-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

حراك في الحراك

حراك في الحراك

مائة وعشرون دقيقة بضرباتها النفسية الحاسمة من مباراة منتخبي الجزائر وكوت ديفوار في قلب مصر، كانت كافية لتقدّم للعالم صورة “حراك راقية” ظلت مدفونة في الجزائريين بفعل فاعل، حتى شعرنا بأن منافسة الآخرين وتحقيق الفوز أمامهم، أمر ليس في قاموسنا.

دموع اللاعبين ومدربهم وحماسهم وتضحياتهم وتركيزهم في كل تدخلاتهم على أنهم يلعبون من أجل الشعب ومن أجل العلم، وانتقال المشجعين الجزائريين إلى مصر وتلاحم الجميع، من أجل صنع النجاح الكروي بعد مرور عشر سنوات من ملحمة أم درمان، هو في حدّ ذاته نوع من الحراك، الذي يصنعه أفراد، ويساهم فيه الشعب ويجمع الناس على فرحة النجاح من دون التحضير لذلك عبر تغريدات ولا استعدادات، في ثمرة أخرى من الحراك الشعبي المأمول الذي يحاول كثيرون أن يحيدوا به عن سكته الصحيحة ويلبسوه ثوبا وسخا.

لا أحد بإمكانه أن يزعم بأن ما بذله هذا اللاعب أو ذاك، من جهد، إنما كان من أجل المال، فما يتقاضاه أي لاعب في إنجلترا أو إيطاليا أو قطر في ساعة لعب، أكثر مما يتقاضاه في دورة كروية مع المنتخب الوطني، وما ذرفه اللاعبون ومدربهم من دموع لا يمكن أن يكون عرضا تمثيليا أو بحثا عن الشهرة، وإنما هو إصرار على إسعاد الشعب الجزائري الذي عاش منذ عشر سنوات ملحمة كروية تلقى فيها سهام “الغدر” من بعض الإعلاميين المصريين، وها هو يعود إلى أرض مصر، ليثير إعجاب نفس الإعلاميين الذين لم يتوقفوا منذ أول مباراة لعبها المنتخب الجزائري عن الإشادة به وبروحه وبرجولته، خاصة بعد أن أقصي المنتخب المصري من المنافسة، ولاحظوا الفارق الكبير في الإرادة التي عجنوها بوطنية نادرة لا تشاهد في ملاعب الكرة العالمية، إلا نادرا.

الصورة الكروية والإنسانية التي قدمها المنتخب الجزائري في سهرة مصرية في مدينة عرفها الجزائريون وعاشوا فيها في حرب الاستنزاف، هي التي فجرت الأفراح بطريقة تلقائية، فقد تابع الجزائريون مباريات المنتخب الجزائري الأربع الأولى بكثير من الهدوء وكانوا ينهون المباراة مع نهايتها، ولكن بمجرد أن استفِز هذا المنتخب، وكاد حلمه ينسحب من دقيقة إلى أخرى من يديه، باشر ملحمته إلى درجة تعريض اللاعبين لمستقبلهم للخطر بالرغم من أنهم يعيشون من الكرة ومن متعتها، فكان كل لاعب يُعطي إلى درجة البكاء، إلى أن حدث التأهل من رحم المعاناة، فاتضح بأن الذي لعب هو الشعب الجزائري، الذي خرج كل فرد من بيته مفتخرا بما قدمه هؤلاء الرجال، ومدركا بأن الجزائري بإمكانه أن يحوّل هذا الحراك الشعبي الذي بلغ جمعته الواحدة والعشرين، إلى انتصارات في كل المجالات من أجل صنع جزائر جديدة لا تهاب معارك الحياة، باتحاد جزائريي الخارج والداخل من الذين يعطون من عرقهم ومن دموعهم من أجل النجاح.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!