-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

ثقافة الحسد..

حسن خليفة
  • 2013
  • 0
ثقافة الحسد..
ح.م

الحسد “جرثومة” فتاكة تنطلق من بعض النفوس الخبيثة في شكل شحنات سالبة فائقة التركيز خطيرة الوقع، تتبعها ميولات مَرَضية ونزعات شريرة وأعمال سيئة رديئة تسعى سعيا حثيثا ـ خفية أو جهرا ـ إلى إيذاء الناس بأعمال خبيثة قد تكون سحرا محرّما، وقد تكون أعمالا كيدية ومحاولات للإضرار بالمحسود أو المحسودين ـ المحسودات بأي شكل كان، وهنا تكمن خطورة هذا الشر ّ المستطير أي وصوله إلى الإضرار الواضح بالغير..

مناسبة هذا الحديث هي استنطاق لواقعنا الاجتماعي الموبوء، فالكثير من الشرور في المجتمع كالفُرقة، والتمزق، والصراعات المؤلمة،والعداوات المستديمة، وسواها من الأمراض الفتاكة التي تنخر جسم المجتمع وتحرق نسيجه منشؤها ومأتاها من هذا”الحسد”.

ولستُ أريد الحديث عن الحسد والحاسدين وسوق الأشعار المعبرة التي كُتبت فيهم منذرة وفاضحة، وما أكثرها، فضلا عن الآيات والأحاديث والحكم والأقوال، وهي في عمومها تعبّر عن حقيقة هذا الورم الخبيث في بعض النفوس وإنما مرادي هو إطلاق صيحة لإدراك المجتمع الغارق في الاختلالات والآفات الروحية التي لا تقلّ في فداحة خسائرها عن الآفات الاجتماعية، ولا عن العلل والأمراض الجسمية، والكل يعلم أن مجتمعنا فيه نسب مرتفعة من المرضى فهم بالملايين في بعض الأمراض الشائعة الخاصة بالجهاز الهضمي، أو السكري، أو ارتفاع الضغط أو….

بل إن قطاع الصحة كله مريض بشهادة الرسميين وبرهان ما تكتبه الصحف وتذيعه القنوات وتنشره المواقع، ويكفي للدلالة هنا ما عرضه الشريط الذي قُدم أثناء اجتماع الحكومة مع الولاة.فقد كان “فاضحا ” بما يكفي..ولا أزيد.

أن المقصود هنا في “ثقافة الحسد ” هو التنبيه إلى ضرورة وأهمية بناء منظومة تكاملية في مجال الثقافة الدينية والإيمانية بل والثقافة العامة والتربوية من أجل الحد ّ من انتشار هذه الآفة الشريرة وأمثالها، والعمل على تغطية كل الحقول والوصول إلى كل الشرائح في سبيل “تجفيف” الحسد والكره والغيرة والعداوات الباطنية…أو إثم الباطن.

إن استئصال هذا الورم وما هو في حكمه يحتاج إلى عناية بشيء كبير مهم يمكن تسميته بـ”التزكية” وبالأخص الفردية منها، فضلا عن التزكية الجماعية التي ينبغي أن تبثّها مختلف المؤسسات.

والمقصود بالتزكية الفردية أن يرتفع مستوى الفرد عندنا إلى أفق آخر يصير فيه الاهتمام منه بـ “النفس ” اهتماما تزكويا يسعى فيه إلى تطوير نفسه، ويعكف على ذلك بشكل منتظم، ليحقق الارتقاء الإنساني.وللأسف فإن حركات كثيرة في الغرب تجتهد في هذا كل الاجتهاد، باتباع أنماط خاصة من التأمل، والتشافي الروحي، والارتقاء الإنساني، والتقليل من البعد المادي في فهم الحياة…بينما نغرق نحن المسلمين أكثر فأكثر في الماديات والملموسات ونهمل أو نكاد هذا الأمر الذي هو أحد أهم الأبعاد في مجال العبادات ومجال الإيمان كله.

لا تكمن خطورة انتشار هذه الأمراض المعنوية /الروحية في حرقها للأخضر واليابس فقط، بل إن خطورتها تكبر مع الإهمال وقلة الاهتمام بالارتقاء بالمجتمع إلى أفق السموّ الروحي والخُلقي، وللأسف لا نجد لهذا الأمر وجودا في البرامج السياسية والثقافية والمجتمعية في وطننا..إلا فيما ندر.

نفتح هذا القوس التذكيري هنا في انتظار أن يُفتح قوس مجتمعي كبير تتعاون فيه الإرادات من أجل صيانة الدين والإنسان والأخلاق والروح..

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!