-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
العروشية في مجتمعنا:

حمية الجاهلية التي تنخر بعض القرى

صالح عزوز
  • 1343
  • 3
حمية الجاهلية التي تنخر بعض القرى
ح.م

 بقيت الكثير من العادات والتقاليد، عالقة في أذهان الكثير منا، وانتقلت من جيل إلى جيل، رغم التطور الحاصل في كل المجالات، ورسائل التوعية والتربية الصحيحة، والدروس النتحسيسية، لأن بعض هذه العادات مناف للأخلاق والشرع، على غرار الحمية أو العروشية إن صح القول، التي لا تزال إلى حد الساعة، تنخر تركيبة مجتمعنا في الكثير من الأماكن، وأصبحت ذهنية يتوارثها الأجيال جيلا عن جيل، دون النظر في محتواها أو أضرارها القريبة والبعيدة، سواء على الأفراد أم الجماعات.

 نقرأ أو نسمع، بل ونحضر في الكثير من المرات، نزاعات عائلية في دشرة أو قرية صغيرة، حين تأخذ الكثير من الناس حمية الجاهلية إن صح القول في هذه النزاعات، فبدل السعي إلى إيجاد الحلول السلمية بين الفريقين، تتحول إلى مساحة لحرب بالسيوف والخناجر والعصي، بين عائلتين لا يفصل بينهما إلا سياج أو سور من حجر، لكن العداوة بينهما تمتد إلى سنوات بعيدة، وتنتهي في الغالب هذه المشادة بالآلات الحادة وحتى بنادق الصيد، إلى مقتل بعض أفراد العائلتين، وهكذا تستمر العداوة بينها، ويبقى الدم موزعا بين أفرادها، ينتظر البعض المناسبة الأولى للانتقام، على طريقة الصعايدة في مصر.

 لقد كان من أسباب هذه الحمية الجاهلية، أن كبار أو شيوخ العائلتين لم يطفئوا هذه النار قبل رحيلهم، لذا بقيت مشتعلة بين الأفراد، يتوارثها الأجيال، جيلا عن جيل، بالرغم من كونها مهلكة للأفراد والجماعات، وكانت سببا مباشرا في مقتل بعض الأفراد، وكذا جرح أو سجن الكثير من الأفراد. بالإضافة إلى هذا أن شباب اليوم ورغم انفتاحهم على العالم الخارجي وتنقلهم وتبادلهم الثقافات، إلا أن الكثير منهم بقي منغلقا في هذا الموضوع، ويربطه حتى بالشرف، ولا يمكن له أن يتنازل عنه، مهما حدث، لذا حينما يشتعل فتيل النزاع بين هذه الدشور، لا تنتهي إلا وقد مات من مات وجرح البعض، وسجن البعض الآخر، في مشاهد مروعة، توحي بالجهل الذي لا يزال يحاصر الكثير من العقول، في العديد من مناطقنا.

 كانت في ما مضى هذه النزاعات في العروش، تكون بالعصي كسلاح متوفر لدى الجميع، يشارك فيها كل أفراد العائلة حتى النساء منهم والأطفال، لكنها اليوم، انتقلت إلى استعمال بنادق الصيد، لذا أصبح الموت فيها أكيدا، وذهب الكثير من الشباب ضحايا لهذه الذهنيات المتحجرة، التي لا تزال متعلقة بعادات بائسة، وضع قوانينها أناس رحلوا، لكن تبعات هذه القرارات الخاطئة التي تنم عن جهل أهلها لا تزال إلى حد الساعة، فقد كانت سببا في زهق الأرواح وعداوات أبدية.

 إن الحديث عن العروشية في الجزائر، يوحي بحق بالانغلاق الذي يحاصر الكثير من شبابنا خاصة، برغم ما نحن عليه اليوم من انفتاح على عالم خارجي يحارب كل هذه العقليات، خاصة بين العائلات في دشور صغيرة، تجد أغلب أهلها يتعارفون منذ الصغر.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
3
  • **عبدو**

    المشكلة وقعت بسبب جهلهم بالدين او عدم التزامهم بحدود الله في حالة علمهم باحكامه خاصة الكبائر مثل القتل و الجرح و التعدي على اموال الجار او القبيلة ، نهايتها تكون برد الحقوق الى اهلها اذا عرف ان الوالد او الجد قد اخذ املاك الغير بغير حق ، و دفع الدية في حالة قبولها ، فالقتل حرام و ليس اي كان افضل من الاخر
    و الله اعلم

  • جبريل اللمعي

    خفافيش نَشرِ التّشَيُّع أيضا يستغِلّون العقليّةَ "العروشية" مُختلِطةً بشيء من الطُّرُقيّة. فمَزيجٌ مِن الشُّعور بالتّفَوُّق والتّميّز وحِيازَةِ أسرارٍ رَبّانيّة مَزعومةٍ هو الوَصفَة التي وجدَها دُعاة إيران ناجِحةً في الجزائر. هذه مسألةُ أمْنٍ قَوْميّ لا يجب التّهاونُ بها.

  • tada

    نحن نعيش الجاهلية في كل مكان والا فكيف نفسر مثلا من يعتقد أن الطلاسم والحروز تساعده على النجاح في الباك