-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

حروب كورونا.. من سينتصر؟

حروب كورونا.. من سينتصر؟
ح.م

لم يكن العالم بمجمله يتوقع أن تحل عليه هذه الكارثة الأليمة والوباء الفتاك أو ما عُرِفَ بفيروس كورونا، ولعل أكثر المتفائلين عند بداية انتشار الوباء لم يكن يتوقع أن يصل مداه وتأثيره في مستوى الأرواح والإصابات والخسائر إلى هذا المستوى الرهيب والمخيف الذي وصل إليه، إذ عجزت دولٌ متطوّرة جدا وتملك أنظمة وقائية وصحية متقدمة عن النجاح في الحد منه أو من انتشاره أو على الأقل التقليل من تأثيراته وتداعياته، إلا أن الوباء ضرب بقوة كبير،ة وما يزال العالم المتقدم والمتخلف على السواء يقف إلى الآن مشدوها مستسلما أمام سطوة هذا الفيروس الفتاك.

من المؤكد أن العالم وهو يلملم جراحه ويحصي ضحاياه إلا أنه وفي الوقت نفسه يطرح على نفسه والنقاش العام أيضا عديد الأسئلة والاستفسارات والتي وللأسف الشديد لم يجد لها إلى الآن الأجوبة الكافية والأدلة المقنعة، ولعل من أبرز هذه التساؤلات:

– ما هو هذا الفيروس؛ ليس في تعريفه الحالي ولكن في حقيقته البيولوجية والمرضية التي جعلت منه فتاكا وخطيرا إلى هذا الحد؟

– ما السر وراء انتشاره بهذا الشكل وهذه السرعة أيضا دونما تفريق بين دول أو شعوب أو مناطق مهما اختلفت قدراتُها وأمكنتها؟

– ما الذي يختلف عليه هذا الفيروس عن سائر الفيروسات والأوبئة والكوارث التي شهدها العالم من قبل مثل: السارس والايبولا وجعله أكثر منهم خطورة وفتكا؟

– لماذا عجزت الدول المتطوّرة وإلى هذه اللحظة للحد منه أو منع انتشاره؟ ولماذا لم يوجد له إلى الآن المصل المعالج رغم القدرات الهائلة التي وصلت إليها البشرية سواء من الناحية المادية أو البشرية؟

– ما هي الخسائر الحقيقية التي خلّفها وسيخلّفها على عديد النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية والدبلوماسية؟

هذه التساؤلات المهمة جعلت العالم اليوم يشهد مجموعة من الحروب والصراعات الخفية والمعلنة على السواء التي اندلعت بين أقطاب العالم الكبرى، هذه الحروب التي كانت من قبل طبيعة بشرية بين المجتمعات والدول تحديدا، لكن وباء كورونا زاد من ضراوتها وتسارعها واشتعالها، ولذلك يمكن اختصار هذه الحروب المندلعة في التصنيف التالي:

1-  الحرب الاستخباراتية:

والتي من المؤكد أن رحاها تدور وبوتيرة خفية ومتسارعة لمسابقة الزمن لمعرفة حقيقة هذا الوباء ومصدر انتشاره والأسباب الخفية التي يجهلها العالم عن هذا الوباء، وبخاصة بعد ظهور بعض التقارير الإعلامية والصحفية التي أشارت إلى أن فيروس كورونا هو عبارة عن تجارب بحثية وفيروسية تكون قد تسرَّبت من مخابر علمية وبحثية وربما استخباراتية لدولة ما في إطار تطوير أسلحة فتاكة أو ما شابه ذلك. وسواء صدقت هذه التسريبات أو أنها مجرد شائعات تبقى الحرب الاستخباراتية المشار إليها هي التي تملك الحقيقة إن عاجلا أو آجلا التي أربكت العالم بأسره.

قد يسأل سائل: لماذا هذه الحرب الاستخباراتية؟ 

والإجابة بسيطة كون الدواء المعالج وكذا احتواء الأزمة الاقتصادية والمالية التي نتجت عنه وعن تداعياته لن تنجح إلا بهذا التدافع الاستخباراتي القبلي لاحتواء الوباء والبعدي للتحكم فيه، والظاهر أن هذه الحرب الضارية ما تزال مستمرة ومستعرة يؤكدها ويغذيها انتشار الوباء وتوسُّعه يوما بعد يوم وبشكل كبير وملفت سواء التوسع الجغرافي أو التوسع على مستوى حالات الإصابة والوفاة معا.

2-  الحرب العلمية:

وتتمثّل بالأساس في السباق المحموم الذي تدور رحاه في أروقة المخابر العلمية والبحثية في الدول العظمى تحديدا والذي أخذ وجهين أساسيين:

الأول يتعلق بإيجاد المصل المعالِج لهذا الوباء قصد الحد منه ومن خطورته وهذا في حد ذاته يعدُّ تحديا كبيرا يحتاج وقتا مهمّا وجهدا معتبرا وقدرات ضخمة.

الثاني يتعلق بعنصر الزمن وهنا محل الحرب والتنافس والصراع المتمثل بالأساس فيمن يصل إلى الدواء أولا، لأن في ذلك إيقافا للوباء من جهة ومن جهة أخرى تحقيق مداخيل كبيرة وضخمة جدا، لأن العالم كله سيصبح سوقا لهذا الدواء وزبونا حصريا لمن سيصل إلى هذا الدواء أولا، طبعا هذه الحرب تدور رحاها بين الدول الكبرى بالدرجة الأولى.

3-  الحرب الاقتصادية والمالية:

وهي أم الحروب وأهمها على الإطلاق  على اعتبار أن الاقتصاد هو المحرك الرئيسي للأزمات المعلنة والخفية على حد سواء، واستمرار الوباء سوف يؤدي لا محالة للمضاعفات التالية:

– استمرار الانخفاض الحاد وغير المسبوق لأسعار البترول والذي أربك السوق المالية في العالم وخاصة الدول المعتمدة بالأساس على النفط والمحروقات.

– شلل شبه تام للقطاع الخاص الذي يعدّ أصل المداخيل في المنظومة الليبرالية والرأسمالية المسيِّرة والمتحكمة في الاقتصاد العالمي والبورصة، يُضاف إليها تسريحٌ كبير للعمال.

– الأزمة الاجتماعية الناتجة عن توقف أغلب الأنشطة الحياتية والإنتاجية على مستوى العالم.

– غلاء الأسعار وندرة المواد الاستهلاكية والتموينية الأساسية.

– توقف تام للسياحة كواحدة من أهم المداخيل التي تعتمد عليها الدول.

– توقف المشاريع الاستثمارية، ما سيؤثر سلبا على أغلب اقتصادات الدول.

وبالتالي استمرار انتشار وباء كورونا سيزيد الأمور تعقيدا والأزمة الاقتصادية استفحالا وخطورة، وهذا الذي سيجعل الحرب على التموقع المالي من جديد وتعويض الخسائر وجبر الأضرار ما بعد كورونا حربا حقيقية يصعب التنبؤُ بضراوتها وقساوتها وأكيد أن دول العالم الثالث هي المتضرر الأكبر.

 4-  الحرب السيادية:

والمقصود بها زعامة العالم وهل ستبقى المنظومة الغربية الليبرالية الرأسمالية المتمثلة أساسا في أوروبا وأمريكا هي المهيمنة والمسيطرة على العالم بحكم أن الوباء أثر فيها بالدرجة الأولى؟ وهل ستغتنم دولٌ أخرى الفرصة كالصين وروسيا للعب دور المنقذ والمخلّص، خاصة وأنها أعلنت سيطرتها على الوباء بالكامل؟.

وبالتالي السؤال المطروح الآن: هل ستبقى خارطة الهيمنة على العالم أحادية كما هي عليه ما قبل كورونا؟ أم ستكون متعددة الأقطاب؟ خاصة وأن الصين عرضت على أوروبا وأمريكا مساعدتها للتخلص من الوباء ونقل تجربتها في الوقاية منه إلى دول العالم بعدما نقلت إليهم الفيروس في البداية.

مؤكد أن الأسابيع والأشهر وحتى السنوات القليلة المقبلة ستجيبنا على هذا السؤال، لكن المتفق عليه أن عالم ما قبل كورونا لن يكون هو ذاته عالم ما بعد الوباء.

5-  الحرب الزمنية:

لعل أهم حرب أيضا تدور رحاها في العالم وهي الحرب ضد الزمن في انتشار الوباء والحدّ منه، فكلما زاد الزمن زادت الأعدادُ الهائلة للإصابات وفقدان الأرواح وأيضا ازدياد ضخامة الخسائر المادية والمالية.

لم يعد الوقت في صالح البشرية والعالم بل أصبح خصما لها مع التوقف التام لكل الأنشطة ودخول الشعوب إلى المنازل.

متى سيستمر الوباء؟ ومتى ستستمر الحروب الخمسة؟ ومن سينتصر فيها في النهاية؟

لا أحد يملك الإجابة إلا الانتظار.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
3
  • لزهر

    شكرا استاذ
    أوضح شيء جاء كورونا بعد انسحاب ا إنجلترا مباشرة من الاتحاد الأوروبي هذه الدولة المنسية والتي لعبت دورا كبيرا في محاولة للسيطرة على نصف العالم
    خلط الأوراق بحلول كورونا ستنجو من متابعة الاتحاد الاوروبي لها لتسديد ديونها و مراجعة حساباتها من جديد و روبما وضع. عدداتها من الصفر. لتصبح اكثر قوة.
    الدولة الثانية و هي إيطاليا
    نعرف العقلية الإيطالية انا معك و ضدك في نفس الوقت.
    بانجازها مشروع الطاقة المتجددة أصبحت تحتل المرتبة الأولى في أوروبا و الثانية من حيث النقل البحري ميناء جنوفا اذن حان وقت الرحيل أيضا لذالك تخلت عليها أوروبا في هذه المحنة و الهدف ربما اضعافها

  • المهبول

    حروب كورونا.. من سينتصر؟... سوف ينتصر الذين يقدسون العلم والمعرفة كالعادة وسوف ينهزم عشاق الجهل رغم أنهم لن يعترفوا أنهم انهزموا هزيمة مدوية كالعادة

  • بن مداني عبد الحكيم

    كورونا ليس الأول ولا الأخير في عالم الأزمات والكوارث الأنسانية بل هو حلقة من حلقات صراع البشرية وليس حربا على الأنسانية بقدر ماهو واعظ للأنسانية ان تستفيق من أنانيتها وغرورها صحيح أن الخسائر فادحة وأن االمنظومات الصحية و الأجتماعية العالمية تعرت وأدوات الرأسمالية أنكشفت عورتها فالبشرية اليوم تقف على حافة التدمير الذاتي والأفلاس الفكري وهذا القرن هو قرن الخوف والقلق