-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

حتى لا تتحول الفاجعة إلى “هدية”!

حتى لا تتحول الفاجعة إلى “هدية”!
الشروق أونلاين

كل التبريرات التي قدمتها وزارة التربية الوطنية عن أسباب خفض معدل النجاح في شهادة البكالوريا استثناء، إلى تسعة من عشرين، بدت غير مقنعة بالنسبة لعامة الناس، فإلى زمن قريب تشبّث الجزائريون بـ”قدسية” هذه الشهادة، بل واعتبروها آخر قشّة يمكنها أن توصلنا إلى برّ الأمان، فمن غير المعقول أن يعيش الطلبة سنة دراسية مبتورة، ثم تمنحهم الوزارة عتبة دراسية تختصر المقرّر في بعض الدروس، وتُنهي “كرمها” بإنزال المعدل إلى حدود التسعة، وهي “التسعة” التي حرمت على مدار سنوات الملايين من الطلبة من بلوغ الجامعة الجزائرية.

قبلنا على مضض توقيف موسم كروي يتقاضى فيه بعضُ اللاعبين مرتبات تقارب النصف مليار سنتيم شهريا، وتم تكريم الفرق جميعا بالنجاح، بإلغاء النزول إلى الدرجات السفلى من دون أن تبتر الدولة وليس الفرق، لأنَّ أموال كل الأندية هي من خزانة الدولة، أيّ دينار، من مرتبات اللاعبين، الذين هم في عطلة منذ ثمانية أشهر، وقبلنا كل التسهيلات التي قُدِّمت للعمال الذين لم يعملوا، حتى صار البعض يتمنى أن تتواصل عواصف الجائحة مادامت شهورُها راحة مدفوعة الأجر، وجميعا نعلم بأن الأستاذة الذي منعتهم كورونا من التعليم النظامي درّسوا بطرقهم الخاصة، وساقة سيارات الأجرة وأصحاب المحلات مارسوا في الخفاء وأحيانا في العلن نشاطاتهم، لكن أن تدخل “العاطفة” إلى ميدان العلم، ونتحجّج بالحجر الذي لم يُحترم إطلاقا من عامة الناس، فذاك الذي زلزل من تبقى من متشبّثين بالعلم كطريق وحيد لأجل بلوغ الجزائر الجديدة التي سنبقى نحلم بها إلى آخر نفس.

كل الدراسات الاستشرافية تؤكد بأن سنوات الجفاف ستكون عسيرة جدا بعد انقضاء جائحة كورونا، ولن ينجو من تداعياتها إلا الذين شمّروا على سواعدهم وضحُّوا بالكثير من الضروريات وليس الكماليات فقط، وكلما عرف الناس وزن الخطر، تمكنوا من معالجته، أما أن نمنح طلبة البكالوريا “هديّة” في زمن كورونا، فسنربط فرحة عمرهم بالفاجعة ويظنون حينها بأن القاعدة هي فوائدهم مع مصائب بقية الأقوام.

كل الأمم وصفت جائحة كورونا بالحرب الضروس التي مهما حققنا فيها من انتصارات فإننا سنخسر فيها أحبابا وأموالا وعمرا وجهدا بدنيا ومعنويا، ومن غير المعقول أن تتحول هذه الجائحة إلى حفلة خيرية تُوزَّع فيها الهدايا على نخْب هذا الدمار، الذي أحدثته الجائحة ومازالت تحدثه، فإذا كانت أرقام وزارة الصحة قد أحصت أكثر من خمسين ألف مصاب بفيروس كورونا إلى حد الآن وأكثر من 1800 قتيل، فإن ما خفي أعظم وأخطر، على كاهل الدولة والشعب ماديا ومعنويا، وقد لا تجبره سنوات من البناء والترميم.

قد ينسى أي جزائري تاريخ ميلاده أو زواجه، ولكنه أبدا لن ينسى تاريخ حصوله على شهادة البكالوريا، فهو يربطها بالزمان وبالمكان وبالأحداث التي حصلت في تلك الأيام، ومن المؤلم أن يقول بعد عمر طويل: “حصلت على البكالوريا في زمن كورونا.. عفوا بفضل كورونا”!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
3
  • ارض الشهداء

    وفيت وكفيت... بارك الله فيك

  • MELISSA TIZI OUZOU

    BIEN DIT! MERCI MONSIEUR VOUS AVEZ RÉSUMÉ LA TRISTE RÉALITÉ EN QLQ LIGNES

  • جزايري حر

    صدقت والله .