-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

حول شعار “8 أشهر بركات”

حسان زهار
  • 1520
  • 10
حول شعار “8 أشهر بركات”
ح.م

يخطئ كثيرا، من يعتقد أن المسيرات التي ظهرت مؤخرا دعما للانتخابات، هي كلها مدعومة من السلطة، وأن كل من فيها “كاشريست”.

ويخطئ أكثر، بل يكون واهما، من يتصور أن هذه المسيرات كلها مبرمجة، وليس فيها شيء من العفوية، والكثير الكثير من نبض الشارع المغيب، نبض الجزائر العميقة البعيدة عن نبض جزائر أودان والبريد المركزي.

في هذه المسيرات التي بدأت تعم مختلف الولايات داخل الوطن، شعارات معروفة يعرفها الشارع، خاصة في حراك الأسابيع الأولى، لكن فيها أيضا شعارات ترفع لأول مرة، ولعل أهمها على الإطلاق، هو شعار “ثمن سنين بركات”.

يذكرنا هذا الشعار الموغل في التاريخ، بأحداث أليمة أخرى وقعت بعد الاستقلال، بين أخوة السلاح، حين رفعت البندقية الجزائرية في وجه الإنسان الجزائري، وتحول رفاق الكفاح بالأمس إلى أعداء بسبب المصالح السياسية الضيقة، قبل ان ينتفض الشعب الذي لم يهنأ بفرحة استقلاله، ويخرج إلى الشارع يهتف “سبع سنين بركات”.

وقتها أدرك الشعب أنه آن للمهزلة أن تتوقف، وأن الجزائر لا يمكنها أن تمضي للأبد في بحور الدم، وأن لغة العقل يجب أن تعود من جديد.

الآن نسمع نفس الألم تقريبا، من أعماق أعماق الجزائر المنسية، يخرج جزائريون بسحنة مختلفة، وبشرة أكثر سمرة وارتباطا بالأرض، يحمل الكثير منهم لباس “القشابية” التقليدية، التي كانت زمن الثورة بمثابة سلاح إلى جانب البندقية، تقاتل قساوة البرد كما تقاتل البندقية عنجهية المستعمر، ليهتفوا بقلوبهم الطيبة التي لا تحمل أحقادا ولا تخوينا، بحياة الجزائر وحدها.

وطبيعي بعد ذلك، أن تجد هذه المسيرات، من ينعتها بأبشع النعوت وأقساها، فهناك من يخوّن أصحابها وهم لم يخونوا أحدا، وهناك من يرى فيهم مرتزقة وهو لم يشتموا أحدا، وهناك من يرى فيهم عبيدا، فقط لأنهم أعلنوا استمرار أخوّتهم الأبدية مع الجيش الوطني الشعبي (جيش شعب خاوة خاوة).

والسؤال البديهي الذي يجب أن يطرح الآن، هل هؤلاء جزائريون أم لا؟ وهل من حقهم التعبير عن مواقفهم، أم هم مواطنون من الدرجة الثانية لا يحق لهم معارضة حراك “مواطني الدرجة الأولى”؟

كيف يكون الذين مع الجيش ومع حل الانتخابات مواطنين “كاشيريست”، كما يسميهم البعض بهتانا وزورا، بينما لا يكون من يرفعون شعارات مناقضة “بانانيست” مثلا؟ اذا دخلنا في دائرة التخوين والاستهزاء فلن ننتهي منها أبدا، وبالتالي من المهم احترام جميع الآراء، وعدم التفرقة بين الجزائريين بسبب مواقفهم السياسية، وإلا فقد دخل دعاة الحرية في منطق الأبارتيد، وسقط أنصار الديمقراطية في دائرة العنصرية والإلغاء.

لا يمكنك أن تكون ديمقراطيا، وتستمع إلى صوتك فقط، لا يمكنك أن تدعي الحرية وتحارب من أجل حريتك فقط، فعل ذلك الاستئصاليون بداية التسعينات من القرن الماضي، عندما رفعوا شعار الديمقراطية، ثم انقضوا عليها في أول فرصة، عندما جاءت نتائج الصندوق بما لا تهوى أنفسهم.

أنصار الانتخابات هم أيضا بالملايين، والجزائريون الذين لا يمكنهم نكران فضل جيشهم في حماية حراكهم، ومنع سقوط الدماء، وإدخال رؤوس العصابة إلى السجون، والحفاظ على الدولة من الانهيار، من حقهم هم أيضا أن يخرجوا ليدافعوا عن شرف من يدافع عنهم، ويحمي ظهورهم، ويصون أمنهم.

القضية ليست قضية مسيرات مؤيدة أو معارضة، ولا من هو أكبر عددا وأكثر جندا، والتنابز بحجم المسيرات على طريقة زبيدة عسول (قدرت مسيرات الجمعة 37 بـ29 مليونا)، من حيث الحجم والانتشار، لا يحل المشكلة إطلاقا، إلا بالعودة إلى الصندوق، وحينها ستنكشف الأعداد الحقيقية من المشاركين، ومن المقاطعين أيضا.

الصندوق وحده ما يفصل بين موقفين متصلبين، وبين شارعين متنافرين، وقد جربنا المسيرات ثمانية أشهر، ولم تحل المشكلة، حتى خرج من يصرخ ثمانية أشهر بركات، والمطالبة بحقهم في الذهاب إلى الانتخابات.

في النهاية، من حق كل طرف أن ينام على الجنب الذي يريحه، من أراد أن يواصل الصراخ في الشارع فالشارع مفتوح وهو أولى به، ومن أراد أن يسمع صوته في الصندوق، ليس بمقدور أحد، انطلاقا من فكرة الحرية ذاتها التي يدافع عنها أنصار الشارع، أن يمنعه.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
10
  • INSSANE

    لما تقرا التعاليقات تصدم من قال عدم احترام الراي الاخر او عدم احترام اختيار الاخرين العكس تماما لكن لا تستغبيني..وتفكر في مكاني..او تتبناني حينها لا اقبل بابوة احد ....بلا مس رفضتم ان تحاوروا احزاب العصابة ولم تقبلوا بهم على طاولة لجنتكم التي ادعيتم زورا وبهتانا انها مستقلة..واليوم..يتقدمون الى اغلى وارفع منصب بالدولة خمسة اقزام..دون ادنى حياء والشعب بح صوته ل9 3 اسبوعا حسوما فلا مجيب ولا راد نريدها حرة .....حرة....ونزيهة..لاتقصي احدا فسيادة الشعب قدسية ...فرجاءا لاتتبناني لانني ساعقك...ولا تفكر....في مكاني ..فامجك....وفر المحيط..والبيئة..الملائمة لانتخابات حرة حرة...دون بهاراتك...واعدل

  • inssane

    الى كل حكيم في هدا البلد ارجوك اسمعنا صوتك ايها المنسيون في تعداد النظم العفنة المانيا على عظمتها دخلت حروبا قاسية لاجل مرض وهوس عسكري متعال لايسمع لايعقل لا يرى الا نفسه والصدى فقسم المانيا بجدار ارخ له وكانت نهايته رصاصة انهى بها عمرا قدر ونتائج كارثية ونحو 23 مليون قتيل ودمار لالمانيا..وعندما قرر الشعب العظيم الوحدة تظاهر كل اثنين 9 مرات بحوالي 200000 متظاهر فقط وكان للشعب السيد كلمته دون تخوين ولاسجون ولا....ولا....ولا

  • الأرجح

    اصبحتم تزكون انفسكم كثيرا يا من تعارضون كل شيئ , قدموا بديلا
    صراع الكشير و البنان هذا هو المستوى في بلادي

  • كمال الاوراسي

    ربي يهدي ما خلق اصبح الناس كلهم انبياء ورسل اخر الزمان انهم يحاسبون الاخر بغير وجه حق يغتابون ينممون ياكلون لحوم الناس با حياء ولا رادع اخلاقي وانساني علي الاطلاق .
    لا احد مبشرا بالجنة ولا احد يستطيع ان يدعي النبوة ولا احد منكم هو المهدي المنتظر كفاكم نفاقا ودجلا وشعوذة يا ناس .
    الجزائر ليست بحاجة للنباح والصياح والفتنة والفوضي الجزائر بحاجة للتعقل والحكمة والعمل من اجل اخراجها من مازقها وازمتها
    اتركوا الصندوق يقرر ولا تفرضوا علي اي كان رايكم فلسنا في السعودية او مصر او الاردن لسنا في بلد دكتاتوري او مستبد نحن في بلد جمهوري ديموقراطي

  • جزائري

    الاختلاف في الراي ظاهرة طبيعية جدا جدا جدا. انها سنة من السنن الالهية ونحن كمؤمنين يجب ان نقر بها. الله يقول : ان سعيكم لشتى. ليس فقط مع او ضد الحراك بل حتى في الكفر والايمان. انك لا تهدي من تشاء ولكن الله هو الهادي. انه لن يؤمن لك الا من قد امن. كثيرة هي الايات اللتي تتحدث عن اختلاف الناس في تفكيرهم للدلالة على ان الامر طبيعي جدا. اذن ما حكاية التخوين لان احد لم يتفق مع خيار المسيرات. لا احد من حقه احتكار المشهد والا فمن حق الاخرين تخوين الحراك بعد اسابيعه الاربعة الاولى. سنة الحياة اننا لسنا ملاءكة على قلب رجل واحد . هكذا اراد الله ولن تجد لسنة الله تبديلا.

  • محمد البجاوي

    حضّر مقالك ليوم 2019.12.13 و سنرى من كان الحق الى جانبه .

  • alilao

    يخطئ كثيرا من يعتقد أنه بتمرير الإنتخابات سيعود الشعب الى دياره الى خضوعه الذي دام 60 عاما.
    ويخطئ كثيرا من يظن أن بمجرد وضع ثلاثة لصوص من العصابة سيقنع الشعب بأن التغيير قد حصل.
    ويخطئ كثيرا من يظن أن الرئيس الذي سينبثق عن المهزلة الانتخابية سينجح في ارضاء الشعب والسلطة الفعلية وبقايا العصابات في آن واحد. والمرجح انه سيخضع للسلطة وسنبطح امام العصابات وينسى مطالب الشعب لانه اختير لهذا الغرض وامضى هذا التعهد يوم أمضى وثيقة الترشح.
    ويخطئ كثيرا من يظن انه أذكى من شعب بكامله وقادر على أن يعطي دروسا في السياسة للملايين من ناشطي الحراك.

  • أمين أمين

    نعم للعودة للصندوق ولكن تحت نظام عادل ، لا فاسد .نعم للإنتخبات التي تحل المشكل لا التي تخلق المشاكل ، اما الجزائر العميقة فهي تخرج يوم الجمعة كما يخرج جموع (اودان) والذين تتحدث عنهم الذين مع الإنتخبات ، فنحن نعرفهم ، والفاهم يفمهم

  • عبدالله FreeThink

    كنت اتمنى رؤية خرشي النوي وجمال عباس ومسدور يرشحون مرشحا واحدا بالتالي يستطيعون تجاوز مرحلة التوقيعات. لكن عدم التفاهم, وتأخر الجميع في التحضير وعدم وضوح الرؤية من قبل وقلة الوقت وبقايا العصابة في ادارة التوقيعات في البلديات. .. حالت دون ذلك.
    اليوم. لابد ان نكون براغماتيين, فندعم المرشح ذا التوجه الوطني النوفمبري ولو من زاوية احسن السيئين, رغم تحفظي علي هذا الوصف.
    لابد أن ننظر الى المستقبل ونتوحد ضد الفساد شعبا وجيشا, لن ينتظرنا العالم ولن نخاطر بالقمار والرهان على مراحل انتقالية.
    اقول للجميع خاصة التيار النوفمبري الباديسي كلام حكمة, جهزوا للانتخابات البرلمانية والمحلية من الآن.

  • البشير

    مترشحون من "قصدير"(هذا تعبيرك أنت) وناخبون "كاشيريست"، هل هذه هي الجزائر التي تريدها؟ أما عن العفوية والحرية في إبداء الرأي فهذا كلام فارغ والشمس لا تحجب بغربال.