جزائريون يتعرضون للبيزوطاج!

البيزوطاج ظاهرة أمريكية تقرها الجامعات منذ عشرات السنين، تهدف إلى إهانة وتعذيب أي مجموعة جديدة لمعرفة مدى رغباهم في الانضمام إلى أخوية جامعية أو فريق رياضي وغيرهما.. في الجزائر، هذه الظاهرة ليست طقسية أو شيطانية بل سخرية وعنصرية… الشروق العربي، تغوص في البيزوتاج بالمفهوم الجزائري.

البيزوطاج في الجامعات الجزائرية لا يشبه نظيره الأمريكي، أو حتى بالجارة المغرب، إنما هو تصرف أرعن لبعض الطلبة، خاصة الأكبر سنا، الذين يظنون أنهم الأعلون في الجامعة… فالاختلاط بهم ممنوع، والكلام منهم غير مسموع، خاصة إذا تعلق الأمر بالطلبة الجدد. وإن لم تكن طقوس معينة كالزحف أو لبس ألبسة نسائية فهذا النوع من البيزوتاج هو الأكثر تحطيما للمعنويات.. حسام، طالب في السنة الأولى طب، راح ضحية سخرية الطلبة القدماء، ففي بداية دراسته تاه في دهاليز الجامعة، وهو يبحث عن مدرجه، غير أن أحدهم أرشده إلى مكتب مدير الجامعة، فطرق الباب دون أن يدرك المقلب، ولحسن حظه عادت السكرتيرة وأخبرته أنه أخطأ في المكان، وكل هذا أمام مرأى الطالب صاحب المقلب وأصحابه…

 من جهته، واجه أيمن، سنة أولى حقوق، سخرية طالبة في السنة الثالثة، حين سألها بفرنسية مكسرة، عن درس أستاذ معين، فرمقته بنظرة ازدراء، وقالت له: “اتعلم الفرونسي وارواح اهدر معايا”.. كما خضع فوزي، الجديد في الجامعة، لمقلب، بعد أن أوهمته إحدى الطالبات الأكبر سنا بأن زميلتها واقعة في حبه، وتريد أن تعطيه رقم هاتفها، فقبل المسكين الرقم بتلهف وانتظار، إلا أنه تفاجأ بصوت رجولي خشن، وبخه وهدده على الخط، لقد كان رقم هاتف والدها.

ويعترف أسامة، طالب في السنة الثالثة أدب عربي، بأنه يستغل براءة الطلبة الجدد، ويسخر منهم من خلال مقالبه ونكاته. فيحاول أن يضع لهم تعليمات وقواعد لا أساس لها من الصحة، كأن يجبرهم على خلع أحذيتهم على أبواب بعض القاعات. وإذا سألوه عن موقع معلم من معالم الجامعة يعطيهم إرشادات خاطئة وبعيدة جدا عن الموقع الذي يريدونه…

البيزوطاج الفردي

قد يكون البيزوطاج فرديا، فالانضمام إلى أي مجموعة له ثمن، وقد يمس كل الشرائح العمرية من طفل صغير يجبر على شراء الحلوى لآخرين، كي يصبح منهم، ومراهق يجبر على سرقة المال من أهله كي يشتري السجائر لأصدقاء المصلحة، إلى فتاة تقوم في خدمة صديقات أكثر ثراء أو جمالا، وهذا ما يؤكده هيثم: “في الجامعة، البنات الأكثر شعبية يصادقن بناتٍ من مستوى أقل، يقمن ببعض الأعمال للبقاء في المجموعة، كشراء الساندويتشات، ومراقبة المحيط.. في حين يشعلن سجائرهن وغيرها من الأعمال الوضيعة… كل هذا يهون في سبيل شعاع من الشعبية والاهتمام من الشباب”.

البيزوتاج في الملاعب

يرتدي البيزوتاج عند اللاعبين ثوب المزاح والمقالب، ويكون ضحيته اللاعبون الجدد، وهذا ليس في سبيل الإذلال والإهانة، بل لنزع الخجل والانسجام في الفريق، كما حدث مع اللاعب يوسف عطال، بعد مباراة غانا في ملعب تشاكر، حين أجبر على اعتلاء كرسي لغناء أغنية تاكفاريتاس “زعمة زعمة”، متصنعا ميكروفونا على شكل زجاجة مياه معدنية.. أما إسماعيل بن ناصر، فقد راح ضحية البيزوطاج الطريف، في فريق آسي ميلان، واعتلى هو الآخر كرسيا وغنى مقطعا من راب فرنسي وبرع فيه أيما براعة…

بيزوتاج الطالبات يشبه بيزوطاج منازل “الكابا دلتا” الأمريكية، فهو ناعم مثلهن، يقتصر على بعض الماكياج الفاقع وكتابة الأسماء بأحمر الشفاه على الجبين، ويكون حسب مونيا، طالبة في جامعة الجزائر، في مجموعة مغلقة بين الصديقات والزميلات، مصحوبا بأكل الكعك.

لا يكتفي البيزوتاج على الجامعات والملاعب، بل وصل إلى قاعات الزفاف، كما حدث مع عريس من باتنة، رشقه أصدقاؤه المتزوجون بالبيض والفرينة، ترحيبا به في عالم المتزوجين، وانتشر الفيديو على اليوتيوب.

نصيحة أخيرة

ينصح الأستاذ أحمد دوكي، مدرب تنمية بشرية وتطوير الذات، الطالب الجديد بقراءة الأنظمة والقوانين والتعليمات التي تصدرها الجامعة، والإقبال على الجامعة للاستفادة والمعرفة، وبألا يقتصر دوره على التلقي، بل عليه التفاعل وممارسة الأنشطة، والاستفادة من العلاقات الاجتماعية، وبألا ينساق وراء السخرية والعنصرية المقنعة، وبألا يطلب صداقة الطلبة الأكبر سنا، بل يبحث عن الرفقة وسط أقرانه.