-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

حظوظ البلد مع عودة الخط النوفمبري

حبيب راشدين
  • 2075
  • 9
حظوظ البلد مع عودة الخط النوفمبري
أرشيف

ظهور رئيس الجمهورية الدوري مع ممثلي الصحافة الوطنية، سمح لنا – حتى الآن – برصد بعض القناعات الراسخة عند رئيس الجمهورية، حيال أهم التحديات التي تواجهها البلاد بعد عام من الحراك الشعبي، ومخلفات موجة التطهير الأولى لجيوب الفساد في مؤسسات الحكم وإدارة المال العام، وبداية عهدة رئاسية لم يمنحها وباء كورونا فرصة التقاط الأنفاس، واستعادة السيطرة على مؤسسات الحكم، وإدارة الشأن العام وطنيا ومحليا.

فخطاب الرئيس، نجح حتى الآن في إعادة بناء الجسور مع الخط الوطني النوفمبري، الذي بدأ الانقلاب عليه منذ أحداث أكتوبر 88، واستهدفت مواقعه داخل مؤسسة الجيش إبان العشرية السوداء، وطمس ما بقي من آثاره في الحياة السياسية، والاقتصادية، والتعليمية، والثقافية في الولايات الأربع للرئيس بوتفليقة، التي منحت ـ رغم ما كان فيها من انحرافات ـ  فرصة للقوى الوطنية لاستعادة المبادرة داخل مؤسسة الجيش.

توطين الخط النوفمبري في مؤسسة الرئاسة، بعد تثبيته في مؤسسة الجيش منذ 2004، سمح بتوحيد القيادة في ظروف داخلية ودولية معقدة محفوفة بالمخاطر، لن تقوى البلد على مواجهتها إلا بقيادة موحدة، وبالتفاف شعبي حول الخيارات الكبرى المقترحة، شريطة أن تتعامل معه قيادة البلاد بخطاب شفاف مسؤول، يكاشف المواطنين بواقع الحال، دون تهويل أو تهوين.

وفي هذا السياق، يحسن بنا أن نثمن موقف رئيس الجمهورية الرافض لأي إغراء، باللجوء إلى الاستدانة الخارجية المقوضة للسيادة الوطنية، ومراهنته على الموارد المالية الذاتية، مع تبني سياسة تقشفية في إنفاق الدولة، ومنها قرار تخفيض ميزانية الدولة لهذا العام بالنصف، لم تمنعه من اتخاذ قرار غير متوقع برفع الحد الأدنى للأجور، وإعفاء الأجور المتوسطة من الضريبة على الدخل.

غير أن قرار الامتناع عن اللجوء للاستدانة الخارجية، مع استشراف تراجع موجع ومستدام في موارد الدولة من المحروقات، يوجب التفكير السريع في مقاربات جديدة لتمويل أنشطة الدولة والاقتصاد مستقبلا، خارج الوصفات التقليدية، ومنها تجنيد الموارد المالية المتداولة في الاقتصاد الموازي، التي أشار إليها رئيس الجمهورية، ربما عبر إصدار سندات للحزينة العمومية تعمل بنظام المرابحة، تفتح آفاق الانتفاع من عوائد الاستثمار المنتج، أو عبر فتح سوق وطنية للأسهم، تكون المصدر الأول لتمويل القطاع الإنتاجي الوطني العمومي والخاص، بالادخار الوطني أو بموارد الاستدانة الداخلية.

وكيفما قلبنا الأمور، فإن معالجة ملف تمويل أنشطة الدولة والاقتصاد، مع استبعاد الاستدانة الخارجية، تملي علينا البحث عن مورد تمويل ثابت، يكون بالضرورة غير تقليدي، ليس باللجوء إلى الطباعة النقدية، بل بابتكار نظام نقدي ومالي ومصرفي جديد، يسمح بالاستدانة المحسوبة من الجيل القادم ، أي عبر الاستدانة الداخلية التي لجأت إليها بكثافة دول متطورة مثل اليابان، ولم تتأثر سلبا من استدانة داخلية فاقت 225%  من الدخل القومي الخام.

 وعلى العموم، فإن الأزمة الاقتصادية العالمية التي يراد التستر عنها بتهويل أخرق من جائحة كوفيد 19، قد رفعت جميع القيود “العقائدية” التي كانت تلتزم بها البنوك المركزية، ومعها جميع القيود التي كانت مفروضة على الحكومات من جهة منسوب العجز المسموح به في الموازنات، ومن جهة التدخل الحكومي الواسع لحماية اقتصادياتها، بضخ مبالغ مالية فلكية، هي في نهاية المطاف تخليق اصطناعي للنقود من العدم، وشكل من أشكال الاستدانة الداخلية، تتحمل تبعاتها الأجيال القادمة من دافعي الضرائب.

وفي الحالة الجزائرية، فإن وضعنا ليس بالسيئ، مع مديونية خارجية أقل من 2  %  من الدخل القومي الخام، ومديونية داخلية ما تزل متواضعة دون الـ 50% ، تمنحنا هامشا أكبر في مواجهة أزمة تمويل نشاط الدولة وحاجات الاقتصاد، شريطة أن توجه حصرا للاستثمار المنتج الضمان لتسديدها مستقبلا، وتوفير حماية هذا التمويل غير التقليدي من الافتراس، كالذي لحق به مع عصابة الفاسدين.

مثل هذا الخيار، له اليوم حظوظ نجاح أوفر، مع عودة الخط النوفمبري لمواقع صناعة القرار، وحرصه على تحصين السيادة الوطنية من جهة، وعلى واجب توزيع أعباء الأزمة على الجميع، بقدر من العدل والإنصاف، يسهل حتما على المواطنين تقبل ما تعد به السنوات العجاف القادمة من تضحيات، ومن تأجيل اختياري لكثير من طموحاته ومطالبه المشروعة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
9
  • عبد القادر

    خطابه عن النوفمبرية واستعماله للكلمة في رسائله ليس معناه النزاما بدات الخط...............

  • كن يقظا

    كلوا الاشواك بأفواهكم أماالنوفمبرية فهي منكم براء

  • جيجل

    واش دخل النوفمبري في امور اقتصادية وكوفيد 19 ، ما فهما والو

  • نمام

    ولكن يا سيدي هناك من يلبس لباس الجدة ليخدع ليلي ظنا فلن ننخدع عينا تخطي التحجر و الجمود وتحريك الجامد وتحطيم الحواجز التي باسمها اصبح الرئيس قانونا وقوله دستورا وكلمته حكما هذا ما يواجهنا من رهانات لاننا نريد انسانا مبدعا متسامحا مع نفسه و غيره بجذور حتى لا يتبخر اما التدثر بالرياء باسم وطنية او تاريج فهو جفاء

  • نوار خليفة

    نسبة كبيرة من المواطنين لديهم ثقة مطلقة في صدق نوايا رئيس الجمهورية و في مشاريعه الطموحة خاصة منها تشكيل ديوان خاص بتطوير الفلاحة الصحراوية و عقد شراكات مع مؤسسات أجنبية ناجحة في مجال تطوير قطاع الألبان و الطاقة الشمسية و الصناعات الصغيرة و المتوسطة و تطوير البحث العلمي و استكشاف المزيد من الثروات لكن المشكل أن هذا المخطط الطموح قد يصطدم كالعادة بحاجز بشري بيروقراطي معشش في دواليب الإدارة في الولايات و الدوائر و البلديات من أمناء عامين و موظفين بسطاء تراكمت لديهم خبرات طويلة في كيفية كبح المشاريع الطموحة و ابتزاز أصحابها و إخضاع الوطنيين المخلصين لنزواتهم و رغباتهم خدمة لمصالح جهات معينة

  • جميل

    لصاحب التعليق1 محمد صالح : هذه الحكايات عمرها 60 سنة وقد غنم منها البعض زادا وفيرا في وقت دفنت البعض الاخر وهو حيا وبالتالي فالتخلي عنها من قبل الفئة الأولى أمر ليس بالهين والحكمة تقول : العادة تبدأ سخيفة ، ثم تصبح مألوفة ، ثم تغدو معبودة

  • بوبزاري مسعود

    لا علاقة بين العنوان والمضمون، النوفمبرية ثم الحديث عن الاقتصاد والازمة المالية الخانقة

  • AVANCER LALOUR

    حظوظ البلد مع عودة الخط النوفمبري ... وما علاقة نوفمبر بالأزمة الاقتصادية التي تتحدث عنها في مقالك يا رجل ??? وما علاقة الخط النوفمبري بارتفاع وانخفاض أسعار البترول ... ??? وما علاقة الخط النوفمبري بالاستدانة الخارجية .... ??? بل وما علاقة العنوان بمحتوى المقال أصلا ??? أمر غريب يا سي راشدين !!!!

  • محمد صلاح

    ولينا لحكاية الباديسي النوفمبري