-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

جمال وثقافة (زين وعقلية)

حسان زهار
  • 270
  • 0
جمال وثقافة (زين وعقلية)

ما تزال قضية ثنائية المظهر والمخبر، أو الجمال الظاهر والمستوى التعليمي والثقافي، تثير الجدل دائما، خاصة في ما يتعلق بمسابقات الجمال المحلية والعالمية، غير أن ما حصل في مسابقة “ميس اراب” في طبعتها الأولى بالجزائر، وما تخللته من مواقف محرجة للمتسابقات في ما يخص مستواهن الثقافي، وليس التعليمي، على اعتبار أنهن جميعا تقريبا جامعيات، أعادت هذا الجدل مجددا عندنا، ولكن هذه المرة بشكل أكثر حدة، مع بروز أسئلة مفزعة، على غرار ما الجدوى من هكذا تظاهرات، تكون نهايتها دائما إعطاء صورة سيئة عن المرأة الجزائرية الأصيلة، والتي لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تمثلها هذه النوعية من “الميسات”.

في تتبعنا لمجريات المسابقات العالمية “ميس موند” أو “ميس أونيفير”، نجد أنفسنا نخرج دائما بمقارنات صادمة، تثير الشجن في النفوس والعقول معا، بالنظر الى ما نراه عندنا وكل المسابقات العربية بلا استثناء، فإذا تجاوزنا الفروق الشاسعة في مستويات التنظيم والترويج والأهداف المعلنة، فإننا لا نستطيع أن نتجاوز الفروق الكبيرة في المستوى الجمالي للمتسابقات، والأخطر من ذلك، في المستوى الثقافي والفكري، ومستوى الوعي بأهداف المسابقات من هذا النوع، مع إقرارنا بالطبع أن الجهات المنظمة للمسابقات العالمية ليست هيئات إغاثة إنسانية أو جمعيات خيرية.

يكفي أن نشير أن المتوجات على رأس الجمال العالمي، كن جميعا تقريبا، ذوات رؤى انسانية أو يمتلكن خططا للاسهام في مشاريع خيرية، ومنهن من تحمل فلسفة خاصة في الحياة، على غرار المتوجة الجديدة ملكة جمال الكون 2017 الجنوب افريقية “دامي لي نيل بيتر”، أو من كانوا قبلها على منصات التتويج المختلفة، مثل الفليبينية “بيا ورثسباخ” أو الفنزويلية “غابريالا ايسلر، في حين حطمت الطبيبة الجنوب افريقية الأخرى رولين ستروس، ملكة جمال العالم 2014، كل المعايير والمقاييس الخاصة بالجمال والثقافة، وغردت بعيدا في فرض نظرية التطابق المدهش بين المظهر والمخبر، وبين جمال الصورة وروعة المضمون، من خلال تقمصها مهمة سفيرة برامج صحية كثيرة في إفريقيا والعالم، وهو ما لم يتحقق مع أي من جميلات “العرب”، اللواتي يصارعن للفوز بمقاييس معينة من (الزين)، بينما العقلية كما يقال (يجيب ربي).

وعلى عكس ما يتصوره البعض، فإن الشروق التي رعت إعلاميا ولم تنظم مسابقة ملكة جمال العرب في طبعتها الأولى بالجزائر، إنما حاولت أن ترتقي بالعملية إلى حدود الفعل الانساني، كما هي المسابقات الدولية الراقية، عبر دعم عمليات مكافحة مرض السرطان من خلال هذه المسابقة، وهو منهج اعتمدته دائما، بغض النظر عما يرافق ذلك من فعاليات، بدليل أن مسابقات ملكة الجمال على اختلافها وتنوعها عندنا، والتي تكون دون أي عمل خيري أو انساني يرافقها، لم تكن يوما في برنامج المؤسسة ولا من مخططاتها أو ضمن سياساتها.

وبالنتيجة، فإنه لا عيب في تتويج الجمال والاحتفاء به، لكن يكون الأمر مشرفا وجالبا للفائدة والمتعة معا، لو أن هذا التتويج يكون مرفقا بتتويج الثقافة أيضا، وتتويج الأخلاق والقيم الانسانية العليا، حتى تكتمل الصورة، وإلا اي جمال لامرأة تود حين تتكلم لو أنها تصمت للأبد، لأنها تشكل تعذيبا للأذن واستفزازا للعقل، ولذلك قال سقراط قولته الشهيرة : تكلم حتى أراك. ما يعني أن مقولة أنيس منصور “ملكات جمال الكون كلهن من الأرض”، لا تقابلها في الواقع سوى مقولة “إن ملكات جمال العرب كلهن على ما يبدو من المريخ” !. 

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!