-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
خياطات وحلاقات وطباخات انتزعن المكانة الاجتماعية من صاحبات المناصب

حرفيات برتبة دكتوراه

نسيبة علال
  • 3458
  • 0
حرفيات برتبة دكتوراه
ح.م
حرفيات انتزعن المكانة الاجتماعية من صاحبات المناصب

أصبحت الحرف اليدوية والمهن الإنتاجية تستهوي الجنس اللطيف في السنوات القليلة الأخيرة، أكثر من العمل الإداري أو الدوام الروتيني الذي يشعر المرأة بالرتابة وقلة الإبداع، ويبعدها عن مسؤولياتها كسيدة منزل في كثير من الأحيان، بالإضافة إلى هذا قد يكون الراتب غير مناسب لمتطلباتها الكثيرة التي تتماشى والعصر، لذلك تفضل الكثير من السيدات، المراهنة بشهاداتهن الجامعية، ودراساتهن العليا، وحتى مناصب عملهن، للالتحاق بمشاريع خاصة، تضمن لهن الاحتكاك ببنات جنسهن واكتساب مكانة اجتماعية، ومداخيل مالية أكبر، ووقتا أوسع للتفرغ لحياتهن الخاصة.

مسؤولياتي أولا

تنتهي الرحلة العلمية لكل سيدة مهما طال أمدها، بخيارات عديدة، فإما المنصب المنشود، وإما الزواج وبناء أسرة، وقلّما يجتمع الاثنان، لكن الملاحظ في المجتمع الجزائري مؤخرا، أن سيدات برتبة ماستر ودكتوراه، قد خلقن خيارا ثالثا، وهو التخصص في مهنة أو حرفة، تضمن لهن الاستقرار والدخل الوفير، وتبين أن الخياطة، الحلاقة، صناعة الحلويات.. هي الأكثر إقبالا، حيث تتوجه آلاف المتخرجات من الجامعات الجزائرية إلى انشاء مشاريع فردية مربحة، في الوقت نفسه، تضمن لهن التحكم في زمام أسرهن، والتفرغ لحياتهن الخاصة، فهذه سميرة، 32 سنة، دكتوراه في العلوم الفلاحية، واصلت دراستها بمعاهد في باريس، قبل أن تعود وتؤسس أسرة بإحدى قرى “دلس”، تقول أنها كانت تقابل بالاستهزاء من قبل المجتمع كلما ذكرت مجال تخصصها.. “فرضت علي مسؤولياتي كزوجة وأم، والبيئة المحافظة التي أقطنها، وكذا غياب المنصب الملائم لي، بأن أؤسس مشروعي في صناعة الحلويات والمعجنات التقليدية..”، سميرة اليوم تحظى بمكانة اجتماعية مرموقة في ولايتها بومرداس، ويتودد إليها أصحاب المناصب وجميع الفئات الاجتماعية، لقبول طلبياتهم الكثيرة الخاصة بالأفراح والمناسبات.

حلاقات بأضعاف الراتب الحكومي

حسب إحصائيات 2017 فإن حوالي 26 بالمائة من المشاريع التي تمولها وكالة دعم وتشغيل الشباب أونساج، هي للنساء الحرفيات، من بينهن جامعيات حصلن على شهادات حرفية من مراكز التكوين المهني، ومدارس التكوين الخاصة، التي تقدم دورات سريعة، وأسسن مشاريع بعيدة كل البعد عن مجال تخصصهن العلمي. مروة حمادي، واحدة من هؤلاء، ماستر علم اجتماع، تحصلت على شهادة ليسانس سنة 2014 وظلت تبحث عن عمل ما يفوق السنة من الزمن، هناك قررت استكمال دراسة عليا، وفي نفس الوقت خضعت لدورة تعليم الحلاقة، تقول مروة: “كان أفضل لي أن أستثمر طاقاتي في مشروع يدر علي المال، بدل تضييع الوقت في البحث عن عمل، فأنا أتقاضى في دوام واحد أحيانا ما يقارب أربعين ألف دينار، وهو ما تتقاضاه موظفة حكومية في شهر.

من مخبر التحاليل إلى ورشة الخياطة

أما إن تحدثنا عن خياطة الملابس، التصميم، الطرز، الحياكة.. فحدث ولا حرج فعلا، لأن الحرفيات في هذا المجال بات يطلق عليهن، لقب “طبيب جراح”، فعلى كثرتهن، إلا أنهن على حد القول الشعبي “ما يصحولكش”، يعني مشغولات دائما، ومنهمكات في إنهاء الطلبيات التي لا تنقطع، فالخياطة هي المهنة التي لا يتوقف الطلب على خدماتها، خاصة ذات الجودة والإتقان، وهو الأمر الذي شجع كثيرا من السيدات على امتهانها، بل إن من الخياطات من تركت منصب عملها، الذي تخصصت فيه، لتلتحق بالخياطة.. إيمان، بيولوجية سابقة بمخبر تحاليل خاص، تقول: “كان حلم صباي أن أصبح طبيبة أو مصممة أزياء.. توجهت إلى الخياطة، لأنها الحلم، الذي حقق لي فيما بعد، راحة نفسية ومادية، لم يعد يستهويني لون الدم، أتعامل مع الأقمشة، وأتقاضى نظير ثوب العروس ما يعادل راتبي السابق”، الناس في مدينة الورود، لازالوا يدعون إيمان بمجالها، فهم زبونات “الطبيبة”، انقلبت الموازين، وأصبحت بعض الحرف الإنتاجية أكثر أهمية من الخدمات الإنسانية.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!