-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

حاجتنا إلى رجل أعمال برتبة مثقف

حسن خليفة
  • 599
  • 2
حاجتنا إلى رجل أعمال برتبة مثقف
ح.م

على كثرة ووفرة رجال المال والأعمال في بلدنا، فإننا لا نكاد نعرف ما يمكن أن يشكِّل عدد أصابع اليد الواحدة من هؤلاء الذين هم طراز خاص من الرجال، وطينة خاصة من رجال المال والأعمال تشرّبوا أكسير الثقافة والعلم فصاغت شخصياتهم على نحو خاص، وجعلتهم قدوات ونماذج للناس في خدمة البلاد والعباد، في الشأن الثقافي تحديدا، وليس الشأن الثقافي بالشأن البسيط الهيّن.

نتعرف على آثار واحد من هؤلاء؛ ممثلا في مركز ثقافي باهر نافع، وهو مركز جمعة الماجد. وذلك لهدف وحيد: تحفيز رجال الأعمال في المجال الثقافي. وقد ارتأيتُ بسط هذه السطور عن بعض ما أسسه رجل المال والأعمال جُمعة الماجد، وأعني مركز جمعة الماجد للثقافة والتراث.

مركز جمعة الماجد للثقافة والتراث هيئة علمية ثقافية وقفية ذات نفع عــــام (*) تأسَّس رسميا سنة 1411هـ، الموافق 1991م، بدعم كامل من الشيخ جمعة الماجد. وتعود بداية المركز مع ميلاد فكرته لدى مؤسسه إلى عام 1988م، إذ بدأ العمل باقتناء الأوعية الثقافية بمختلف أشكالها، ومن ثم حفظها لفهرستها وتصنيفها، وفي عام 1993م بدأت مرحلة تقديم الخدمات المكتبية للباحثين وطلاب الجامعات.

ومنذ ذلك الوقت والمركز ينمو ويزدهر يوما بعد يوم، بدءا من وضع هيكله التنظيمي ونظامه الأساس ولائحة نظامه الداخلي، مرورا باختيار الكفاءات العلمية المتخصصة في المجال الثقافي، وانتهاء بخدماته التي يقدمها لروّاده من الداخل والخارج.

لما بذرت البذرة الأولى لهذا الصرح العلمي قبل ثمانية وعشرين عاما لم يكن مؤسسه يتوقع بأن المركز سيصل إلى هذا المستوى الذي هو عليه اليوم، ليس ذلك في العدد الهائل من الكتب والمخطوطات والوثائق التي تم جمعها، بل الأمر يتعلق بالأعمال التي تم إنجازها لإنقاذ الكتاب- مخطوطا ومطبوعا؛ فهو وعاء العلم، وآثار فحول الرجال، وسر الحضارة، والنور الذي تبصر به الإنسانية طريقها.

 تتمحور رسالة المركز في: تعبئة الطاقات والقدرات في جمع الأوعية الثقافية والفكرية والتراثية المتنوعة، وتقديمها للباحث بكل سهولة .ومنذ أن وضعت اللبنات الأولى لهــذا الصرح الثقافي كانت نصب عينيه أهداف سامية يعمل جاهدا على تحقيقها، منها:

– السعي إلى جمع التراث الإنساني (ومنه الإسلامي) وحفظه.

ـ توفير مكتبة تحتوي على مختلف العلوم والمعارف والثقافات، وتيسير البحث العلمي المنظم.

– التعاون الثقافي وتبادل الخبرات مع الهيئات الثقافية ومراكز البحث داخل الدولة (الإمارات) وخارجها

– الإسهام في نشر المؤلفات العلمية وإجراء الدراسات والبحوث التي تخدم الثقافة الإنسانية.

وبغية الوصـــول إلي أهدافه، ســلك المركز سبلا كفيلة بتحقيقهــا فعمد إلى اقتناء أوعية الفكر الإنساني بأشكالها المتنوِّعة ومعالجتها وتنظيمها وحفظها وإتاحتها للباحثين، وعقد الندوات والمحاضرات والمؤتمرات والدورات التدريبية وسعى جاهدا لبناء علاقات التعــاون الثقافي وتعزيزها، وتبادل الخبرات مع المنظمات والهيئات المحلية والإقليمية والدولية؛ مرتكزا على منظومة من القيم الإنســانية المتمثلة في بناء العقل الإنســاني، ونشر المعرفة، مؤطرة بالتواصل والخـــــدمة والعطـــاء. يمكن الحديث عن أنشطة المركز بشكل مختصر جدا كما يأتي:

1 – الترميم: ويشتمل على عدد من الأجهزة: جهاز الماجد للتعقيم، جهاز للمعالجات الأولية، جهاز للعلاج الكيميائي، جهاز الترميم الآلي، جهاز إنتاج الألياف السيلولوزية الورقية…

2 – المخطوطات: مكتبة المخطوطات في المركز تحتوي على نحو 850 ألف عنوان مخطوط؛ ما بين أصلي، ومصوَّر من خزائن المخطوطات في العالم العامة والخاصة. ويعمل المركز على فهرسة هذه المخطوطات وفق منهج متخصص؛ بغية تقريبها للباحثين والدارسين.

3- المطبوعات: مكتبة المطبوعات والوسائط تحتوي على نحو 400 ألف عنوان في نحو 1.800.592 مادّة تشمل الكتب، والرسائل الجامعية، والدوريات والصحف، والوسائل الرقمية التي تتنوّع بين القديم والحديث. ومن الرسائل الجامعية وحدها أكثر من 25 ألف رسالة، ومن الدوريات نحو 7 آلاف عنوان في نحو نصف مليون عدد. وتضم مكتبة المركز مكتباتٍ خاصة لعلماء ومفكرين، بلغ عددها 117 مكتبة. وقام المركز بفهرستها وفق قواعد الفهرسة الأنجلو- أمريكية AACR2.

4- الثقافة الوطنية: قام المركز بإنشاء مكتبة متخصصة تضم الوثائق والمراجع التي يحتاج إليها كل باحث في الموضوعات المتعلقة بدولة الإمارات، والخليج العربي، منها مكتبة خاصة بالوثائق المتعلقة بالخليج والوطن العربي تحتوي على نحو 4 ملايين وثيقة أصلية ومصورة، ونحو 11.315 كتاب في 14.686 مجلد يتعلق بالإمارات خاصة والخليج العربي عامة، ومكتبة خاصة بشعراء الإمارات، ومكتبة خاصة بالنخيل، بالإضافة إلى معرض رواد الإمارات، ومعرض الإمارات في ذاكرة الزمن.

5- الدراسات والنشر: تبنى المركز منذ نشأته إصدار الكتب والمؤلفات المتميزة، فبلغت إصداراته 132 كتابا، حتى الآن. كما عني بنشر الموضوعات الثقافية والتراثية من خلال مجلته (آفاق الثقافة والتراث) وهي مجلة فصلية علمية ثقافية تراثية محكمة.

7- الدورات التدريبية، والمحاضرات: يعمل المركز على التواصل المباشر مع جمهور عريض من المثقفين والباحثين والمهتمين من خلال عقد المحاضرات والدورات التدريبية المتخصصة، فينظم سنويا عشرات الدورات وورش العمل في مجال ترميم المخطوطات، وتحقيق المخطوطات، وفهرسة المطبوعات، والأرشفة الإلكترونية، وتطوير الذات، وغيرها من الموضوعات الإدارية.

8- المعمل الرقمي: قام المركز بإنشاء معمل رقمي في عام 2001م، مهمته تحويل الأوعية الثقافية بجميع أنواعها إلى صيغة رقمية؛ للاستفادة منها باستخدام وسائل التكنولوجيا الحديثة. وفي هذا المعمل يجري تصوير المخطوطات والوثائق، والكتب والمجلات النادرة، وتحويل أنواع الميكروفيلم وأشرطة الفيديو وأشرطة الكاسيت إلى أنواع رقمية حديثة، ويتم تحويل نحو 40 ألف صفحة يوميا من الصيغة الورقية إلى الرقمية.

9- خدمات الباحثين: يقدم المركز خدماته للباحثين عبر قنوات عديدة، فيمكن للباحث القدوم شخصيا إلى المركز، والاطلاع على قواعد البيانات للمخطوطات والمطبوعات، ويقوم بطلب ما يحتاجه منها، فتجلب له في قاعة مخصصة، ويسمح له بتصوير ما يحتاجه وفق قواعد التصوير المتعارف عليها بين المكتبات والمراكز، وكذلك يقوم المركز بتوصيل المصورات الرقمية إلى باحثين خارج الإمارات بالوسائل التقنية الحديثة، وفق ما يسمح به قانون الملكية الفكرية. كما يمكن للباحث التواصل مع المركز عبر البريد الإلكتروني، أو الهاتف للاستفسار عن الكتب والمخطوطات والموضوعات وطلب ما يحتاجه منها.

بالطبع لا تنتهي خدمات الرجل عند هذا الحد، فهو من مؤسسي كلية الدراسات الإسلامية والعربية، وصاحب يد في مشروعات كثيرة متنوعة. ولكن أحببنا الوقوف على هذا المعلم الثقافي الرائد الذي نشأ قبل عقود وما يزال يقّدم الكثير للمخطوط العربي، وللثقافة العربية الإسلامية، وللباحثين والباحثات.. فهل يعزّ على رجال المال والأعمال عندنا تحقيق مثل هذا الصنيع وأكثر؟.

مما أفادني به الباحث الدكتور عز الدين بن زغيبة الجزائري الذي يعمل في المركز منذ سنوات.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
2
  • عبدو

    على كراهيه الكثيرين بيننا من اصحاب علم الفرشيته للعرب خاصه المشارقه الا ان هناك كثير من رجال الاعمال المشارقه يرصدون الاوقاف و يقدمون الاموال لدعم العلم و المعرفه و اخص بالذكر رئيس الوزراءو رجل الاعمال رفيق الحريري الذي انشأ موسسه الحريري و التي تقدم المنح الدراسيه بالالاف سنويا للطلاب و هناك ايضا رجال اعمال خليجيين يقدمون المنح و الاموال لتشجيع البحث العلمي و بمبالع بملايين الدولارات سنويا ,
    اما عندنا فرجل الاعمال غالبا ما يكون لصا و مزورا و مرتشي هدفه السرقه و تخريب البلد لتحقيق احلامه المريضه و عندنا خير مثال رجال اعمال الحقبه البوتفليقيه

  • ابونواس

    غالبية مايسمى(رجال الاعمال)في الجزائر..غالبيتهم من اللصوص .وناهبي أموال الخزينة للشعب الجزائري......على ذكر (رجل الاعمال المثقف) أنت تصطاد في عتمة الليل....هاهو المسمى (أحمدأويحي) خريج الجامعة كل الاموال والمصانع التي بحوزته من السرقات التي باشرها منذ زروال ..و20سنة مع قائد العصابة بوتفليقة...