-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

خربشات فرانكفونية

خربشات فرانكفونية
ح.م

خربشات لا يأخذ بها عقل مؤمن بقدسية عقيدته، ورمزها الأعظم، فـ”أصلها ثابت وفرعها في السماء” لا يزعزع بشر أركانها، في خربشات عبثية، لا تملأ فراغا عقليا في عصر عولمة ابتلعت الخصائص الإنسانية للوجود.

هزيمة عقل فقد القدرة على العطاء، وتناسى أبجدية الكتابة بحروف إنسانية تدون أصدق القيم في حضارة يعلو صرحها المعاصر بقواسم إنسانية مشتركة، فلجأ إلى خربشات بألوان ريشة ملوثة لا يضعها بين أصابعه سوى كائن أصيب بانهيار عصبي أمام هول هزيمة فكرية ضربت وجوده، ولم يعد لديه ما يتباهى به، في صراع ثقافي وتعارض عقائدي.

فراغ فكري، وصراع مذاهب فكرية، يهز أركان “الفرانكفونية”، أقل عنفا من صراعات بدايات القرن العشرين التي دفعت بالنخبة الفرنسية إلى الاستشراق كملجإ من مساوئ تضارب التيارات وما ولدته من ضياع عقلي لم يضمن شروط الحصانة.

صراع اختارت “الفرانكفونية” الدخول فيه، وهي تفقد قواعدها الشعبية المتخلية عن مضامينها، واهمة ببلوغ مكاسب تعوض خسائرها الحضارية في عقود مضت، صراع لم يكن صدفة، جاء ممنهجا في توقيتات خاطئة، وأماكن فاقدة لخصائص الاستقرار.

ولادات العظماء الفرنسيين الذين رسموا مسارات إنسانية تاريخية، انقطعت وانقطعت معها سلسلة التطور الحضاري، ديكارت وفولتير وجان جاك روسو وجان بول سارتر وسيمون دي بوفوار وكلود مونيه، ولم يبق سوى أشخاص لا يجيدون إلا الخربشة في زمن غياب المخيلة الناشطة في عقل مفكر يتحاشى الصراع الناتج عن تعارض عقائدي.

ثقافة الخربشات في زمن القحط الفكري، أضحت عنوانا معاصرا في باريس، أما الثقافة الإنسانية فلا وجود لها إلا في مقبرة العظماء التي بناها لويس الخامس عشر في القرن الثامن عشر، إرثا غير قابل للتجديد.

متاهات دخلت فيها فرنسا المعاصرة بحثا عن منفذ مستحيل يطل على حياة حضارية جديدة لا يطؤها غير المؤمنين بإنسانية الوجود، متاهات الصراع مع عقائد دينية تؤكد السماء حقيقتها المطلقة.

هجمة فرنسية راهنة، جعلت قضية المسلم “الإبراهيمي”، قضية الدفاع عن حقه المشروع المدون في مبادئ حقوق الإنسان، وقضية النزوع إلى التحرر والانعتاق، إنها قضية الارتقاء في سلم مسيرته الإنسانية التي فقدت أولوياتها المنطقية أمام الهجمة الإعلامية التي انتزعت وجوده الحضاري وأفرغت ذاته من خصوصياته الآدمية وجعلت منه مخلوقا “إرهابيا” لا يستحق الحياة.

لقد أضحت أولوية المسلم الحق في نضاله اليومي لإثبات إنسانيته وإعلاء صلته بالسماء العلا عبر رسالة سماوية سمحاء بعث بها الله للعالمين، وامتلاكه لكل خصائص البشر الذين يشغلون دورهم الكوني في تعبيد الطريق الحضاري بأرقى قيم السماح والانفتاح في حوار الثقافات والعقائد.

معركة خاسرة تجني باريس خيبات مساوئها، يخوضها الرئيس مانويل ماكرون بانفعال عصبي، أخذ شكل صراع عقائدي، يجرد “الفرانكفونية” من عقلانية يحرمها من حق البقاء في هذا الكون البشري الذي يكسر كل حواجز التباعد والعزلة، ولا تزعزع خربشات عقل قاصر ثوابته المقدسة :

” إنا كفيناك المستهزئين “

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!