-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

جسم الفيل وحلم العصافير

صالح عوض
  • 800
  • 3
جسم الفيل وحلم العصافير

عندما يعلن الرئيس الأمريكي ان الاتحاد الأوروبي والصين وحلف الناتو أعداء للولايات المتحدة الأمريكية فهو يتجه بأمريكا إلى موجات من التحدي التي من شأنها فرض عزلة وحصار بأشكال مختلفة على الولايات المتحدة الأمريكية.
مما لاشك فيه ان الولايات المتحدة هي القوة العظمى بلا منافس من حيث اعظم اقتصاد عالمي ومن حيث ترسانتها العسكرية وقدرتها على المبادرة والمغامرة حول العالم، ومما لاشك فيه انها الدولة الأكثر استيعابا للجهد البشري، حيث عادت بشعوب وألوان وأعراق عديدة، الأمر الذي جعلها تمتلك خلاصة القدرات العقلية العالمية بالإضافة إلى الاستحواذ على الثروات الأساسية في العالم.. وهذا جميعه يجعلها الأكبر جسما وقوة، لكن شأنها ككل الأمبراطوريات في التاريخ يأتي على رأسها رجل بمزاج ما، ورؤية ما، قد لا ينقصه الذكاء والعبقرية، لكن تنقصه الحكمة وفلسفة التنازلات فتنهار الإمبراطورية وتتلاشى مزقا ويكفي الإشارة إلى غورباتشوف الذي حاول النهوض بالاتحاد السوفيتي بعبقرية فذة، لكنها ناقصة الحكمة، الأمر الذي حطم الاتحاد السوفيتي وأسقط الكتلة الشرقية.
امريكا اليوم تحت قيادة ترامب قوية بلا شك، والرجل جلب لها الفوائد الكثيرة، لكنه عراها أخلاقيا وفضحها سياسيا وحوّلها إلى حيوان متوحش نهم لا يشبع، وهو في هذا كله انما يحاول ان ينقذها من عجز مالي رهيب، لكنه يتجه إلى اللعب على الحبال والقفز غير المحسوب، فيصبح العالم كله محل جشعه، فهو يريد ان يغلق على المكسيك ويعاقب اوروبا وروسيا ويشن حملة ضد الاقتصاد الصيني ويتحرك نحو الدول الضعيفة في بلاد العرب يحلبها..
ترامب غير المرحب به في كل عواصم العالم، وكانت آخر جولاته في بريطانيا، حيث خرج الناس ينددون بزيارته ويرفضون له ان يُستقبَل، فيما هو يمعن في الاستخفاف بالشعوب والدول وطقوسها.. وفقط يحاول الاقتراب من روسيا التي تتمدد في مناطق نفوذ امريكا.. وان اقترابه من الروس له دلالات ومقاصد لعل أهمها عدم الانشغال بالحروب الإقليمية، لكن على اعتبار ان تهتم روسيا بموقف امريكا من القضايا.
جسم ضخم يسير بقوة تدميرية رهيبة، لكن عقله يحمل مشاعر العصافير وغاياتهم فهو لا ينجح الا في كسب العداوات ولصق السياسة الأمريكية بأنها لا عهد لها ولا اتفاق مما يفقدها المزيد من مصداقيتها امام الشعوب والقوى السياسية الحليفة لها..
انها مرحلة تتهاوى فيها مصداقية الولايات المتحدة وتتكشف عوراتها وهذا هو الممهد الطبيعي لانهيار الإمبراطورية الأمريكية.. تولانا الله برحمته.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
3
  • عبد المؤمن

    كل هذا طبعا يعقّد أمور الرئيس ترامب لذلك تبدو سياسته مرتبكة ومُبهمة ولكن من يُدرك أن سياسته الخارجية وسياسته الداخلية مرتبطتان ارتباطا وثيقا يفهم الأمور بوضوح.
    *اليهود وضعوا الثروة والتكنلوجيا الغربية في يد الصينيين وفتحوا لهم الأسواق الغربية لإثنين:
    1/ مكافأة لهم على منح حق اللجوء بدون قيد لليهود طوال الحرب العالمية الثانية.
    2/ السعي لإضعاف الحضارة الغربية المسيحية وكل حضارة موحّدة لله و تقوية الشعوب الوثنية لأنها لا تدرك خطورة معتقدات اليهود على الإنسانية مما سيفسح المجال لسطوة اليهود على العالم ويحقق أحلامهم التلموذية.

  • عبد المؤمن

    التخصصات الجامعية وأن الأمريكيين رفضوا الدخول في الحرب ضد النازية قبل أن يُجرُّوا إليها جرّا. دونالد ترامب يعي أن الإتفاقيات التي أمضاها اليهود مع الصين* في عهد الرئيس بيل كلينتن هي انتحار أمريكي لصالح التّنّين الأصفر وأن روسيا ـــ عكس ما يدعيه اليهود ـــ ليست عدُوًا لأمريكا ولا تهدد مستقبلها مثلما تُهدّده الصين. دونالد لا يستطيع معاداة اليهود ومجابهتهم علنا وإحداث انقلاب في السياسة الخارجية لبلاده و إبطال مشروع العولمة اليهودية لذلك يلجأ إلى الطرق الملتوية ويتحايل قدر الممكن قصد تغيير ما يمكن تغييره مع استمالة الضبع الإسرائيلي برمي "عظم القدس عاصمة لإسرائيل" في فمه. كل هذا طبعا يعقّد

  • عبد المؤمن

    رئاسة رجل مثل ترامب لأمريكا هو في حد ذاته دليل على أزمة كبيرة داخل المجتمع الأمريكي واختلال خطير في النظام السياسي الأمريكي. دونالد ترامب ليس مثقفا وليس سياسيا بالمعنى التقليدي للكلمة ولكنه يدرك الكارثة التي ألمّت بوطنه ويعي أن اليهود يُمْسِكون برقاب الأمريكيين ويسُوسُون الولايات المتحدة بما يحقق أحلامهم ويتماشى مع مصالحهم ومصالح إسرائيل دونما أي اعتبار لمصالح الشعب الأمريكي؛ بالعكس هم ينتقمون من الأمريكيين لأنهم لم ينسوا أن أمريكا كانت ترفض استقبال السفن المحملة باللاجئين اليهود الأوربيين أثناء الحرب العالمية الثانية ولم ينسوا أن القوانين الأمريكية كانت تحدد عدد الطلبة اليهود في بعض