-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
وجهات نظر

حمى الطلاق!

حمى الطلاق!
ح.م

نعيش اليوم في مجتمع تغيرت قيمه وطغت عليه المادة وضعفت القوامة وفسدت الرجولة، فصار مجتمعا مضطرب القيم، وبالتالي أصبحت الأسرة لا تجد أرضا مستقرة تبني عليها ذلك العش، وبدل أن كانت الأسرة محاطة بكثير من المثبتات، صارت الأسرة قرارا بين شخصين، ويمكن لأي من هذين الشخصين أن يخرج من هذه الأسرة ويغلق خلفه الباب…

المرأة تعيش الأمرين تحت سقف أسرة مضطربة، فهي تظل في صراع الأبناء واحتياجاتهم، ثم يأتي الزوج يضيف إلى شقائها المادي شقاء معنويا، وبدل أن يكون دوره الدعم العاطفي يصبح شرارة تنضاف إلى نارها المتأججة، وبدل أن يقوم بدوره الحاني يصبح سوطا من الكلمات تنهال على قلبها، ولذلك تكون مسألة مطالبتها بالطلاق مسألة وقت فقط…

في هذه الأثناء، تبدأ المرأة في إعداد “الخطة ب” وحدها أو مع صديقة أو قريبة، وقد يستغرق التفكير فيها سنوات، لذلك عندما تعلن طلبها للطلاق، تكون قد بنت النموذج الكامل، وفكرت في كل شيء، وخططت لكل شيء، أو هكذا تتصور على الأقل، وهنا يكون الزوج في غفلة وسط غروره وأنانيته، لا يشعر بالحالة التي وصلت إليها زوجته، ولا يدرك أن هناك نفقا يحفر ويجهز للخروج من هذه الحياة الضيقة التي تزيد اسودادا في عين الزوجة يوما عن يوم، أو هكذا تتصور على الأقل. إنها حين تقول طلقني، تكون قد طلقت نفسها قبل هذه اللحظة بزمن، وعاشت الطلاق العاطفي وتعودت عليه، وها هي الآن قد أشرعت جناحيها لتطير بعيدا عنك وإلى الأبد، أو هكذا يخيل إليها على الأقل.

إذن المعادلة هكذا: حياة سوداء تزداد قتامة يوما عن يوم، وحياة بيضاء تزداد إشراقا يوما عن يوم، حتى إذا اكتمل إشراق هذه وانطماس هذه، أصبحت المرأة لا ترى شيئا إلا ذلك المخرج الذي أعدته كل تلك السنين، ولذلك يكون تدخل الأطراف للإصلاح أو تدخل المستشار الأسري للتوسط وتصحيح الأخطاء، يكون كل ذلك متأخرا، أو هكذا تتصور هي على الأقل.

إن المرأة تعيش في عالم الخيال حياة موازية لعالم الحقيقة، ولذلك فقدرتها على تصديق الخرافة والإيمان بالسحر أضعاف ما لدى الرجل، وما ذلك إلا لاختلاف التكوين العقلي لها عن الرجل، وقد أثبتت الدراسات العلمية أن خيال المرأة أكثر من خيال الرجل. وأساس ذلك الاختلاف هو أساس الدورين المختلفين لهما في هذه الحياة، ولذلك فإن هذا الخيال، وهذه العاطفة التي تمدها بالطاقة لمواجهة مصاعب الحياة وتحمل أعباء الأبناء والأسرة هذه العاطفة الإيجابية، هي نفسها الخطر الكبير الذي يهدد بتدمير كل شيء، بل بتدمير نفسها قبل كل شيء، وهكذا تتحول قوتها العاطفية إلى ضعف خطير، وتتحول قراراتها التي تبدو متعقلة جدا إلى ما يشبه الخيالات والذهانات، نعم إنها تتخيل أجنحة وتتخيل تحليقا وتتخيل عالما ورديا، ولولا ذلك الخيال ما كانت لتبني قناعتها بتلك الطريقة الجازمة، ذلك الجزم لا يأتي من عقل، بل يأتي من عاطفة.

عندما يفكر الرجل في الطلاق فإنه يحسب لذلك ألف حساب، وأعرف أشخاصا عاشوا لسنوات مع زوجات عاقات، فقط لأنه لم ينته من معادلة الطلاق بنتيجة مرضية، فعاش عمره يحسب ويحسب، واضطر أن يعيد هذه المعادلة في عقله عشرات المرات إلى أن يئس ورضخ للواقع حفاظا على المكتسبات وتأدية للأمانة وتبرئة للذمة أمام الله وأمام الأبناء، لذلك فإن الرجل حين يفكر في الطلاق يفكر بالعقل، أما المرأة في تخلط بين العقل والخيال والعاطفة.

في دراسة أجريت في السويد حول أسباب الطلاق، تبين أن عمل المرأة هو من أهم أسباب الطلاق، وما ذلك إلا لأن المرأة العاملة يسهل عليها إعداد “الخطة ب” أكثر من غيرها.

تصبح هذه الخطة جاهزة عندما يتوفر فيها عنصران: البديل المالي، والبديل العاطفي، وخصوصا حين يكون هذا البديل العاطفي والمالي حاضرا وفي متناول اليد، وقد يكون البديل العاطفي رجلا آخر، وأحيانا يكون بديلها العاطفي في أبنائها وأسرتها.

إذا: عندما تعيش المرأة تحت الضغط، تبدأ في إعداد الخطة ب، فإذا جهزت الخطة والضغط لا زال قائما، فإنها تقف أمام القاضي وأمام الأسرة وأمام الجميع واثقة مطمئة تظن أنها قد حسبت كل شيء، ولكنها للأسف وفي أغلب الأحيان تكون عاطفتها هي التي كملت لها الفراغات في المعادلة، وهي التي أوصلتها إلى هذه القناعة، وهذا ما أسميه “حمى الطلاق”.

حمى الطلاق هي حالة اكتمال الضغط مع اكتمال الخطة ب، ولذلك فإن أي محاولة للإصلاح يجب أن تعتمد عل مسارين، مسار تخفيف الضغط ومسار إفساد الخطة ب، ولكن أين المشكلة؟ ولماذا نمنع امرأة اختارت لنفسها وبنت نموذجها البديل وقررت الخروج من الضغط والبحث عن حياة أفضل؟

وقبل أن نجيب عن هذا السؤال نبين أوّلا ما الفرق بين امرأة تريد الطلاق وبين امرأة أصيبت بحمى الطلاق؟

أولا: المرأة التي تريد الطلاق تطرح الطلاق كخيار من أجل الوصول إلى حلول ترفع عنها معاناتها، بينما المصابة بحمى الطلاق لا تبحث عن حلول، لأنها قد جهزت الحلول ورتبت كل شيء، والمشكلة أنها حلول بنيت من طرف واحد، ومن طرف عاطفي لا تساعده عاطفته على وضع النقاط على حروفها الصحيحة.

ثانيا: المرأة التي تريد الطلاق تستطيع أن تدخل في مفاوضات وتؤجل موضوع الطلاق، بينما المصابة بحمى الطلاق تبحث عن شيء واحد: كيف أنهي إجراءات الطلاق بأسرع وقت ممكن.

ثالثا: المرأة التي تريد الطلاق لديها أسباب واضحة ومحددة ومعدودة على رؤوس الأصابع، أما المصابة بحمى الطلاق فلديها ألف سبب، وكلما فتحت معها مجالا من مجالات الحياة الزوجية إلا وجدتها تحمل عشرات الأدلة .

رابعا: المرأة التي تريد الطلاق تبحث عن حلول، والمرأة المصابة بحمى الطلاق تبحث عن تضامن وحشد، لذلك فأسلوب الكلام عند الأولى أسلوب عقلاني فيه أخذ ورد، بينما أسلوب الثانية أسلوب تحريضي عاطفي درامي.

خامسا: المرأة التي تريد الطلاق تذكر الحسنات وتنظر إليها بشكل واضح، وتشير إلى السلبيات بنفس المنطق كذلك، أما المصابة بحمى الطلاق فهي لا تستطيع التحدث عن الإيجابيات، بل لعلها لا تراها أصلا، حتى أنك تتصور أنها كانت تعيش مع وحش وليس إنسان، فانتبه أن تصدق ذلك.

سادسا: المصابة بحمى الطلاق تخرج أولا من البيت، ويكون خروجها نهائيا، أما التي ترغب في الطلاق فهي تطرح الموضوع لطاولة النقاش داخليا، ثم تنقل ذلك للحكمين من أهلها، ثم تقضي عدتها في بيتها كما أمرها الله قبل أن تنتهي العلاقة.

سابعا: التي ترغب في الطلاق تناقش بكل عفوية، بينما المصابة بالحمى تستخدم أساليب شتى ومن بينها التهديد بالانتحار، وهو علامة بارزة تعينك على التفريق بين المصابة بالحمى وبين التي تريد الطلاق بالفعل…

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
18
  • Selma cl

    و هل حالات الطلاق الحالية سببها المرأة فقط رجال هذه الأيام أشباه رجال ذكور فقط لا يتحمل مسؤولية زوجته و أولاده و فوق كيقوم بتعنيفها اليومي في رح السؤال هل زوجة جاريه ام شريكة حياته

  • *

    اذا كان ابغض الحلال عند الله فهو بغيض عند المومنين الصادقين امراة او رجلا . .
    هناك عزاب نفروا من فكرة الزواج بسبب قصص تركز على السلبية اما الايجابيات فلا تذكر
    هذه هي الحياة تعلمنا كل حين وتستمر ..

  • خليفة

    المعاشرة بمعروف او تسريح باحسان ، و المهم في كل هذا هو بناء الزواج من البداية على المودة و الرحمة ،و الاخلاص و الحب و التضحية المتبادلة ،و من غير هذه الشروط يقع الطلاق بسهولة ،كما انه ينبغي اجراء دورات تاهيلية للمقبلين على الزواج ،و ايضا ينبغي التفاهم بين الزوجين على الشروط التي تحكم العلاقات الزوجية مستقبلا و كل طرف يكشف للاخر سلبياته و ايجابياته ،لان الزواج شراكة بين طرفين يتم بناءوها على وعي و تفاهم و مسؤولية.

  • سس

    نحن كمسلمين نؤمن أن الطلاق من سنن الحياة المذكورة في القرآن لذلك إلى حد ما يشكل نسبيا جزء من الحياة العادية. لكن عندما يتفاقم ويصبح ظاهرة في المجتمع،لا شك أن هذا نتيجة بعد المجتمع ككل عن القيم الاسلامية. كلما انحرف المجتمع كلما تمكن الشيطان من السيطرة على البيوت وتفكيكها.سواء عمل المرأة،حريتها، الاسباب المادية، العائلية،الانانية،التكبر ماهي إلا منافذ للشيطان للتلاعب بعواطف الضعفاءمن النساء و الرجال.والتجربة تظهر أن المرأة أكثر عرضة لمغريات الشيطان الذي يزين لها الحياة خارج بيتها الزوجي.والرجال في هذا الوقت أيضا أصبح كثيرهم مادي مثلهم مثل النساء ويقدمون المصلحة الدنيوية في اختيار الزوجة.

  • الحاجة قرنونة

    من النهار لول بين الطريق قال يا بنت الناس هاو كيفاش نحب نعيش اذا اصرت على السقايط انتاعها طيش عليك الهم من الاول ماشي تتورط بعد الزواج وتلقها باغية تعيش حياة السقاطه وتوقعو في تناقضات

  • ديار الغربة

    العبارة الأكبر نفاقا و كذبا التي يستعملونها المطلقين أو العشاق عند الفراق
    《اتمنى لك التوفيق والسعادة 》

  • Dje

    هاذه حمى الطلاق او على الأقل كما تصورها صاحب النص وهي لا حلول لها او على الأقل كما لم يذكرها الكاتب

  • قل الحق

    تحليل نفسي رائع لشخصية اغلب نساء اليوم، و لنسمي الامور بمسمياتها فان ما تخطط له المراة و ما سمي بالخطة ب، ما هو في واقع الامر الا مكر النساء المعروف منذ الازل، فالمراة السوية متى شعرت بانها مظلومة، حاولت فهم السبب و طرحه للنقاش فان لم تجد حلا طالبت بالطلاق بكل صراحة و اعتقت نفسها متمنية الخير لشريكها دون اعداد خطط، و هذا النوع من النساء نادر جدا اليوم
    ربما هناك شيء قد تم اغفاله في المقال، و هو ان خلال اعداد خطتها تجد المراة المساندة الكاملة من اسرتها خاصة والديها و هذا ما يمكن اختزاله في عبارة" دار باباك مفتوحة" ، و هنا يتحول الوالدان الى متواطئان بدل الاعتراف بفشلهم في اعداد بنتهم للزواج.

  • متابع

    هكذا مقالات تنفر من الزواج.. الطلاق هو امر واقع لا مفر منه.., خاصة مع الذهنيات والعقليات المنتشرة حاليا .. الطلاق في وقتنا يحدث مع العاملة و الماكثة بالبيت معا.. لان الموازين اختلت,, وهدا احد اسباب عزوف الشباب عن الزواج او عى الاقل تاخيره بسنوات ...

  • dzair

    كانوا يقولون: في الصيف الكاطو gâteau و في الخريف البوكاطو avocat
    صار الزواج للمصلحة المادية فقط. إذا ما غابت المادة يتم الانفصال. لا مودة لا مشروع بناء أسرة ولا يحزنون

  • abdellah_عبدالله

    الطلاق موضوع شائك نوعا ما. بالرغم من انه لا زال يعتبر من الطابوهات عند البعض إلا أن الكثير من المثقفين في مجتمعنا المغاربي بدأوا يتناولون هذا الموضوع في كتاباتهم بما يرونه و يفهمونه من منظورهم سواء كان ذلك إيجابا او سلبا.
    اظن الطلاق قرار أحادي في كثير من الاحيان، لكن دائما ما يكون تأثيره جماعي. لذلك يجب تناول الموضوع من كل الجوانب؟ و ليس من جانب المرأة و حسب.

  • zizou

    سوق النسا من يريد الزوج في هذه البلاد بختار من القرية وتكون جاهلة اما القارية وتخدم انا نقولو من اليوم مشروعك سيفشل

  • الحقارين

    ثم يأتي الزوج يضيف إلى شقائها المادي شقاء معنويا، وبدل أن يكون دوره الدعم المادي يصبح شرارة تنضاف إلى نارها المتأججة، وبدل أن يقوم بدوره المادي يصبح قلقا ويتمنى لو انها تذهب في حالها وتتركه
    وكان المراة تهدد الزوج يا الزوج يقول في قلبو طريق السد تدي ماترد
    الله لايرفد عليكم انتن الخاسر الاكبر في نهاية المطاف
    تولو تحللو الرجال من اجل الزواج وماتلقاوهمش
    زعما راكي في مقالك تهددي الرجل اما ان ينصاع لقرارات المراة او تذهب فالتذهب

    في هذه الأ

  • بصراحة انسان حر

    فقالت لا اريد حياتي تستمر ..مع مسعود البسكري

  • مستغرب

    دنيا ما بقا فيها ما يعجب
    ناس تتزوج وتتفاخر بالمظاهر والماديات رغم ان الله يقول انه لا يحب كل مختال فخور
    الله ما يبغيهمش
    وتطلق وتحتفل
    والمصيبة الصراع يزداد يوما بعد يوم لاجل دنيا نعيش فيها على الاكثر 70 سنة
    اما الصراع على الاخرة والجنة والتنافس لاجل الخيرات فيكاد يختفي
    كلها امور يبغضها الله ولا يحبها
    اليوم نرى سخطه علينا وقريبا سيحل عقابه على هذا العالم الفاسد الذي نعيش فيه

  • مسعود البسكري

    ما هو سبب الطلاق!!!!؟؟؟
    السبب الأول في رأيي أجاب عليه المقال بالجملة التالية:
    "إن المرأة تعيش في عالم الخيال حياة موازية لعالم الحقيقة".
    السبب الثاني أجبت عنه الدراسة السويدي:
    "عمل المرأة هو من أهم أسباب الطلاق"
    أعرف عجوز في الستين من العمر طلقها زوجها لأنها كانت تريد طبلات (tablette) رغم معارضته،

  • مفاهيم وتشريعات مطويات ونشرات خاطئ

    من ترفض الطلاق ..
    اليس هو من يأمر وينهي

  • تلك اعرف منها واحدة

    هي من قلبت موازين الرجل ضاعت بين القرار الادنى والقرار الاهم في حياة اثنين عقدت بينهما الحياة رباط لا سبيل في حله الا الطلاق والخروج باقل تكلفة وربح الوقت والحياة بين الراحة النفسية والسلوكية والجسمية بدل الاتعاب الزائدة والصبر الذي جعل منها مكبوتتات اينما ذهبت وارتحلت لتعلن عن حالها كحالة يجب ان تصدق نفسها قبل ان يكذب عليها من صدقته بوجدان وروح وعقل فزع لشدة غبائها ومنزلتها التي تتناقض ودورها كشطر رائع يدفع بالتي هي احسن
    استفاقت على صراخ وعويل داخلي انها الانا التي دفنتها كشبح يعزز راحتها ويقلل من قيمتها ويجعلها له خاضعة في كل امر مستترة عن عيوب هي لم تدرك بعد انها جسيمة وليس لها