-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

ثمنٌ باهظ

صالح عوض
  • 1019
  • 1
ثمنٌ باهظ

عندما تصبح حرية التعبير مقيدة بطلقة او قيد في زنزانة او تجفيف مصادر الرزق او مطاردة من بلد إلى آخر تصبح الحياة الإنسانية ممتحنة في العصب منها وتغادرها مبررات الاستمرار في أمة هي أحوج ما تكون إلى حرية التعبير والرأي والرأي الآخر لعلها تهتدي إلى سبل الخروج من أزمتها وتخلفها.
ليس مهما ان تتفق مع صاحب رأي لتقف مدافعا عنه في مواجهة من يستهدفونه بتصفية او تهميش او تجويع فأنت حينذاك تدافع عن حق إنساني وعن حق الإنسانية في تكريس مبدأ يحمي الأجيال ويقف سدا منيعا امام تغول الشر والتأله الذي يتسرب إلى النفس البشرية.
في معظم بلادنا العربية يواجه أصحاب الرأي عنتا شديدا ويحارَبون في أرزاقهم وهي أشد من قطع الأعناق.. ويصبح الاختلاف ولو بسيطا في تفصيلات الموقف يعني إخراج المختلِف من الملة والعصبة والولاء وعلى رأي أحد المتألهين: “من لا يلتزم لا يلزم”.. يعني لابد من إقصائه.
الخطورة ان المطلوب سكوت فيما يمس حق الأمة ووجودها وثرواتها وأمنها الحقيقي وأقدس ما لديها.. بمعنى ان السكوت ليس في مجالات يمكن ان تكون من ترف الحياة انما سكوت عن ضياع المقدس او انتشار الفساد وعن الضياع والتهتك في الثروات والقيم.. المطلوب سكوت عن كل ما له علاقة بالسيادة.. وهنا يكون الامتحان الأصعب.
يخون وطنَه ومقدسه ودينه ومبدأه من لا يهتز وجدانه فيما هو يرى كيف تنتهك الحرمات الكبرى وتساق الشعوب إلى المهالك وتقيد الحريات وتنتهك الحرمات.. يخون إنسانيته من يمتلك القدرة على التعبير ولا يقول كلمة او يبدي رأيا رافضا للعدوان على الإنسان وحقوقه.
فكيف يُكمم فم صحفي او مفكر او كاتب عن قول رأيه علنا؟ إننا حينذاك لا نفعل أكثر من خزن النار في الأتون ونهيء لانفجارات همجية انفعالية حمقاء تخرب ولا تصلح.. وهنا لا نقول ان ذاك الرأي بالضرورة يكون صوابا ولكن نقول بوضوح ان الرأي لا يواجَه إلا بالرأي والفكرة لا تدحضها إلا فكرة أقوى منها.. فتصبح عملية تحاور الأفكار والآراء سلوكا وتقليدا يكرس مبدأ الحرية وحمايتها ورفض الوصاية عليها.. وفي هذا نضمن ان لا تختبئ أفكار مخرِّبة في صدور أشخاص او مجموعات.
إن الكلمة مسئولية.. وأيضا الكلمة واجب.. وان بلدا يضيق بالرأي المخالف وينفيه من الوجود هو بلا شك يخشى من الانهيار ويعتقد انه يقف على جرف هار وان أي صيحة قد تعصف به.. كما ان الكتّاب والمفكرين والإعلاميين جملة عليهم ان لا يرتعبوا من قول آرائهم لصلاح بلدانهم وتنبيه ولاة الأمر لما ينبغي قوله.. فهم ليسوا مخيرين بين القول وعدمه انما هم مجبرون بواقع انتمائهم لشعبهم وأمتهم ليكونوا بذلك سببا في نهضة شعبهم وأمتهم وتقليل حجم الخسائر وصرف الناس إلى الوعي الملتزم والموقف المسئول والارتقاء بالحس الجماعي حرصا على البلد وأهله حتى لا يستدرجهم أحد إلى خارج وطنيتهم وقوميتهم وإنسانيتهم.. تولانا الله برحمته.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • صنهاجي قويدر

    حرية التعبير عملية ناخرة من الداخل مستوردة من الخارج يرادبها زعزعة الامن والإستقرار لا غير ، وقد ظهرت نتائجها الوخيمة التي أتت على الاخضر واليابس ، فصار الناس يحنون إلى الماضي ويرفضون الحاضر.، بما في الماضي من سلبيات وعلى ما يظهر في الحاضر من طامات ، الرسول صلى الله عليه وسلم لم يزاحم قريشا في السياسة الجالبة للملك رغم أن الملك جاءه طوعا، فرفضه ، كان- صلى الله عليه وسلم - يدعو إلى إصلاح المجتمع وغرس التوحيد في النفوس ، ثم أتته الدولة طائعة ، هذه هي سنته في التغيير ، وتلك سنة الماسونية في الهدم والردم تحرك الشعوب بالثورات ، ثم تتدخل لفرض تعاليمها وهيمنتها ،