حق يراد به باطل!
مع بداية الحملة “التحسيسية” حول قانون الطفل، قلت في نفسي: لماذا لا أتطفل على نفسي وأصير طفلا معاصرا محميا من قانون الأسرة الذي يأسر الأسر المسلمة في القانون الدولي و”يعصر” الأسرة في “الكانون” المادي العلماني. فلقد كبرت ولم أعرف الطفولة!: ولدت “بشلاغمي” مثل الأرندي! عندما خرجت من بطن أمي مترجلا. فقد روي لي عن القابلة، عن أمي، أني ولدت “فارسيا”. رجلي إلى الأمام! لهذا، فأنا اليوم، “ماعنديش مارش آريار”! ولا أتحدث عن “مسقط رأسي”، بل أتحدث عن “مسقط كراعي”! ولأن الرأس انقلب وصار محل “الكرعين” وصارت “الكرعين” محل الرأس، فقد أردت أن أستفيد من الأمم المتحدة التي تعمم حريات الأفراد (والبقرات) وتجعل الإنسان فردا منفردا متفردا لا علاقة تربطه بالأسرة والمجتمع والأخلاق والدين والمنظومة التربوية الأسرية والتلقين العائلي، ليصير الطفل حرا يفعل ما يشاء، وتصير البنت حرة تشاء ما تفعل بلا رقيب ولا حسيب قلت، أن هذا جيل الحقوق، حقوق الطفل الذي يراد له أن “يتربى” على “قلة التربية”، كما تريد له الأمم المتحدة وليس كما تريه له أمه “المتخذة”!
نمت لأجد نفسي أولد من جديد! أول ما خرجت من بطن أمي: قلت لهم: ينعل جد!… وين راهي السكنة نتاعي؟ ما تعطينونيش في عدل 2، أعطوني في عدل 1! قالوا لي: عدل 2 ورانا حاصلين فيهم، أنت إذا صحت لك سكنة في عدل 25، راك غاية! مع النفط والتقشف والنهب والفساد، والله ما تسكن حتى يبقى لك 4 أشهر ويقراو عليك “يس“! قلت لهم: أريد حقوقي كلها الآن: السكن، القرض، الباك، الخدمة، الفيزا، وإلا والله حتى نولي لكرش أمي ونقولهم واش راكم دايرين في هذا الدار!
ولما أني ولدت في “كلينيك” حكومية مدنية شبه عسكرية وذات طابع ديبلوماسي، مرتادوها جلهم من “الكيادير” المكيدرة في الإضارة المضرة بالصحة، فقد صح لي مكان في هذه “المصحة“! في الحقيقة، صحت لأمي، وصحت لي بالتبعية! ولم تصح لأمي لولا أن أبي لم يصح له دخول العمل الحكومي من بابه السفلي. فقد ترقى بتدنيه في العمل والمعاملة! شيات، ثم ماسح موائد في الولاية، ثم فراش في وزارة، ثم خدام في “كابيني“، ثم أمي شغالة في “كابيني“! لولا هذا التفاني في خدمة الوطن وأهله، لما كنت اليوم ها هنا.
الحمد لله، سمعوا أقوالي ورفعوها للمقام العالي “أفوالي“، وجاءت البشرى: حقوق الطفل مضمونة إن ضمن غلق فمه من أول صرخة! قلت لهم: لم أصرخ، بل تكلمت! والمتكلم والصارخ، بينهما فرق صارخ.
وأفيق وأنا أصرخ: لقد اشتكي بي ابني للشرطة، لأني ضربته بسبب التدخين.. وفين؟ في مكان عمومي!