-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

جامعاتنا.. إلى أين؟

حسن خليفة
  • 833
  • 7
جامعاتنا.. إلى أين؟
ح.م

أتصوّر أن إحدى أكبر الورشات التي ينبغي أن تُفتح، في الآجال القريبة، تلك المتعلقة بنظامنا التربوي التعليمي من الروضة إلى الجامعة.. بل وما بعد الجامعة في التكوين ذي العلاقة بما بعد التدرج.. في الدكتوراه وإعداد الباحثين والعلماء والنخبة اللازمة، فإن أكبر مظلوم في شأننا العام هو التعليم بكل مراحله…

دعنا نتحدث هنا عن الجامعات… وجيوش الطلبة والطالبات فيها، وأعدادهم تقارب المليونين ممن يتابعون ويتابعن دراستهم في الوقت الحاضر، وأما المتخرجون والمتخرجات فأعداد أخرى مهولة أكثرهم يخرجُ مباشرة إلى قوائم الانتظار، أي البطالة الصريحة، في مختلف التخصّصات والشعب، علمية كانت أو إنسانية؛ فالإشكال القائم عندنا منذ سنوات طويلة: أن الجامعة لا علاقة لها بالواقع المعيش من كل النواحي؛ فلا هي تكوّن بناء على احتياجات ودراسات ولا هي تقدم المطلوب؛ من حيث مستوى التحصيل، وحسن الأداء وقوة العلم والفكر والثقافة، والخلفية التكوينية الجيدة المتينة.

إنها لا تفعل، وكل ذلك لا وجود له… بما يطرح الإشكال الأكبر.. الذي يمكن طرحه من خلال التساؤلات التالية:
إذن.. ما هو مبرر وجود الجامعة عندنا إذا كانت لا تقدم الأقل من المطلوب منها، وهو التكوين العلمي المتين؟

وكيف ارتضينا السير في هذه السبيل عقودا من الزمن، دون أي مراجعة للأوضاع واستخلاص النتائج، ودون أي تقييم حقيقي يخفض الكُلفة، ويقارب ويسدد بخصوص التدقيق في أهداف الجامعة؟

ما الداعي إلى الانخراط في التطبيق الآلي المتعجل لأنظمة التعليم العالي القادمة من هنا وهناك، كنظام الأل أم دي الحالي، وتطبيق مناهج جديدة بين كل وقت وآخر، ما جعل الجامعة حقل تجارب مفتوح؟

من المسؤول عن هذه الأجيال التي تلقت تعليمها في الجامعات، على ذلك النحو الأعرج الأعوج، فلم تزداد إلا جهلا ولم تتخرج إلا وهي أفرغ مما كانت عليه قبل دخولها إلى الجامعة. وإذا أردنا أن نعرف َ اليوم حقيقة المأزق ـ وربما جاز لنا أن نقول حقيقة المأساة ـ فلنتوجه إلى التعرّف على قدرات طلابنا وطالباتنا في مجال البحث العلمي، وإعداد العروض والأبحاث القصيرة، فضلا عن الأبحاث الطويلة والأطاريح العلمية المكينة، في كل التخصصات علمية وإنسانية وأدبية …لنعرف مقدار “الضعف” والعجز والهُزال والحيرة والاضطراب وفقدان البوصلة والضجر وعدم امتلاك أي خلفية ومعرفة فيما يتصل بـ”البحث ” والبحث العلمي تحديدا؛ وهو كما نعلم ـ أي البحث ـ المحور القطب في التكوين الأكاديمي وأداة التقييم الأساسية.

وهذا دون الحديث عن الموضوعية، والدقة، والأمانة العلمية، فالجميع يعلم أن الغش بات ظاهرة طامّة عامة شاملة، وهو “مطمح ” الأغلبية الغالبة ووسيلتهم إلى “النجاح”.

ثمة اختلال كبير يتسع ـ للأسف ـ عاما بعد عام، وهو اختلال يأكل الأخضر واليابس من منسوب العلم والعلمية ويقتل الجامعة ويمنعها من أداء أبسط أدوارها وأضعف وظائفها؛ حتى صارت الجامعة أشبه بروضة للكبار، وأسوأ ما في الأمر هنا أن هذا ما كان يحرص عليه أكثر المسؤولين من رؤساء الجامعات.. المهم الاستقرار… أما ما عدا ذلك فلا يهمّ.. ثمة ما يخيف وهو قتل العقول.. وقد قيل بحق:
“العقل ليس وعاء يجب ملؤه .. ولكنه نار ينبغي إيقادها”

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
7
  • دكتور خالد

    Making Intelligence Smarter.
    فقط ارفعوا شعار: "صناعة الذكاء"

  • دكتور خالد

    أطلب فقط رفع شعار: "صناعة الذكاء"

  • ب نصيرة

    اضافة : فلنتوجه لمعرفة قدرات طلابنا و طالباتنا و أساتذتنا ايضا للأسف

  • أ.د/ غضبان مبروك

    نقول للأستاذ خليفة بعد الشكر الحار على مقالته أن العقول الفارغة لا يمكن ايقادها. وهذا هو حال الأغلبية الساحقة من الطلبة الجزارئيين. انهم يتلقون برامج اما مبتورة واما ناقصة لدرجة أن بعض المواد الأساسية لا يعطى فيها أكثر من 05/ من المحتوى وهي شبيهة بالانتخابات عندنا. أظف الى ذلك أن من يدرس هذه المواد غير مختص أو تكوينه مشوه لدرجة أن بعصض المطبوعات يرد فيها أخطاء بالجملة مطبعية ومعلوماتية. مطبوعة توجه الى الطلبة كما توجه الرسائل والأطروحات ملئية بالأخطاء وفاقدة لأي منهجية علمية ولكن مع الأسف الشديد تمررها الهيئات العلمية دون تحفظ نفس الشيئ عن المقالات التي تطبع بناءا على تدخلات من هنا وهناك.

  • وهيبة بوعيدوني

    جامعة متكلسة لا ينفع معها حتى اندر انواع الاسيدACIDE . هذه سياسة الكم التي قبلناها مرغمين،تاتي الى الجامعة كل سنة جحافل من حملة بكالوريا:10 من عشرين بالالف:ياتون مدربين على الغش والتحايل والكولسة،واساتذة حملة دكتوراة لا يحملون الا اوراق خريف في يوم ريح عاصفة، والقرارات بانجاح الطلبة دون مستوى العشرة تتخذ في دهاليز دون شموع، برامج تغير كل سنة ولجان وطنية همها شهادة المشاركة:يلتقون يكولسون يبدعون في الرداءة ويخرجون علين ببرامج يندى لها الجبين،رسائل الماستر كلها مقولبة وملمعة وبالله عليكم طالب يحصل على معدل دون العشرة وتكون علامة المناقشة:18 من عشرين،كيف هذا؟ ومسابقات الدكتوراة كوارث بيئية.

  • HOCINE HECHAICHI

    الجامعة اتجهت وستتجه إلى حيث اتجهت وستتجه البلاد والعكس بالعكس.
    بكل بساطة

  • ابن الجبل

    شكرا يا أستاذ على هذا التساؤل المشروع ؟ جامعاتنا لا تختلف عن مراحل الابتدائي والمتوسط والثانوي ، فقد غلب عليها التسييس . والشيء الغائب فيها هو الاهتمام بالنوعية وتحسين المستوى .والتركيز على الكمية مما جعل المدرسة والجامعة أشبه بمستودع يجتمع فيه الطلبة . وأبلغ مثال على ذلك ، ماذكره الدكتور العربي فرحاتي ، لجريدة من الجرائد ، بعد مسيرة في الجامعة دامت 40 سنة ، ولخص مظاهر الفساد في الجامعة بقوله :" لا تقرأ وتنجح " !!! . فهل نشهد نهضة علمية برجال أكفاء تؤسس لا قتصاد قوي ،أم نبقى ندور في حلقة :" اقرأ وفقط " ؟!!.