التحالف التكتيكي المفتقر للتوافق الإستراتيجي، فألوان الطيف السياسي تزويق لجدارية ديمقراطية، لم تعد تغري شعبا طموحاته الحضارية أكبر من حجم قواه السياسية المشتتة في حلبة صراع لن يحسم في المدى المنظور.

مصالح القوى السياسية المؤثرة في المشهد الراهن، وإن اتسعت فهي أضيق من رغبة شعب ودولة في الارتقاء بمكانتها المتوارثة منذ قيام جمهوريتها المدنية، وقدرتها المتجددة في تخطي أعظم الأزمات وأعقدها .

تونس لم تكن منذ البدء علمانية مجردة من أصولها، ولم تكن أصولية متجردة من مدنيتها الحضارية المحكومة بقوانينها المعاصرة في مجتمع موحد لا يختلف على هويته المطلقة.

التجاذب السياسي، حراك تقدمي، تتوالد في مخاضه رؤى أكثر تحضرا في بناء وطن يرتقي بمكانة الأمة، شرط أن لا ينزلق في صراعات تعطل عمل مؤسسات الدولة وتضرب أركان استقرارها السياسي والأمني والاقتصادي.

لكن تونس التي تتطلع إلى طي صفحات أزمات شاغلتها، تنتظر اليوم ولادة حكومة جديدة تبعث في حياة شعبها الاطمئنان، وتعجل حركة التنمية في مجالات الحياة كافة، بعيدا عن سياقات التحزب والتطرف والمحاصصة السياسية، فالبدء بعلاج الأزمات القابلة للاتساع لا ينتظر حسم خصومات تحت قبة برلمان لا تهدأ فوضى المعارك فيه.

الرئيس قيس سعيد اضطلع بدوره السيادي وفرض منطق القوة في مركز قرار سياسي، متمسكا بمبدأ الحفاظ على سير دواليب الدولة بما يضمن استقرارها وهيبة سيادتها، بعيدا عن مناكفات لا مجال لتمددها زمنيا أمام تحديات لا ينفي أحدا خطورتها، ووضع الجميع أمام سلطة الدستور الوطني، مذكرا بنصوصه ومواده غير القابلة للالتفاف عليها، تحت أي ظرف كان.

الرؤية المتبصرة للرئيس التونسي، على قاعدة التشريعات الدستورية، التي تخوله حل البرلمان والدعوة لانتخابات مبكرة، وضعت القوى السياسية أمام مسؤولية إعلاء المصلحة الوطنية الكبرى، على أي مصالح ضيقة أخرى، والخروج عاجلا من دائرة الأزمات التي تنهك البلاد، وتعطل مسارات البناء التنموي التي أقرها التحول الديمقراطي برنامجا يشمل مجالات الحياة كافة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • نمام

    الديمقرطية ليست نظام سياسي يختارقادتها بطريقة معينة بل هو نظام سياسي يتصرف حكامه بطريقة معينة يختلف عن الديكتااورية ليس فقط في الطريق الذي يختار فيه القادة ولكن في الطريقة التي يتعاملون بها مع مواطنيهم بطرق لنيل حقوقهم ولاغلبية قد تكون اخطر على الديمقرطية ومها كانت تمر الحكومة او لا تمر فان الوضع الاقتصادي سيكون خطرا و حل الحكومة سيكون من الصعوبة بحيث يبقى تعديل الدستور كما قال الرئيس واردا النظام البرلماني يترك الغلبية نهظة ام غيرها في الواجهة ومشاريع الرئيس تحتاج لمرور و لذا الديمقرطية هي من تحكم اخيرا بشرط خدمة لتوانسة و اقتصادههم اما المنافع و الاسترتيجيات عمل سياسي و لكن بافق مستقبلي