-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

ثلثا دول العالم يمكنها أن تزول.. ونحن؟

ثلثا دول العالم يمكنها أن تزول.. ونحن؟
ح.م

أصبحت الدول الكبرى، خاصة بعد أزمة كوفيد 19، تخشى المستقبل وتستعد له، لا لشيء سوى لأن المخاطر والتهديدات التي سيعرفها العالم في قادم العقود، وفق تقديراتها، أكبر مما عرفته البشرية منذ الأزل… لَفَت انتباهي لهذا الأمر، الملف الذي خصصه العدد الحالي لمجلة (AFFAIRS FOREIGN) (نوفمبرـ ديسمبر2020) تحت عنوان “الرأسمالية بعد الوباء ـ ما الذي نفتقده لتوقع الأزمة القادمة؟”… وبدا لي المقال الذي كتبه Michael Beckley مُهما. وقد كان بعنوان: “القوى العظمى المارقة: لماذا سيكون هذا القرن قرنا ليبراليا أمريكيا؟”، ذلك أنه من نوع المقالات التي تضع المرء أمام أسئلة رئيسة: أين نحن مما يُفكِّر فيه العالم؟ ما هي دلالات طبيعة الأسئلة التي نطرحها مقارنه بما يَطرَحه العالم؟ ما مصيرنا في ظل ما ينتظر العالم؟

بالرغم من كون السؤال الرئيس لكاتب المقال هو كيف يمكن للولايات المتحدة أن تبقى سيدة القرن الحادي والعشرين أمام القوى الكبرى المنافسة؟ إلا أني كنت أبحث عن سؤال مافتئ يُؤرقني: أي موقع لنا في هذا العالم القادم؟ وماذا تعني نوعية وطبيعة أسئلتنا مقارنة بأسئلتهم؟

ولم أتأخر كثيرا لتتأكد مخاوفي: أمريكا حسب الكاتب ستهتم بشأنها الداخلي في العقود القادمة، إذا أرادت أن تبقى رائدة العالم الليبرالي، ولا يهمها بقية العالم، بل لن تدافع عسكريا من الآن فصاعدا حتى عن حلفائها.. وكافة الدول الغربية ستسعى للتكيف مع مشكلتين رئيستين: التطور التكنولوجي، وشيخوخة سكانها. ولا يستبعد الكاتب أن تسعى روسيا إلى إعادة تجميع دول الاتحاد السوفييتي سابقا، وفرنسا إلى استعادة قبضتها على مستعمراتها القديمة، وألمانيا لتعزيز قدراتها العسكرية لأجل تأمين مصالحها البعيدة بعد أن تضيق أوروبا العجوز على استيعاب صادراتها، والصين لاستباق العجز في اليد العاملة التي ستنقص من هنا إلى سنة 2050 بنحو 225 مليون عامل… وهكذا بالنسبة لبقية الكبار، أما نحن، الجزء المتبقي من العالم، فيتوقع لبعضنا الانهيار والآخر إعادة استعمار…

يذكر الكاتب أن عدد الدول كان 46 دولة سنة 1945، وقد تضاعف اليوم عدة مرات ليتجاوز الـ200، ولكن من بين المائتي دولة هذه ثلثان لا يستطيعان توفير الأساسيات لشعوبها دون مساعدات خارجية حسب دراسات عالم السياسة Arjun Chowdhury، وأن بعضا منها مثل أفغانستان وليبيريا وهايتي، تُعتبر حالات عالية الخطورة، وبإمكانها أن تنهار، مما يعني أن الخطر قادم نحو البقية لا محالة إذا لم تستبق الأحداث وتُصحِّح طريقتها في طرح الأسئلة الرئيسة وفي تحديد أمهات القضايا التي ستتحكم في مستقبلها.

لقد أصبَحت تخيفني في المدة الأخيرة بالفعل كثرة الأسئلة و”القضايا” الجانبية التي تُشتت تفكيرنا وتبعثر جهودنا، وما أكثرها… كما أصبَحت تخيفني ظاهرة غريبة أطْبقت علينا، أننا  لا نكاد نخرج من مشكلة فرعية إلا ونُقحم أنفسنا في أخرى أو يتم إقحامنا  فيها من حيث لا ندري… ولولا إيماني بالله تعالى أولا، وتمسكي ببصيص الأمل وبقدرتنا على تفعيل إرادتنا في أي لحظة من لحظات القدر، لقلت إنه تم الحكم علينا بأن نكون من بقية العالم وانتهى الأمر… وبقية العالم هذه إما سيتم احتلالها مباشرة مرة أخرى أو تزول… ليبقى فقط الأقوياء ولِمَ لا 30 أو 40 دولة كما كنا قبل الأربعينيات من القرن الماضي…

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
3
  • ياسين

    وفي هاته السنوات الأخيرة فهمت جيدا مصطلح "القابلية للاستعمار" الذي أطلقه بن نبي رحمه الله ... بل ازداد حدة اليوم وأصبح المجتمع لديه "قابلية للفساد".."قابلية للتخلف" وهي كلها مصطلحات لها صلة "بالقابلية للاستعمار"؟؟؟

  • كلمة انصاف

    الحل الامثل الفعال الاوحد هو تكوين و بناء الانسان الفرد المواطن في صحته توازنه تفكيره نقده اولوياته ماله اقتصاده نفسيته اخلاقه مبادئه اسلحته المادية المعنوية ثقته بحكامه نفسه محيطه ... بهكذا افراد مجتمع لن نخشى و نهاب الصعاب ... اما شخلط بخلط و الكذوبات و السمسخير سيذهب كل شيئ.

  • أبو حسام الجزائري

    إذا أردنا البقاء فعلينا بحل مشكل الحكم بأسرع وقت والبدء بمعالجة المشاكل لا خوف علينا بعد ذلك ولديا عمق إستراتيجي الاوهو إفريقيا