-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

حساباتهم الخاطئة

صالح عوض
  • 1017
  • 2
حساباتهم الخاطئة

رغم كل ما يبدو من عتو الهجمة الغربية الأمريكية على عالمنا الإسلامي ووطننا العربي إلا أنهم أغبياء بمنطق التاريخ والصراع الحضاري.. أحيانا يبدو للمتابع أنهم نابهون، ويعرفون مصالحهم في تنفيذ خطط الغزو، ونهب ثروات الأمة، واحتلال مواقعها الإستراتيجية يغريهم في ذلك ضعف ظاهر في أمتنا، ووجود نخب وقوى متكسرة الروح والعزيمة في مجتمعاتنا، ويزيدهم الإغراء بنا ان لديهم من القوة وأدواتها ما يعمي أعينهم عن حقائق أخرى عميقة.. وتلك هي طبيعة الطغاة المستبدين، لأن الظلم ظلمات.
هذا استنتاج ذهب إليه كثير من عقلاء الغرب الاستعماري بعد أن اكتشفوا أن حروبهم ضد أمتنا لم تنته لصالحهم وأنهم دفعوا ثمن ذلك دما واستقرارا وثروات وأسقطوا هيبة بلدانهم وسمعتها الأخلاقية.. ولعل الكثير من الفطنين في مؤسسات صنع القرار الأمني والاستراتيجي في الغرب الاستعماري أصبحوا يدركون تماما خطورة خيارات الحرب على مستقبل الغرب بعد ان تكسرت الهجمات الاستعمارية في الجزائر والعراق وأفغانستان.. وتضج مراكز البحث والدراسات الاستشرافية بما يفيد ان العقل الغربي أصبح متيقنا انه من العبث الاستمرار في توجيه الإهانات للعرب والمسلمين، ومن جهة أخرى ينبغي ملاحظة حجم الانهيار في المجتمعات الغربية فلقد عادت دول أوروبا الاستعمارية إلى مصاف دول العالم الثالث ولقد ضرب العجز الاقتصادي كثيرا منها وهي مرشحة لمزيد من الانهيار.
لكن الذي لا يغيب عن البال كيف تتجرأ دولة كفرنسا او بريطانيا او ايطاليا بإعلان حرب على دول عربية لم يبدر منها أي عدوان على أوروبا تقصف وتقتل وتنهب بلا قانون ولا مبرر؟ بلا شك إنها وهي تباشر ذلك تحاول استدراك ما انسحب منها من هيبة وقوة وهي مع هذا كله تحتمي بتفوق العسكرية الأمريكية وعنجهيتها.. وما قامت به الدول الغربية من قتل لأبنائنا وتدمير لمدننا يصل إلى حد الحرب العالمية وبكل بشاعة مستغلة خور بعض الأنظمة وانحراف بعض الجماعات وهوان بعض الحكام فكانت النتيجة تهجير 15 مليون عربي من ديارهم وقتل ما لا يقل عن 3 ملايين وتدمير حواضرنا.
خطأ حساباتهم لا يقف عند حسابات نتائج المعارك والحروب إنما هو خطأ استراتيجي فهم بهذا قضوا نهائيا على المرجعية الغربية للحضارة الإنسانية، وهم أيضا قضوا نهائيا على إمكانية تمرير قيمهم ونموذجهم في مجتمعاتنا، وهنا لابد من التأكيد ان كل منظومتهم القيمية والمفاهيمية إنما هي خدمة للنظام الامبريالي الرأسمالي.. وهم بالإضافة الى كل هذا عجلوا في دفعنا للبحث عن عناصر قوتنا المعنوية والمادية ونحن عازمون على دحر شرورهم واستعادة استقرار مجتمعاتنا وبلداننا وتطوير عجلة الحياة لدينا بما يتناسب مع قدراتنا ورسالتنا الحضارية.
من طائرة الورق البدائية المحمّلة مازوتا لحرق اقتصادهم في الكيان الصهيوني إلى محاولاتنا لتملك الذرة والتكنولوجيا وعلوم الطب والهندسة، إلى الصحوة الفكرية في تيار بدأ يتلمس طريق النهضة، ويقظة عقولنا كل ذلك يتفاعل الآن رغم قسوة الضغوط الاستعمارية علينا..
ان أمة تتجاوز المليار ونصف المليار ويقف العرب في مركزها بـ350 مليون نسمة تقع في جغرافيتها كل الحروب الإستراتيجية والثروات الطبيعية والرسالة الحضارية الاستثناء هي بلا شك تقترب كل يوم من فرض وجودها في المسرح العالمي كقوة رئيسية مع ملاحظة أن الآخرين فقدوا كل مبرراتهم الأخلاقية وهم يسيرون نحو مزيد من الإفلاس.. ان أمة لم تضِع رغم كل عوامل التدمير والتخريب ليس من مصير لها الا الانتصار والظهور على العالمين ولكل اجل كتاب.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
2
  • محمّد

    تفكير إيجابي يستحق التنويه وهو ليس مجرد أحلام بل فيه حقيقة غير أن العقبة الكبرى التي يصطدم بها هذا الفهم الإيجابي للأمور والتي تحول دون تحوّله إلى واقع هي أن أسباب تخلف العرب والمسلمين لا زالت قائمة ولم تحدث المآسي والكوارث التي حلت بالأمّة أية ثورة في العقول والمفاهيم ولا زال العرب والمسلمون لم يفهموا أن ضعفهم في منظومتهم الفكرية و أن الاستعمارالغربي نتاج تخلفهم وليس سببه.

  • مجبرعلى التعليق - بعد القراءة

    قلت الكثير يا سيدي .................... مشكور