-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

حاكم العالم الجديد! 

قادة بن عمار
  • 1897
  • 1
حاكم العالم الجديد! 
ح.م

ما يحدث حاليا بين الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته دونالد ترامب وخصومه السياسيين، لا يتعلق فقط بضمان خروجه من منصبه أو برفضه حضور حفل تنصيب خلفه، لكن الحرب تتعلق أساسا بمحاولة إقصاء ترامب من المشهد السياسي عموما، وتصويره كمجرم خطير، بل وكمذنب وأكبر شخص مطارَد يهدّد الولايات المتحدة الأمريكية حاليا!

لذلك، فإن خطوة عزله من طرف تويتر، وربما فايسبوك لاحقا، هدفها قطع الاتصال بينه وبين أنصاره، ومنعه من التواصل معهم بشكل مباشر، خطوة كانت متوقعة جدا بالنظر لعدة معطيات وبناءً على عدة معلومات، إذ سبق لمسؤول تويتر “جاك دورسي” أن تحدى ترامب بتنفيذها وقال له مباشرة، وعلى طريقة أفلام هوليوود: “مشكلتك معي”!

فهل بات مسؤول تويتر أكثر نفوذا من رئيس أقوى دولة في العالم؟ وهل يدخل الأمر ضمن ما سماه ترامب تحالف الإعلام لإسقاطه؟!

الأكيد أننا بصدد متغيرات كبيرة يشهدها السلوك السياسي الراهن، متغيرات تجعل من العزل عبر مواقع التواصل الاجتماعي أهمّ وأخطر من العزل عن المنصب السياسي، كما تتخذ من غلق الحسابات الالكترونية وسيلة أكثر تأثيرا من غلق الحسابات البنكية!

خصوم ترامب يبحثون عن إقصائه من العملية السياسية مستقبلا، وبالتالي، القضاء على حلمه بالعودة إلى البيت الأبيض مرة أخرى بعد أربع سنوات من الآن، وهي خطوة لا تدل فقط على قوة دولة المؤسسات، كما يقول الداعمون والمتفائلون، ولا على اغتيال الحرية كقيمة ليبرالية مطلقة فحسب، كما يزعم المتشائمون والناقدون، لكنها تدلُّ على أمر ثالث آخر، وهو أن للديمقراطية مثل الدكتاتورية، أنياباً ووسائل قمعية يمكن استعمالها في أي وقت، وضدّ أيّ كان!

ولأنّ الحرب خدعة، وقد باتت لها وسائلها الحديثة وتقنياتها المختلفة، فقد قال ترامب، وفي أول ردة فعل عقب إغلاق حسابه على تويتر، إنه يخطط لإطلاق منصة منافِسة، متهما اليسار الراديكالي باستعمال التكنولوجيا والمنصات الحديثة ضده، بل وضدّ 75 مليون أمريكي صوَّتوا عليه!

هذا هو المكان الحقيقي للمعركة الآن؛ الإعلام ومنصاته الحديثة، ولا شيء غير الإعلام، فمن امتلك تويتر حاليا، امتلك العالم وسلطة التأثير على الجماهير!

وفي الوقت الذي تعيش فيه أمريكا كل هذه المعارك، نجد أنفسنا في العالم العربي مضطرين للتفاعل معها بشكل متفاوت: فريق يشمت في ترامب وفي الأمريكيين عموما، والبعض الآخر يتهكّم على الديمقراطية التي لا صاحب لها ولا مبدأ، في حين يقوم فريقٌ ثالث بالتهليل والتطبيل لدولة المؤسسات التي تفوَّقت على الرأس الكبيرة في البلد!

الغريب أن معظم العرب تفاعلوا عبر تويتر الذي أوقف حساب ترامب، وهم يدركون تماما أنه يوفر مساحة الحرية الوحيدة المتبقية لهم، ووفقا لقواعد يضعها جاك دورسي وفريقه، قواعد تُبقي على حسابات كل الزعماء المستبدين والسياسيين الانتهازيين ما دام هؤلاء لا يخرجون عن النص ويتقيَّدون بما هو مكتوب، إذ لا حرية مطلقة ولا مبادئ واضحة ولا ثوابت متفق عليها، ثم إن معظم العرب لا يعرفون من “الترند” أو المواضيع الأكثر تداولا على تويتر سوى قصة الفنان الذي طلَّق زوجته و”هاشتاغ” لاعب الكرة الذي قرَّر الزواج من صديقته، أما المعارك الكبرى والملفات الحقيقية فلا تعنينا مباشرة، ولسنا مضطرين للانخراط فيها، ولا البحث عنها، طالما بقينا مجرد متفرجين في عالم يتغير كل يوم، بل وفي كل لحظة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • يوسف الشاوي

    لما تقول "ثم إن معظم العرب لا يعرفون من “الترند” أو المواضيع الأكثر تداولا على تويتر سوى قصة الفنان الذي طلَّق زوجته ..."

    هل يدخل تحت مسمى 'العرب' الأمازيغ أيضا؟ أريد أن أفهم من تقصد بمصطلح 'العرب' بالضبط ومن يدخل فيه ومن لا يدخل فيه.

    أرجو التوضيح والتفصيل المطول والممل...