-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

حتى لا يبقى خاسرٌ واحد بيننا

حتى لا يبقى خاسرٌ واحد بيننا

أكبر الخاسرين، بمقياس الحقوق الاجتماعية، في الجزائر اليوم هو تلك الفئات الهشَّة، التي تعيش على أطراف المدن، أو في الأحياء الفقيرة، أو البيوت القصديرية، أو تعرف أزمة سكن حادة، وهي بدخل محدود في أي مكان كانت… وأكثر الرابحين هم أولئك الذين- مقابل لعنهم الدائم للبلد- يُحقِّقون كل يوم مزيدا من المكتسبات منها ومن خيراتها، وبينهم تعيش غالبية من الناس تترقب مصير هؤلاء وأولئك، بلا موقف ولا قرار، وذلك أسوأ ما يُمكن أن يتّصف به مواطنون شرفاء في بلدهم.

الموقف الحق، والوطني بلا منازع، لنا جميعا، هو أن نَعمل معًا لكي ننتصر للفئات الأكثر حِرمانا، أن نقف إلى جانبها ونَمنَع عنها الوقوع في هاوية الفقر التي لا ترحم، أو ضمن منطق اليأس القاتل، فتتحوّل إلى سلاح في يد مَن لا يريد خيرا بهذا البلد لتخريبه أو تحطيمه أو الاستمرار في نهبه أكثر.

لقد انتقلت حالة الفقر في السنوات الأخيرة من أعماق الأرياف الفقيرة إلى أطراف المدن وجيوبها التي لم تعد تَسَع أهلها. لقد غادر الناس الريف بحثا عن أمل أرحب في المدينة فإذا بها، بعد عقود من الزمن، تضيق بهم بما رحُبت، ولا تَمُدّهم إلا بمزيد من اليأس، بل وتقطع عنهم حتى سُبل العودة من حيث أتوا.

إنها أكبر مشكلة اجتماعية تعرفها بلادنا اليوم، وهي التي ينبغي أن تحظى بالأولوية على كافة المستويات. ليس من المقبول إطلاقا الإبقاء على أطراف المدينة أو جيوبها الفقيرة أو أريافها المهجورة على هذه الحال، وليس من المقبول أن ننتظر من أجير براتب محدود، أو بطّال من غير دخل بلا مسكن يؤويه أن يمنع عن نفسه حالة الوقوع في اليأس.

إنه من واجبنا جميعا أن نصرخ بأعلى صوتنا: ليست الجزائر هي البلد الذي يعيش فيه جزءٌ من الشعب هذه الحالة، وليست الجزائر هي التي تنقطع فيها الجسور بين الفئات المختلِفة، أو التي تمتنع عن الأخذ بيدٍ من تقطَّعت بهم السُّبل.

صحيحٌ أن ريفنا يُنادي وأرضنا تفتح ذراعيها لمن أراد أن يشتغل، وكثيرٌ من الإرادات الحسنة تسعى لكي لا يبقى بين الجزائريين خاسرٌ واحد، إلا أن الوقت لم يعُد يرحم، وكثير من الناس توفاهم الله أو تقدَّمت بهم السن أو فتك بهم المرض وهم ينتظرون هذا الأمل يتحقق، فلا خير فينا إن تَركنا مَن لا يزال حيا يعتقد لحظة أنه لن ينتقل في أقرب الآجال إلى الحياة الكريمة ببيت وعمل.. هل في هذا الحد الأدنى مِنَّة على الجزائريين؟ هل نَعجز عن تحقيق ذلك؟

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!