-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

خطاب الكراهية و”زئبق” الاحتقان!

محمد حمادي
  • 1131
  • 6
خطاب الكراهية و”زئبق” الاحتقان!

مع كلّ حراك اجتماعي بمطالب مشروعة تشهده منطقة ما في الوطن، تركب الأصوات الشاذة الموجة لتفرز جوقة غير متناسقة في عزفها، تنفخ في رماد الفتنة المقيتة، لتؤجج خطاب الكراهية، الذي أضحى يتغذّى من صحون الجهوية والعنصرية، التي أصبحت أكثر خطرا على تماسك أبناء البلد الواحد؛ فالجميع يرمي الجميع بالجهل والتخلف الحضاري، والجميع يرى نفسه عرّاب الرقي الإنساني، لأنّ الجميع مختلف عن الجميع في المطالبة بحقوقه ولا يرى من الزاوية ذاتها التي يرى منها غيره، فتحوّل الاختلاف إلى صراع تنبعث منه حمم الكراهية!
“الظاهرة الورقلية” في مقاطعة حفلات الغناء كأسلوب راق للمطالبة بتحسين الإطار المعيشي، ها هي تمتد إلى عدد من ولايات الوطن، زارعة بذور الوعي لدى ساكنه هذا الوطن، الذين لا يريدون من المسؤولين سوى الكفّ عن هدر المال العام وتحويله إلى مشاريع تأتي بالنّفع على الجميع. لكن ما المشكل في هذا الطرح؟ ولماذا أضحى معتنقوه يرمون بالجهل والظلامية والتعصّب من طرف من يرون أنفسهم حداثيين وتنويريين؟
كيف يسمع هؤلاء المغلوب على أمرهم آهاتهم إلى المسؤولين وكل أبواب الحوار موصدة؟ أليست مقاطعة حفل غنائي ضربا من ضروب الاحتجاج السلمي على تردي الأوضاع؟ ما المانع أن ننتقد ونبدي آراءنا دون إهانة أو إساءة أو شتم أو تجريح في حق الأشخاص الذين نختلف معهم؟ لماذا نصرّ على إيقاظ الفتنة ونستدعي أدوات تأجيجها في كلّ مرّة؟ ألا يكفي ما حصدناه من مآسٍ طيلة عشرية كاملة من الدم والدمار والخراب؟ أم إننا أصبنا بفقدان الذاكرة؟
للأسف، أصبحنا نحن معشر الجزائريين، نتناقش بغلّ ونختلف بحقد، ففشلنا في كبح جماح الكراهية، وأصبحنا من ضحايا خطابها المهين، لقد أبدعنا في نحت مصطلحات الاحتقار والازدراء لبعضنا البعض، فرفعنا زئبق الاحتقان والتشنج وقضينا على أشكال التقارب بين أبناء البلد الواحد.
في الرياضة، في الفن كما في السياسة وسائر المجالات الأخرى، لا يزال خطاب الكراهية هو السيّد، لم نعد نتجادل بالأفكار والحجج والبراهين، صرنا أقرب إلى لغة السب والشتم والعنف الجسدي، كي نصل إلى مرادنا؛ لأنّنا ببساطة لم ننشأ اجتماعيا في أسرنا ومدارسنا ومساجدنا ومحيطنا، على نمط حضاري في التفكير اسمه “الرأي والرّأي الآخر”، لم نتعوّد على العيش معا في كنف الاختلاف، الذي لا يفسد للودّ قضية.
حتّى النخب “المزيفة” التي تمارس الوصاية على شؤون العامة وترى في نفسها الوحيدة التي تمتلك الحقيقة المطلقة، عليها هي أيضا أن تفك نفسها من هذه النزعة النرجسية، المتلونة بعقدة التعالي، لكون التكنولوجيا الرّقمية فجرت أطر الزمن والمكان، وأنتجت فاعلا ميديائيا يسبح في الشبكة العنكبوتية ويؤثر ويتأثر بكل ما تموج به الساحة الوطنية من أحداث وقضايا تشكل الصّالح العام، فيتفاعل معها ويشارك في إثراء النقاش حولها.
هذه النخب التي تدعي امتلاك أدوات التحاليل، وتتمتع بملكة فكرية تمكنها من القراءة بين سطور الأحداث واستشراف الأوضاع في هذا البلد، عليها أن تراجع آلياتها في نقد الواقع الجزائري، بأن تستخدم خطابا منفتحا غير إقصائي يتيح للجميع التعبير عن آرائه بكل حريّة في كنف الاحترام دون تجريح أو سبّ أو شتم أو رمي بنعوت الجهل والظلامية والتعصّب.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
6
  • وناس فرنسا

    الزوبعة قامت ليس لأن السهرة المبرمجة في ورقلة ألغيت أو أن السكان تظاهروا ضد الحفلات
    قامت الدنيا ولم تقعد عندما قام المتظاهرين بصلاة المغرب والعشاء في مكان الحفل
    فأتهموهم بأنهم ضد الغناء والمغنيين وضد الثقافة وأنهم يريدون العودة للعشرية السوداء
    وقد أكدوا المتظاهرين أنهم ليسوا ضد الغناء ولا ضد المغنيين بل قالوا أن الوقت غير
    مناسب للسماع الغناء ولا السهرات من أولاوياتنا قالوا نريد مناصب شغل والسكن
    ماء شروب في الحنافيات وكهرباء لا ينقطع في جو تصل فيه درجة الحرارة الى 50
    درجة قالوا نريدوا بنية تحتية تليق بمستوى الجزائر كأغنى دولة في أفريقيا

  • ahmed hamdoune

    الفتنة يا أستاذ يحاول إيقاضها و تأجيجها من يظنون أنهم أصحاب الطرح الصحيح الوحيد و رأيهم من رأي الله و يحاولون فرض نمط معيشي على الناس و يسمحون لأنفسهم بأن يمنعوا عن الشباب أسباب الراحة و الترفيه و يغالطون الناس باستخدام الدين كسلاح لتنكيد معيشة الناس عوض التوجه إلى المسؤولين الحقيقيين عن مشاكلهم. و ما أشبه اليوم بالأمس مادمت تتحدث عن الذاكرة فإني أذكرك حاملي شعار عليها نحيا و عليها نموت اغتالوا عبد القادر علولة و عزالين مجوبي و الشاب عزيز و الشاب حسني و غيرهم من الفنانين و المثقفين على أساس أنهم مفسدون للمجتمع، فهل صلح المجتمع؟! لقد تحجب الفساد و التحى و لم نعد نعرف الصالح من الطالح كفى .

  • samir badr

    عندما تم هدم مسجد اغريب بتيزي وزو واقيم حفل راقص فوقه لم ينطق احد من هؤلاء التنويريين دعاة التحضر

  • Mohamed-tlm

    Observer la situation géopolitique qui nous menace La contrebande transnationale et son réseau de communication virtuel La propagande médiatique Les défis du développement Le changement climatique La sécheresse L'alimentation électrique et en eau potable La question identitaire Le royaume numide La culture arabo-musulmane Le patrimoine ottoman La colonisation européenne L'indépendance La conservation des principes de l'État républicain C'est une étape de transformation sous l'effet de la technologie et son impacte sur l'existence d'un modèle plus performanct aux différents challenges

  • انسان

    انه الغرور ...

  • ابن الجزائر

    يقول المثل الجزائري :" لا يعجبك نوار الدفلة في الواد عامل ضلايل ولا زين الطفلة حتى تعرف الفعايل ".كنت أسمع ياأستاد الى الشياتين بالأستمرارية ولد عباس وبن حمو "الجزائر تحكم وتوجه من طرف" ابن وولد" قال الشيات بن حمو بلسانه : ...أحب من حب وكره من كره" قلت لماد ا رئيسة وزراء كرواتنا لاتقبلني عبدا عندها أو نتناياهو ،ولا أن أكون عبدا عند مثل بابا نوال والشيات بن حمو .أترك هدا الغاشي في سباته العميق ويوم يفطن فانك لا تجد لا "ولد" ولا "ابن" في بلادي المسكينة قالو له يافرعون ما فرعنك قال لهم لن أجد ما يوقف فرعنتي .أبحث ياأستاد عن أصل وفصل "ابن" و"ولد" سنغرف كل الحقيقة