-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
صفحة تاريخية مشرقة

“جمال عبد الناصر” وثورة الجزائر

أحمد حنفي
  • 5230
  • 6

ارتبط اسم الزعيم الراحل جمال عبد الناصر ارتباطا وثيقا بالثورة الجزائرية المجيدة في سنوات الخمسينيات، بل ودامت حتى بعد الاستقلال فهو من احتضن الثورة الجزائرية وزعماءها في بلاده وهو من التحم بها التحاما مثيرا، جعل المستعمر الفرنسي يجزم بأن القضاء على الثورة الجزائرية لابد من أن يبدأ بالقضاء على نظام “عبد الناصر”..

جمال عبد الناصر، هو ثاني رؤساء مصر بعد محمد نجيب. ولد في 15 جانفي 1918، تولى السلطة من سنة 1956 إلى سنة 1970، تاريخ وفاته، وهو أحد قادة ثورة 23 جويلية 1952 الحاسمة، التي غيرت تاريخ مصر بالكامل، وجعلته ينتقل من زمن الملوك والسلاطين الأتراك إلى زمن الجمهورية المصرية التي يحكمها “مصريون”.

أطاح جمال عبد الناصر والضباط الذين كانوا معه، أو ما يسمى بالضباط الأحرار، بالملك فاروق، وتولى محمد نجيب الرئاسة، فكان بذلك أول رئيس لجمهورية مصر العربية، ثم وصل بعده جمال عبد الناصر إلى الحكم، وكان ذلك عام 1956، وهي السنة التي كانت فيها الثورة الجزائرية في قمة الاشتعال.

تميز جمال عبد الناصر بروح الثورة والتحرر، فكان من أنصار كل حركات التحرر في الوطن العربي، وكان دائما ينادي بالوحدة العربية وتحرير كل قطر من أقطار الدول العربية من أي مستعمر غاشم، وقد ناصر الثورة الجزائرية حتى قبل وصوله إلى الحكم، فهو من استضاف الرئيس الراحل “أحمد بن بلة” عام 1954، الذي قدم إلى مصر عبر ليبيا ليتدارس مع جمال عبد الناصر وضع اندلاع الثورة والتخطيط لأولى عمليات الإمداد بالأسلحة، ثم جند “عبد الناصر” إذاعة “صوت العرب” لشن حملة قوية حماسية تعرف بالثورة الجزائرية ليصل صداها خارج القطر الجزائري.

إلى جانب الإمداد بالأسلحة، حاول عبد الناصر مساندة الجزائر ديبلوماسيا، وتجلي ذلك عندما جمع جمال عبد الناصر بين ممثل فرنسا “جوزيف بيجار”، السكرتير العام للحزب الاشتراكي، ومحمد خيضر، وكان ذلك عام 1956، وقامت مصر بعقد الاجتماع الأول لهذه المباحثات، وأوصى بعدها عبد الناصر باستمرار هذه الجهود الديبلوماسية مع بذل أقصى جهد ممكن لدعم الكفاح المسلح.

مساندة جمال عبد الناصر للثورة الجزائرية لم تمر مرور الكرام، فقد انزعجت فرنسا كثيرا بسبب هذا الدعم، وساهمت في العدوان الثلاثي على مصر للقضاء على نظام جمال عبد الناصر ومن خلاله على المهد الذي يؤوي ويحتضن الثوار الجزائريين، ومع ذلك واصل عبد الناصر مساندته للثورة الجزائرية حتى الاستقلال.

المساهمة في تدويل الثورة المجيدة

لم تكن مساندة جمال عبد الناصر للجزائر وثورتها داخل مصر فقط، فقد كان يجعلها دائما في أولويات برامج المؤتمرات الدولية، وكان يؤيدها دون تحفظ، حتى لو أزعج ذلك دولا كبيرة، كانت تربطها بمصر علاقات استراتيجية وحيوية، مثل الاتحاد السوفيتي آنذاك، فقد حذر جمال عبد الناصر بشكل صريح ومباشر الرئيس السوفياتي “خروتشوف” من الانسياق وراء محاولات “ديغول” لإقناعه بزيارة صحراء حاسي مسعود والآبار البترولية الجزائرية، لأن ذلك سوف يتسبب في خلق مشكلة كبيرة بين الشعب السوفياتي والشعوب العربية الملتفة حول ثورة الجزائر.

جمال عبد الناصر والأحرار الخمسة

بعد اختطاف زعماء الثورة الجزائرية، أحمد بن بلة، محمد بوضياف، محمد خيضر، حسين آيت، أحمد ومعهم مصطفى الأشرف (الذي كان دوره كاتبا صحفيا مرافقا لقادة الثورة) يوم 22 أكتوبر 1956م، جاء رد مصر قويا وسريعاً، حيث قام جمال عبد الناصر عن طريق وزارة الخارجية المصرية بإعلام كل السفارات العربية والأجنبية بقضية الاختطاف، وطلب من الأمين العام للأمم المتحدة التدخل للإفراج عن المختطفين الجزائريين، كما شن حملة إعلامية كبيرة عن طريق إذاعة صوت العرب للضغط على فرنسا.

عبد الناصر والجزائر المستقلة

تواصل دعم عبد الناصر للجزائر وثورتها إلى غاية الاستقلال، وقد ربطته بحكومة الجزائر المستقلة علاقة وطيدة وجيدة بعد الاستقلال، سواء في فترة حكم الرئيس الراحل أحمد بن بلة أو الرئيس هواري بومدين، حيث واصل عبد الناصر دعمه للجزائر حتى وهي حرة مستقلة.

الجزائر المستقلة تقف إلى جانب مصر

بعد الاستقلال، وقفت الجزائر وقفة مشرفة مع مصر في حرب أكتوبر 1973، فلما علم الرئيس الراحل هواري بومدين بنية إسرائيل في الهجوم على مصر، طلب من روسيا (الاتحاد السوفياتي آنذاك) شراء طائرات وأسلحة لإرسالها إلى المصريين، لكن السوفيات طلبوا منه مبالغ ضخمة، فما كان من “هواري بومدين” إلا أن أعطاهم شيكا «على بياض» وطلب منهم وضع المبلغ الذي يريدونه، فالأهم هو مساندة مصر في محنتها، وهكذا تم إرسال الأسلحة والعتاد إلى مصر، كما أمد الرئيس الراحل مصر بـ 96 دبابة و32 آلية مجنزرة و12 مدفعا و16 مدفعا مضادا للطيران وما يزيد على 50 طائرة حديثة من طراز ميج 21 وميج 17 وسوخوي 7 .

مساندة الجزائر لمصر فى هذه الحرب لم تكن بالأسلحة والعتاد فقط، بل حتى بالجنود، فقد شارك الجيش الجزائري في حرب أكتوبر 73 بفرق عديدة من المشاة.

رحل جمال عبد الناصر بعد مسيرة حافلة بالإنجازات، سواء على الصعيد الوطني أم الصعيد العربي، كان ذلك في 28 سبتمبر 1970، وحضر الرئيس هواري بومدين الجنازة وبدا عليه الحزن الشديد، وبكى بحرقة على رحيل أحد أهم زعماء العرب، ممن ساندوا الجزائر المحتلة والمستقلة، ومازال التاريخ يذكر مواقف وزعامة جمال عبد الناصر.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
6
  • مؤرخ متربص

    كيدا ولا كيدا ، دارلكم المرحوم بواسطة المرحومين برشة اصوالح باشعر والخمار ، " الله إعمرها دار "

  • kerkache

    عبد الناصر أبو الهزائم في الخارج وأول دكتاتور مصري في الداخل. جاي انت تزور التاريخ وتبيض صفحته حتى لاأقول كلمة أخرى

  • Samir

    الثورة مات من اجلها مليون ونصف شهيد جزائري... لكن اتباع الاعراب وابناء فرعون وخدمهم في الجزائر يصرون على ان جمال عبد الناصر هو الذي تكرم علينا بالاستقلال..

  • mahmoud

    الحقيقة أن جمال عبد الناصر إستعمل الثورة الجزائرية كورقة ضغط على فرنسا لكي يححق مكاسب شخصية...فلا الجزائر و لا ثورتها كانتا محل إهتمامه

  • الواضح الصريح

    تمعنو في صورة الرئيس بومدين وبن بلله وكيف خفضا بصرهما أمام عبد الناصر . كل المآسي التي حلت بالجزائر أساسها عبد الناصر والإخوان المسلمون .

  • نور

    ليت الزمن الجميل يعود يوماً!!! متى يستفيق العرب ؟؟؟