-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

حاميها.. حراميها!

جمال لعلامي
  • 3674
  • 0
حاميها.. حراميها!

عندما تؤكد التحقيقات أن حرّاسا ورؤساء مراكز، تورطوا في فتنة الغشّ الجماعي خلال امتحانات البكالوريا، فينبغي أن تـُقرع طبول الحرب والعياذ بالله، الحرب على منطق “حاميها حراميها”، الذي أدى بالبلاد والعباد في “داهية”، وحوّل مصالحها إلى لعبة يتسلّى بها من لا لعب لهم!

هل يُعقل أن يتحوّل الغشّ والتدليس والتزوير إلى بضاعة يتداولها تجار لا تجارة لهم سوى البيع والشراء بتسعيرة خارج القانون والأخلاق، ولكم أن تتصوّروا هذا الجيل المسكين والضحية الذي سيخرج من تحت جلابيب بكالوريا مسيّرة بالغشّ الجماعي، ومنقّطة وفق منطق “أتركوها فإنها مأمورة!”

المصيبة أن التواطؤ يكاد يهشمنا ويفتتنا ويحوّلنا إلى “مسخرة” لا تليق بمقامنا وماضينا وتاريخنا، وليس من باب الصدفة أن تغرق القطاعات في فنجان الفساد وسوء التسيير والبيروقراطية والمحسوبية، طالما أن “حاميها حراميها” وطالما غاب الحساب والعقاب!

علينا أن نعترف بأن غياب العدل في المراقبة والمحاسبة، جعل فئات واسعة من المجتمع لا تكترث لما قد يحصل من مآس وانزلاقات، ولذلك تأسّس منطق الفوضى والعشوائية وتكرّست عقلية “تخطي راسي!”

إن “الضرس المسوّس” الذي ينغـّص على البلاد والعباد، عليه أن يُقتلع في أقرب وقت، وفي أول فرصة، حتى لا يُفرمل الحركة ويشلّ النشاط ويعوّق الجسم القادر على أن يُعطي أكثر لصاحبه!

لو قـُطع رأس أوّل مفسد تمّ اكتشافه بالصدفة أو عن طريق التبليغ أو بواسطة التحقيق، لما تشجّع مفسدون آخرون، وتمّ تفريخ الفساد هنا وهناك، ولو تمّ إعادة فتح مقصلة الخروبة لما تجرّأ هؤلاء وأولئك على مواصلة سرقاتهم، ولو تمّ قطع أيدي الغشّاشين والمدلـّسين لما تحوّل الغش في البكالوريا إلى موضة يتهافت عليها تلاميذ وأساتذة!

 “حاميها حراميها” هي التي وفرت التغطية “القانونية” والحصانة لأميار ومنتخبين من أجل إدخال أيديهم وأرجلهم في بيت مال الجزائريين، وممارسة النهب والنصب والاحتيال وتحويل المجالس “المخلية” إلى شركات “صارل” ذات الشخص الوحيد!

“حاميها حراميها” هي التي أبقت على ممتلكات النواب في طيّ النسيان، ولم تتح الفرصة للتحقيق في هذه الأملاك قبل وبعد صعود النواب إلى البرلمان، و”حاميها حراميها” هي التي حوّلت “أميارا” إلى أثرياء جمعوا “مال الحرام” بالصفقات المشبوهة والتزوير وتأميم الأراضي والعقار!

مصيبة المصائب أن “حاميها حراميها” تحوّلت إلى يافطة يرفعها الكثير من المسؤولين في القمّة والقاعدة، فوق ظهورهم لتغطية العجز والفشل وإخفاء حقيقة المشاريع الميّتة والمعطلة بالتقارير المغلوطة والمضللة وبعدها كفى الجزائريين شرّ القتال!

نعم، “حاميها حراميها” هي التي حرمت الكثير من المواطنين و”الزوالية” حقوقهم المشروعة، وهي التي تحرّضهم على الاحتجاج والخروج إلى الشارع، و”حاميها حراميها” هي أيضا التي حرمت العديد من المسؤولين من العدل في توزيع المكافأة والترقية والتشجيع على أساس الكفاءة بدل تثمين الرداءة!

 

من البديهي أن يضيع الحقّ، عندما يكون الحامي هو الحرامي، ولنا أن ننزل إلى البلديات ــ وليس كلها طبعا ــ لنقف على نموذج الاستهتار وضرب هيبة وسمعة الدولة بواسطة استهداف “ملك البايلك!”

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!