-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
يخلد حقبة هامة من تاريخ نضال سكان الطاسيلي

حصن إيليزي.. شاهد يوثق وحشية ممارسات الاستعمار الفرنسي

حصن إيليزي.. شاهد يوثق وحشية ممارسات الاستعمار الفرنسي
ح.م

لا يزال حصن إيليزي أو كما كان يسمى سابقا “بولينياك”، يخلد حقبة هامة من تاريخ نضالات سكان الطاسيلي ضد الاستعمار الفرنسي الغاشم، من خلال ما يوثقه من مشاهد لممارسات بشعة، تعكس وحشية المحتل الذي شيده ليكون مركز اتصال ومراقبة، كما استعمله معتقلا عسكريا، كان قد زج فيه عديد المناضلين وأبناء المنطقة، خلال فترة الثورة التحريرية المجيدة.

وتروي جدران هذا الحصن قصصا مرعبة لأبشع صور تلك الممارسات الوحشية، فقد كانت زنزاناته وقاعاته مسرحا لشتى أصناف التعذيب الجسدية، في حق رجالات المنطقة الذين وقفوا دفاعا عن الأرض والعرض، حسب ما تؤكده شهادات موثقة حول هذا المعلم التاريخي لدى مكتب المحافظة على التراث الثقافي والتاريخي، بمديرية المجاهدين بولاية إيليزي .

وفي هذا الجانب، أوضح المجاهد الحاج جريري سعيد (80 سنة) لوكالة الأنباء الجزائرية في شهادته وبحسرة بالغة، عن بشاعة عمليات التعذيب الجسدية، التي كان ينفذها المستعمر الغاشم في أروقة وجنبات هذا الحصن، في حق أهالي المنطقة ممن رفضوا الخضوع للنفوذ الفرنسي، والذين تعرضوا لشتى أنواع الممارسات اللاإنسانية من تجويع وتنكيل جسدي ونفسي.

وأشار المتحدث الذي كان قد التحق بالنضال منذ سن 17، أن شساعة الصحراء وتضاريسها الوعرة دفعت بالسلطات الاستعمارية آنذاك إلى تشييد حصون وأبراج مراقبة، لفرض هيمنتها على المنطقة، بغرض رصد تحركات الثوار العارفين بخبايا الصحراء.

وكان حصن إيليزي يمثل بالنسبة للفرنسيين مركزا إستراتيجيا للمراقبة، ورصد أي حركة أو هجوم محتمل من طرف القبائل البدوية في صحراء الطاسيلي، يضيف المجاهد الحاج جريري.

ويتربع هذا الحصن على مساحة تقدر بـ1764 م2 حيث بدأت السلطات الاستعمارية في إنشائه على مرحلتين الأولى (1908 إلى 1914) ثم المرحلة الثانية (1914 إلى 1926) تحت إشراف المهندس جرنال .

وشيد هذا الحصن على شكل بناية ضخمة مستطيلة الشكل، والتي تصنف ضمن المباني العسكرية الدفاعية، باستعمال مواد محلية (الرمل والطين والحجارة)، وتوجد على أطراف زواياه الأربعة أبراج للمراقبة عن المدى القريب، وبرجان حديديان للمراقبة عن بعد، على طرفي زاويتي الواجهة الأمامية.

وتم بناؤه في مكان مرتفع قصد السيطرة على هذه المنطقة الحدودية ومراقبتها، واستغلاله مركز اتصال بين برج عمر إدريس وبرج الحواس وجانت، ليتحول فيما بعد إلى مقر لقيادة المواقع العسكرية المنتشرة في المنطقة، استنادا لذات المصدر.

وأثناء الحرب العالمية الثانية، قامت السلطات الاستعمارية بحفر أنفاق تحت الحصن لاستغلالها كمنافذ نجدة في حال حدوث أي هجوم، كما استغلته أيضا معتقل زجّ فيه بالكثير من المناضلين، العسكريون منهم والسياسيون، كما استغل كذلك ثكنة عسكرية لإعداد الخطط الحربية.

وبعد استرجاع السيادة الوطنية، تم استغلاله من طرف الجيش الوطني الشعبي من 1962 إلى غاية 1992 ثكنة عسكرية، قبل أن يتم إلحاقه ابتدء من 1996 بالهياكل التابعة لوزارة الثقافة، كما أشير إليه.

وبالنظر إلى أهميته التاريخية، تم ترميم حصن إيليزي سنة 2004، ليصنف معلما تاريخيا وطنيا سنة 2010 من طرف وزارة الثقافة، حيث خصصت له عملية دراسة إعادة ترميمه واقترح استغلاله بعد إعادة الأشغال مركز أبحاث ما قبل التاريخ بمنطقة الطاسيلي.

ويشكل هذا المعلم التاريخي حاليا واحدا من المواقع السياحية الهامة بولاية ايليزي، حيث يستقطب سنويا أفواجا من السياح الأجانب.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!